قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا﴾، قال ابن عباس ومجاهد والسدي وابن زيد [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 9/ 10 من عدة طرق جيدة عن ابن عباس ومجاهد والسدي وابن زيد، وأخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1529 بسند جيد عن مجاهد، وهو في "تفسيره" 1/ 241 قال ابن أبي حاتم: (وروي عن السدي وعطاء الخراساني مثل ذلك)، وهذا القول هو قول عامة أهل التفسير واللغة. انظر: "مجاز القرآن" 1/ 223، و"معاني الأخفش" 2/ 307، والزجاج 2/ 361، و"تفسير الطبري" 9/ 9، و"معاني النحاس" 3/ 58، و"تفسير السمرقندي" 1/ 558.]]: (أولم يتبين)، والمراد بقوله: ﴿لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ﴾ كفار مكة ومن حولهم، قاله ابن عباس [["تنوير المقباس" 2/ 115، وذكره أبو حيان في "البحر" 4/ 350.]] ومجاهد [[لم أقف عليه، وهو قول السمرقندي 1/ 558، والقرطبي 7/ 254.]]، و [[لفظ: (الواو) ساقط من (ب).]] أما فاعل الهداية في قوله: ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ﴾ فقال [[في (ب): (قال الزجاج فقال المعنى أو لم يبين)، وهو تحريف.]] الزجاج: (كأن المعنى: أولم يبين الله أنه لو يشاء) [["معاني الزجاج" 2/ 361، وهو قول السمرقندي 1/ 558.]].
وقال غيره: [المعنى [[لفظ: (المعنى) ساقط من (ب).]] أولم يهد لهم مشيئتنا) فـ (أن) [[في (ب): (وأن) بالواو.]] في قوله: ﴿أَنْ لَوْ نَشَاءُ﴾ في موضع رفع لأنه فاعل (يهد)، والمعنى: أولم يهد لهم أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم؛ كما قال في آية أخرى: ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا﴾ [السجدة: 26]، وهذا هو قول أبي عبيد [[في (ب): (أبو عبيدة) ولم أقف عليه عنهما، وقال السمين في "الدر" 5/ 393: (الأظهر في فاعل يهدي أنه المصدر المؤول من أن وما في حيزها والمفعول محذوف والتقدير: أو لم يهد أي يبين ويوضح للوارثين مآلهم وعاقبة أمرهم وإصابتنا إياهم بذنوبهم لو شئنا ذلك، فقد سبكنا المصدر من أن ومن جواب لو) اهـ. وانظر: "إعراب النحاس" 1/ 627، و"المشكل" 1/ 296 - 197، و"غرائب الكرماني" 1/ 415، و"البيان" 1/ 369، و"التبيان" ص 384، و"الفريد" 2/ 336، وفي الجميع الفاعل قوله: ﴿أَنْ لَوْ نَشَاءُ﴾.]].
وقوله تعالى: ﴿أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ﴾. قال ابن عباس: (يريد أخذناهم) [[لم أقف عليه.]]. وقال الكلبي [["تنوير المقباس" 2/ 115.]] ومجاهد [[لم أقف عليه.]]: (عذبناهم).
وقوله تعالى: ﴿وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾. قال ابن الأنباري: (هذا فعل مستأنف و [[لفظ: (الواو) ساقط من (ب).]] منقطع من الذي قبله؛ لأن قوله أصبنا ماضٍ، ﴿وَنَطبَعُ﴾ مستقبل) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 213، والسمين في "الدر" 5/ 394.]].
وقال أبو إسحاق: (المعنى: ونحن نطبع على قلوبهم) [["معاني الزجاج" 2/ 361 وفيه: (لأنه لو حمل على ﴿أَصَبْنَاهُمْ﴾ لكان و (لطبعنا) لأنه على اللفظ الماضي وفي معناه. ويجوز أن يكون محمولًا على الماضي ولفظه لفظ المستقبل، كما ﴿أَنْ لَوْ نَشَاءُ﴾ معناه: لو شئنا) اهـ.]].
قال أبو بكر: (ويجور أن يكون معطوفاً على أصبنا إذ كان بمعنى: نصيب، والتأويل: أن لو نشاء نصيبهم ونطبع، فوضع الماضي في موضع المستقبل عند وضوح معنى الاستقبال؛ كقوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ﴾ [الفرقان: 10] والمعنى: يجعل؛ يدل علي ذلك قوله: ﴿وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا﴾) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 213، وابن الجوزي 3/ 235، وأبو حيان في "البحر" 4/ 351، والسمين في "الدر" 5/ 394.]] [الفرقان: 10].
قال الفراء: (وجاز أن تُرد (يَفْعَلُ) على (فَعَلَ) في جواب (لو) كما قال: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ﴾ [يونس: 11]، قوله: ﴿فَنَذَرُ﴾ مردودة على ﴿لَقُضِيَ﴾ وإذا جاءك جواب (لو) آثرت فيه (فَعَلَ) على (يَفْعَلُ)، وعطف (فَعَلَ) على (يَفْعَلُ)، و (يفعل) على (فَعَلَ)، جائزة لأن التأويل كتأويل الجزاء) [[انظر: "معاني الفراء" 1/ 386، وقال أبو حيان في "البحر" 4/ 350 - 351: (الظاهر أنها جملة مستأنفة أي: نحن نطبع على قلوبهم والمعنى: إن من أوضح الله == له سبل الهدى وذكر له أمثالًا ممن أهلكه الله تعالى بذنوبهم وهو مع ذلك دائم على غيه لا يرعوي يطبع الله على قلبه فينبو سمعه عن سماع الحق) اهـ، وانظر: "إعراب النحاس" 1/ 627، و"الكشاف" 2/ 99، وابن عطية 6/ 20، والرازي 14/ 187، و"الفريد" 2/ 336، و"الدر المصون" 5/ 395.]]. وفي قوله: ﴿وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ تكذيب للقدرية، ودليل على أن الله تعالى إذا شاء وطبع على قلبٍ فلا يعي خيراً ولا يسمع هدى [[انظر: "تفسير الرازي" 14/ 187.]].
{"ayah":"أَوَلَمۡ یَهۡدِ لِلَّذِینَ یَرِثُونَ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِ أَهۡلِهَاۤ أَن لَّوۡ نَشَاۤءُ أَصَبۡنَـٰهُم بِذُنُوبِهِمۡۚ وَنَطۡبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا یَسۡمَعُونَ"}