الباحث القرآني

* اللغة: (دائِرَةٌ) : الدائرة من الصفات الغالبة التي لا يذكر معها موصوفها. وفرق الراغب في مفرداته: بين الدائرة والدولة بأن الدائرة هي الخط المحيط، ثم عبّر بها عن الحادثة، وإنما تقال في المكروه، والدولة في المحبوب. وعن عبادة بن الصامت أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لي موالي من يهود، كثيرا عددهم، وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولايتهم، وأوالي الله ورسوله. فقال عبد الله بن أبيّ: إني رجل أخاف الدوائر، لا أبرأ من ولاية مواليّ. وهم يهود بني قينقاع. (حَبِطَتْ) أي بطلت التي كانوا يتكلفونها في رأي الناس. * الإعراب: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ) يجوز أن تكون الفاء استئنافية، والكلام مستأنفا مسوقا لبيان كيفية ولائهم ولسببه ولما يئول اليه أمرهم ومصيرهم. ويجوز أن تكون عاطفة والكلام معطوفا على قوله: «إن الله لا يهدي القوم الظالمين» . وعلى كل حال لا محل لها، وترى فعل مضارع، والرؤية إما بصرية أو علمية، والذين مفعول به، وفي قلوبهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، ومرض مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية صلة الموصول، وجملة يسارعون إما حال إذا كانت الرؤية بصرية، وإما مفعول به ثان إذا كانت الرؤية علمية، وفيهم جار ومجرور متعلقان بيسارعون. (يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ) الجملة في محل نصب على الحال من ضمير «يسارعون» وجملة نخشى في محل نصب مقول القول، والمصدر المؤول من أن وما في حيزها مفعول نخشى، ونا ضمير متصل في محل نصب مفعول به، ودائرة فاعل (فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ) الفاء استئنافية، وعسى من أفعال الرجاء وتعمل عمل «كان» ، والله اسمها، وأن يأتي مصدر مؤول خبرها، وقد تقدم أن الأكثر في خبر عسى أن يكون فعلا مضارعا مقترنا بأن، وبالفتح متعلقان بيأتي، أو أمر معطوف على الفتح، ومن عنده متعلقان بمحذوف صفة لأمر (فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ) الفاء عاطفة أو سببية، ويصبحوا معطوفة على يأتي، أو منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية، لأنها سبقت بعسى، وهي للرجاء، ويصبحوا فعل مضارع ناقص، الواو اسمها، وعلى ما متعلقان بنادمين، وجملة أسروا لا محل لها لأنها صلة الموصول، وفي أنفسهم متعلقان بأسروا، ونادمين خبر «أصبح» (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا: أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) الواو استئنافية، والكلام مستأنف مسوق لبيان ما يقوله المؤمنون. ويقول الذين فعل مضارع وفاعل، وجملة آمنوا صلة الموصول، وقرىء بنصب «يقول» عطفا على «أن يأتي» ، وقرىء من دون واو، فهي مستأنفة أيضا. والهمزة للاستفهام التعجبي، واسم الاشارة مبتدأ، والذين خبر، والجملة في محل نصب مقول القول، وجملة أقسموا صلة الموصول، وبالله متعلقان بأقسموا، وجهد أيمانهم مفعول مطلق أو حال (إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ) الجملة لا محل لها لأنها جواب القسم، وإن واسمها، واللام المزحلقة، ومعكم ظرف متعلق بمحذوف خبر إن (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ) جملة مستأنفة، قيل: هي من كلام الله، وعليه أكثر المعربين. وقيل: هي من قول المؤمنين، وعليه الزمخشري وأبو حيّان. وأعمالهم فاعل حبطت، والفاء عاطفة، وأصبحوا فعل ماض ناقص، والواو اسمها، وخاسرين خبرها. * البلاغة: في قوله تعالى: «حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين» فن سماه قدامة الإغراب والطرفة. وهو على ثلاثة أقسام: 1- قسم يكون الإغراب منه في اللفظ، وهو كثير. 2- قسم يكون الإغراب منه في المعنى، كقول المتنبي: يطمّع الطير فيهم طول أكلهم ... حتى تكاد على أحيائهم تقع فإنه عمد إلى المعنى المعروف من كون الطير إنما تقع على القتلى وتتبع الجيوش، ثقة بالشبع، فتجاوزه بزيادة المبالغة المستحسنة لاقترانها ب «تكاد» إلى ما قال، فحصل في بيته من الإغراب والطرفة، ما لا يحصل لغيره. 3- وقسم لا يكون الإغراب في معناه ولا في ظاهر لفظه، بل في تأويله، وهو الذي إذا حمل على ظاهره كان الكلام معيبا وإذا تؤوّل رده التأويل إلى نمط من الكلام الفصيح، فأماط عن ظاهره العيب. والآية الكريمة منه، فإن لقائل أن يقول: إن لفظة «أصبحوا» في الظاهر حشو لا فائدة فيه، فإن هؤلاء المخبر عنهم بالخسران قد أمسوا في مثل ما أصبحوا، ومتى قلت: أصبح العسل حلوا، كانت لفظة «أصبح» زائدة من الحشو الذي لا فائدة فيه، لأنه أمسى كذلك. وقد تحيل الرمانيّ لهذه اللفظة في تأويل تحصل به الفائدة لجليلة التي لولا مجيئها لم تحصل، وهي أنه لما قال: لما كان العليل الذي قد بات مكابدا آلاما شديدة تعتبر حاله عند الصباح، فاذا أصبح مفيقا مستريحا من تلك الآلام رجي له الخير، وغلب على الظنّ برؤه وإفاقته من ذلك المرض، وإذا أصبح كما أمسى تعيّن هلاكه، بجريان العادة بهيجان الإعلال في الليل وسكونه عند الصباح. وشبهت حال الأشقياء بالعليل الذي أصبح من الألم على ما أمسى، فهو ممن ييئس من إصلاحه، وعلى هذا تكون لفظة «فأصبحوا» قد أفادت معنى حسنا جميلا، وخرجت عن كونها حشوا غير مفيد. ولما أخبر الله سبحانه بأنه حبطت أعمالهم علم بالقطع أنهم أصبحوا خاسرين، فلفظة «أصبحوا» لا يصلح غيرها في موضعها، ولا يتم المعنى إلا بها. وما مثّل به الرماني من قوله: «أصبح العسل حلوا وقد أمسى كذلك» إنما يقال هذا في الأمور الواقعة في دار الدنيا، لأن زمانها فيه صباح ومساء، فلما أصبح فيه على الحال التي يمسي عليها فذكر الصباح فيه والمساء حشو لا فائدة فيه، وأما يوم القيامة الذي لا مساء فيه فإن تمثيله بما أصبح في الزمن الذي يصاحبه مساء تمثيل غير مطابق له.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب