الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ والنَّصارى أوْلِياءَ﴾ اخْتَلَفَ أهْلُ التَّفْسِيرِ فِيمَن نَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الآيَةُ عَلى ثَلاثَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها نَزَلَتْ في عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولَ، حِينَ تَبَرَّأ عُبادَةُ مِن حِلْفِ اليَهُودِ وقالَ: أتَوَلّى اللَّهَ ورَسُولَهُ حِينَ ظَهَرَتْ عَداوَتُهم لِلَّهِ ولِرَسُولِهِ. وَقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: لا أتَبَرَّأُ مِن حِلْفِهِمْ وأخافُ الدَّوائِرَ، وهَذا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ. والثّانِي: أنَّها نَزَلَتْ في أبِي لُبابَةَ بْنِ عَبْدِ المُنْذِرِ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى بَنِي قُرَيْظَةَ لَمّا نَقَضُوا العَهْدَ أطاعُوا بِالنُّزُولِ عَلى حُكْمِ سَعْدٍ أشارَ إلى حَلْقِهِ إلَيْهِمْ أنَّهُ الذَّبْحُ، وهَذا قَوْلُ عِكْرِمَةَ. والثّالِثُ، أنَّها نَزَلَتْ في رَجُلَيْنِ مِنَ الأنْصارِ خافا مِن وقْعَةِ أُحُدٍ فَقالَ أحَدُهُما لِصاحِبِهِ: ألْحَقُ بِاليَهُودِ وأتَهَوَّدُ مَعَهم، وقالَ الآخَرُ: ألْحَقُ بِالنَّصارى فَأتَنَصَّرُ مَعَهم لِيَكُونَ ذَلِكَ لَهُما أمانًا مِن إدالَةِ الكُفّارِ عَلى المُسْلِمِينَ، وهَذا قَوْلُ السُّدِّيِّ. ﴿وَمَن يَتَوَلَّهم مِنكم فَإنَّهُ مِنهُمْ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: مُوالاتُهم في العَهْدِ فَإنَّهُ مِنهم في مُخالَفَةِ الأمْرِ. والثّانِي: مُوالاتُهم في الدِّينِ فَإنَّهُ مِنهم في حُكْمِ الكُفْرِ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ. (p-٤٧)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَتَرى الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أنَّ المَرَضَ الشَّكُّ وهو قَوْلُ مُقاتِلٍ. والثّانِي: النِّفاقُ، وهو قَوْلُ الكَلْبِيِّ. وَفِيهِمْ قَوْلانِ: أحَدُهُما: المَعْنِيُّ بِهِ عُبادَةُ بْنُ الصّامِتِ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ سَلُولَ، وهَذا قَوْلُ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ. والثّانِي: أنَّهم قَوْمٌ مِنَ المُنافِقِينَ. ﴿يَقُولُونَ نَخْشى أنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ﴾ والدّائِرَةُ الدَّوْلَةُ تَرْجِعُ عَمَّنِ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ إلى مَن كانَتْ لَهُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأنَّها تَدُورُ إلَيْهِ بَعْدَ زَوالِها عَنْهُ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ ؎ يَرُدُّ عَنّا القَدَرَ المَقْدُورا ودائِراتِ الدَّهْرِ أنْ تَدُورا ﴿فَعَسى اللَّهُ أنْ يَأْتِيَ بِالفَتْحِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: يُرِيدُ فَتْحَ مَكَّةَ، قالَهُ السُّدِّيُّ. والثّانِي: فَتْحُ بِلادِ المُشْرِكِينَ عَلى المُسْلِمِينَ. والثّالِثُ: أنَّهُ القَضاءُ الفَصْلُ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿افْتَحْ بَيْنَنا وبَيْنَ قَوْمِنا بِالحَقِّ﴾ [الأعْرافَ: ٨٩]، قالَهُ قَتادَةُ. ﴿أوْ أمْرٍ مِن عِنْدِهِ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: هو دُونَ الفَتْحِ الأعْظَمِ. الثّانِي: أنَّهُ مَوْتُ مَن تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ المُنافِقِينَ. الثّالِثُ والرّابِعُ: أنَّهُ الجِزْيَةُ، قالَهُ السُّدِّيُّ.(p-٤٨)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب