الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾، اختلفوا في إدخال الواو في (يقول) فقرأ أهل الحجاز والشام: (يقول) بغير واو [[قراءة أبي عمرو وعاصم وحمزة والكسائي، انظر: "الحجة" لأبي علي الفارسي 3/ 229، "النشر" 2/ 254.]]، وقرأ أهل العراق: (ويقول) بالواو [[قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر، انظر: "الحجة" لأبي علي الفارسي 3/ 229، "النشر" 2/ 254.]]، وحذف الواو ههنا كإثباتها، وذلك أن في الجملة المعطوفة ذكراً من المعطوف عليها، وهو أن الذين وصفوا بقوله: (يسارعون فيهم) إلى آخر الآية، هم الذين قال فيهم المؤمنون: ﴿أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ﴾ الآية، فلما صار في كل واحدة من الجملتين ذكر من الأخرى، حسن العطف بالواو وبغير الواو، كما أن قوله: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ﴾ [الكهف: 22]، لما كان في كل واحدة من الجملتين ذكر مما تقدم اكتفى بذلك عن الواو؛ لأنها بملابسة بعضها ببعض ترتبط إحداهما [[في (ج) و (ش): (إحديهما).]] بالأخرى كما ترتبط بحرف العطف، ويدلك على حسن دخول الواو قوله: ﴿وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ﴾ [الكهف: 22]. فحذف الواو من قوله: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ كحذفها من قوله: ﴿رَابِعُهُمْ﴾ وقوله: ﴿سَادِسُهُمْ﴾ وإلحاقها كإلحاقها في قوله: ﴿وَثَامِنُهُمْ﴾، وقد جاء التنزيل بالأمرين في غير موضع [["الحجة للقراء السبعة" 3/ 231 - 232.]]، واختلفوا أيضاً في إعراب: (ويقول) فقرأ أبو عمرو: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ نصباً على معنى: وعسى أن يقول الذين آمنوا [[انظر: "الحجة" 3/ 231.]]، وأما من رفع فإنه جعل الواو لعطف جملة على جملة، ولم يجعلها عاطفة على مفرد. ويدل على قوة الرفع قولُ من حذف الواو فقال: (يقول الذين آمنوا) [["الحجة" 3/ 231.]]. قال الزجاج: ويقول الذين آمنوا في ذلك الوقت، أي: في وقت يظهر الله نفاقهم [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 182، وانظر: "تفسير البغوي" 3/ 69.]]. وقوله تعالى: ﴿أَهَؤُلَاءِ﴾، يعني: المنافقين، قاله ابن عباس، والكلبي [["تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 117، انظر: "زاد المسير" 2/ 381.]]، ﴿أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾، قال عطاء: حلفوا ﴿بِاللهِ﴾ بأغلظ الأيمان [[ساقه المؤلف في الوسيط 2/ 198 ابتداء دون نسبة. وكذا البغوي 3/ 69، ونسبه ابن الجوزي "زاد المسير" 2/ 380 لابن عباس.]]، ونصب ﴿جَهْدَ﴾ لأنه مصدر، أي: جهدوا جهد أيمانهم، وقال أبو إسحاق: أي: يقول المؤمنون للذين باطنهم وظاهرهم واحد: أهؤلاء الذين حلفوا وأكدوا أيمانهم أنهم مؤمنون، وأنهم معكم وأعوانكم على من خالفكم. ﴿حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ أي: ذهب ما أظهروه من الإيمان، وبطل كل خير عملوه بكفرهم وصدهم عن سبيل الله، كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: 1] [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 181، 182، انظر: "بحر العلوم" 1/ 443، "تفسير البغوي" 3/ 69.]]، وقال الكلبي: "بطلت حسناتهم" [["تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 117.]]. وقوله تعالى: ﴿فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ﴾ [المائدة: 53]، قال عطاء عن ابن عباس: "خسروا الدنيا والآخرة، أما الدنيا فليس هم من الأنصار، وأما الآخرة فقرنهم الله مع الكفار" [[لم أقف عليه.]]. وقال الكلبي: ﴿فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ﴾ مغبونين بأنفسهم ومنازلهم في الجنة، وصاروا إلى النار، وورثها المؤمنون [[لم أقف عليه، انظر: "الوسيط" 2/ 198.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب