القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[١٠٠] ﴿أوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأرْضَ مِن بَعْدِ أهْلِها أنْ لَوْ نَشاءُ أصَبْناهم بِذُنُوبِهِمْ ونَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهم لا يَسْمَعُونَ﴾
﴿أوَلَمْ يَهْدِ﴾ " أيْ يَتَبَيَّنُ ﴿لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأرْضَ مِن بَعْدِ أهْلِها﴾ أيِ المَأْخُوذِينَ.
(p-٢٨٢٨)﴿أنْ لَوْ نَشاءُ أصَبْناهم بِذُنُوبِهِمْ﴾ أيْ كَما أصَبْنا مَن قَبْلَهم فَأهْلَكْنا الوارِثِينَ كَما أهْلَكْنا المَوْرُوثِينَ ﴿ونَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهم لا يَسْمَعُونَ﴾ أيْ نَخْتِمُ عَلَيْها فَلا يَقْبَلُونَ مَوْعِظَةً ولا إيمانًا.
قالَ أبُو البَقاءِ: يُقْرَأُ (يَهْدِ) بِالياءِ، وفاعِلُهُ (أنْ لَوْ نَشاءُ). وأنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ، أيْ: أوْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهم عِلْمُهم بِمَشِيئَتِنا. ويُقْرَأُ بِالنُّونِ. و(أنْ لَوْ نَشاءُ) مَفْعُولُهُ. وقِيلَ: فاعِلُ (يَهْدِي) ضَمِيرُ اسْمِ اللَّهِ تَعالى. انْتَهى.
ويُؤَيِّدُهُ قِراءَةُ النُّونِ، وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ ضَمِيرًا عائِدًا عَلى ما يُفْهَمُ مِمّا قَبْلَهُ، أيْ: أوَلَمْ يَهْدِ ما جَرى لِلْأُمَمِ السّابِقَةِ، وتَعْدِيَةُ (يَهْدِ) بِاللّامِ، لِأنَّهُ بِمَعْنى (يُبَيِّنُ) إمّا بِطَرِيقِ المَجازِ، أوِ التَّضْمِينِ.
قالَ الشِّهابُ: وإنَّما جَعَلَ بِمَعْنى (يُبَيِّنُ)، وإنْ كانَ (هَدى) يَتَعَدّى بِنَفْسِهِ، وبِاللّامِ وبِإلى -لِأنَّ ذَلِكَ في المَفْعُولِ الثّانِي لا في الأوَّلِ، كَما هُنا، فَهَذا اسْتِعْمالٌ آخَرُ. وقِيلَ: لَكَ أنْ تَحْمِلَ اللّامَ عَلى الزِّيادَةِ، كَما في ﴿رَدِفَ لَكُمْ﴾ [النمل: ٧٢] والمُرادُ بِ(الَّذِينَ)، أهْلُ مَكَّةَ ومَن حَوْلَها، كَما نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما -انْتَهى.
وقَوْلُهُ تَعالى:
{"ayah":"أَوَلَمۡ یَهۡدِ لِلَّذِینَ یَرِثُونَ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِ أَهۡلِهَاۤ أَن لَّوۡ نَشَاۤءُ أَصَبۡنَـٰهُم بِذُنُوبِهِمۡۚ وَنَطۡبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا یَسۡمَعُونَ"}