الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾ الآية. قال ابن عباس [[لم أقف على مصدر قوله.]]، والحسن [[لم أقف على مصدر قوله.]]، والضحّاك [[قوله في "تفسير الطبري" 4/ 198.]]، وابن جريج [[قوله في المصدر السابق.]]: هذه الآية تعزِيَةٌ للنبي ﷺ، في تكذيب اليهود إيَّاه، وجوابٌ لقائلٍ يقول: لو كان ما جاء به حقًّا لَصَدّق به مَن أتاه من العقلاء، وبيان أنهم إن كَذَّبوهُ، فالتكذيب عادة للأمم، وسائر الرُّسُل قد كُذّبوا كما كُذِّب. وقوله تعالى: ﴿وَالزُّبُرِ﴾. معناه: الكُتُب. وهو جَمْعُ (زَبُور). والزَّبُور: الكتاب؛ بمعنى: المَزْبُور؛ أي: المكتوب. يقال: (زَبَرْتُ الكِتَابَ)؛ أي: كتبته. وكُلُّ كِتَابٍ زَبُورٌ [[انظر: "تهذيب اللغة" 2/ 1506 (زبر)، و"تفسير الطبري" 4/ 198.]]. قال امرؤ القيس: لِمَنْ طَلَلٌ أبْصَرْتُهُ فَشَجانِي ... كَخَطِّ زَبُورٍ في عَسِيبِ يَمَانِ [[قوله: (عسيب) في (أ)، (ب)، (ج) لم تضبط بالشكل. البيت في "ديوانه" ص 165. وورد منسوبًا له في: "تفسير الطبري" 4/ 198، و"اللامات" 63، و"تفسير الثعلبي" 3/ 164ب، و"تفسير القرطبي" 4/ 296، و"المحرر الوجيز" 3/ 445، و"اللسان" 4/ 2434 (صرع). الطَّلَل: ما بقي من آثار الدار. وجمعها: (أطلال)، و (طُلُول). وقوله: (فشجاني) -هنا-: أحزنني، وترد بمعنى: أطربني؛ لأنها من الأضداد. والعَسيب: جريدة من النخل مستقيمة دقيقة، يُكْشَطُ خوصُها. ويريد الشاعر: أنه نظر إلى هذا الطَّلَل، فأحْزَنَه، حيث خفيت آثارُه واندَرَست، فأصبحت في خفائِها كخط كتابِ في عَسِيب النخلة. == قال شارح ديوانه عن البيت: (وقوله في (عسيب يَمَان): كان أهل اليمن يكتبون في عسيب النخلة، عهودهم وصِكاكَهِم). وقيل أيضًا (في عسيبِ يَمان): فهي بمعنى: في عسيب رجلٍ يَمَانِ. انظر: "المجمل" لابن فارس 522 (شجو)، و"اللسان" 5/ 2935 (عسب).]] وقال الزّجاج [[في: "معاني القرآن" له 1/ 495.]]: الزَّبُور: كلُّ كِتَابٍ ذي [[في "معاني القرآن": ذو.]] حِكْمَةٍ. وعلى هذا، يُشْبِهُ أنْ يكونَ معنى الزَّبُورِ، مِنَ: (الزَّبْرِ)، الذي هو: الزَّجْر. يقال: (زَبَرْتُ الرجلَ، أزْبُرُهُ زَبْرًا): إذا زَجَرْتُه مِنَ [[في (ج): (عن).]] الباطل [[انظر: (زبر) في: "تهذيب اللغة" 2/ 1506، و"اللسان" 3/ 1804. وقال الأزهري -ناقلًا عن أبي الهيثم-: (وأصل (الزَّبْر): طيُّ البئر؛ إذا طُوِيت تماسكت واستحكمت. والزَّبْرُ: الزجر؛ لأن من زبرته عن الغَيِّ، فقد أحكمته؛ كَزَبْرِ البِئْرِ بالطِّين).]]. وسمّي الكتاب: (زَبُورًا)؛ لما فيه من الزَّبْر عن خلاف الحق. وبه سُمِّي زَبُورُ داود؛ لِكثرة ما فيه من المَزَاجِرِ، والمواعظ. وقرأ [[من قوله: (وقرأ ..) إلى (.. حَسَن عربي): نقله -بمعناه- عن "الحجة" للفارسي 3/ 114.]] ابنُ عامر [[هو: أبو عمران، عبد الله بن عامر بن تميم اليَحْصَبي. إمام أهل الشام في القراءة، أحد القراء السبعة، توفي سنة (118 هـ). انظر: "الفهرست" ص 49، و"معرفة القراء الكبار" 1/ 82، و"النشر" 1/ 144.]]: ﴿وَبِاَلزُّبُرِ﴾ [[انظر قراءة ابن عامر في: "إعراب القراءت السبع" لابن خالويه 1/ 125، و"الحجة" للفارسي 3/ 113.]]، ووجهه أنه أعاد الباءَ، وإنْ كانَ مُسْتَغْنًى عنه؛ لِضَرْبٍ من التأكيد. ومما جاء على قياس هذه القراءة، قولُ رُؤبَة: يا دارَ عَفْراءَ وَدارَ البَخْدَنِ [[في (أ): (النجدو). وفي (ب): (النجدر). والمثبت من (ج)، ومصادر البيت. وهذا شطر بيت من الرجز، وقد ورد في: ديوانه (ضمن مجموعة أشعار العرب: 161). تصحيح: وليم بن الورد. ط ليبسغ سنة: 1903م). وقد ورد منسوبًا له، في: "كتاب سيبويه" 2/ 188، و"شرح أبيات سيبويه" للنحاس (تح: زهير غازي) 131، و"المخصص" 3/ 29، و"إعراب القرآن" المنسوب للزجاج 453. وورد غير منسوب، في "اللسان" 1/ 220 (بخدن). وقال في "اللسان": (وبَخْدَن، وبِخْدِن، كل ذلك اسم امراة)، ثم ذكر البيت، وضَبَطَها فيه: (البِخْدِنِ).]] فَكَرَّرَ الدارَ، والدار واحدةٌ لهما [[(لهما): ساقطة من (ج).]]. يدلك [[في (ج): (يدل).]] على ذلك: قوله: فيكِ المَهَا مِنْ مُطْفِلٍ ومُشْدِنِ [[في (ج): (ومشدّن) بتشديد الدال. وهي خطأ. والبيت تكملة للبيت السابق. انظر: ديوانه (ضمن مجموعة أشعار العرب: 160)، و"شرح أبيات سيبويه" للنحاس 131. المَها: بقر الوحش. وتجمع على (مَهَوَات)، و (مَهَيَات)، ومفردها: مَهَاة. انظر: "القاموس المحيط" ص 1336 (مهو). و (المَهَا المُطْفِل): التي لها أولادٌ صِغار. و (المها المُشْدِن): التي شَدَن ولدها، أي: قوي جسمُه وترَعْرَعَ، وطَلَع قرناه، واستغنى عن أمِّه. يقال: (شَدَنَ، يَشْدُن، شُدُونًا)، فـ (هو شَادِن). انظر: "اللسان" 4/ 2217 (شدن)، و"القاموس" ص 1336 (مهو)، ص1025 (طفل). ولم يورد الفارسي، في "الحجة" هذا المقطع من البيت، وإنما أورد بدلًا منه بيتًا آخر من نفس القصيدة، وهو: أمَا جَزَاءُ العارف المُسْتَيْقِنِ ... عندكِ إلّا حاجة التَّفَكُّنِ]] ولم يقل: فيكما. فكذلك كرَّرَ ابنُ عامر الباءَ، وكلا [[في (أ)، (ب)، (ج): (وكلي). والمثبت من: "الحجة"، للفارسي، وهو الصواب.]] الوجهين -مِن تكرير الباءِ وحَذْفِهِ- حَسَنٌ عربيٌّ. ومعنى [[(معنى): ساقط من (ج).]] قوله: ﴿جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ﴾ إلى آخرها؛ أي: بالمعجزات، وكتب المَزَاجِرِ، و ﴿الْكِتَابِ﴾ الهادي إلى الحق. و ﴿الْمُنِيرِ﴾؛ مِنْ قولك: (أَنَرْتُ الشيءَ، أُنِيرُه، إنَارَةً)؛ أي: بَيَّنتُه، وأوضحته، وفي الحديث: (فَرَض عمرُ بن الخطاب لِلجَدِّ، ثم أنارهما زيدُ ابن ثابت) [[ورد الأثر بهذا النص في: "تهذيب اللغة" 4/ 3479 (نور)، و"غريب الحديث"، لابن الجوزي 2/ 440، و"النهاية" لابن الأثير 2/ 125، و"اللسان" 8/ 4571 (نور). وأخرج نحوه عبد الرزاق، عن الزهري، قال: (إنما هذه فرائض عمر، ولكن زيد أثارها بعده، وفشت في الناس). "المصنف" 10/ 266، رقم (19060)، وانظر رقم (19061). وهكذا جاءت في "المصنف" (أثارها)، وأشار محققُه إلى ورودها في نسخة أخرى (أنارها).]]؛ أي: أوضحها. ويقال [[من قوله: (ويقال ..) إلى (.. واستبان بمعى واحد): نقله -بنصه- عن "تهذيب اللغة" 4/ 3482 (نور). وانظر: "اللسان" 8/ 4571 (نور).]]: (نارَ الشيءُ وأنَارَ، ونَوَّرَ، واستنار) بمعنى واحد. كما [[من قوله: (كما ..) إلى (بمعنى واحد): ساقط من (ج).]] يقال: (أبَانَ الشيءُ [[في "التهذيب" و"اللسان": (بان الشيء، وأبان ..).]]، وبَيَّنَ، وتَبَيَّنَ، واستَبَان) بمعنى واحدٍ. وعلى ما ذكرنا؛ (أنَارَ) يكون واقعًا ومُطاوعًا [[يعني بـ (الواقع): الفعل المتعدي، و (المطاوع): الفعل اللازم. انظر تفسير قوله تعالى: ﴿لِيُطْلِعَكُمْ﴾ من الآية: 179 من هذه السورة.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب