الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِن قَبْلِكَ جاءُوا بِالبَيِّناتِ والزُّبُرِ والكِتابِ المُنِيرِ﴾ ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ المَوْتِ وإنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكم يَوْمَ القِيامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النّارِ وأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وما الحَياةُ الدُّنْيا إلّا مَتاعُ الغُرُورِ﴾ .
فِي قَوْلِهِ: (فَإنْ كَذَّبُوكَ) وُجُوهٌ:
أحَدُها: فَإنْ كَذَّبُوكَ في قَوْلِكَ إنَّ الأنْبِياءَ المُتَقَدِّمِينَ جاءُوا إلى هَؤُلاءِ اليَهُودِ بِالقُرْبانِ الَّذِي تَأْكُلُهُ النّارُ فَكَذَّبُوهم وقَتَلُوهم، فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِن قَبْلِكَ: نُوحٌ وهُودٌ وصالِحٌ وإبْراهِيمُ وشُعَيْبٌ وغَيْرُهم.
والثّانِي: أنَّ المُرادَ: إنْ كَذَّبُوكَ في أصْلِ النُّبُوَّةِ والشَّرِيعَةِ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِن قَبْلِكَ، ولَعَلَّ هَذا الوَجْهَ أوْجَهُ، لِأنَّهُ تَعالى لَمْ يُخَصِّصْ، ولِأنَّ تَكْذِيبَهم في أصْلِ النُّبُوَّةِ أعْظَمُ، ولِأنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَهُ التَّكْذِيبُ في ذَلِكَ الحِجاجِ. والمَقْصُودُ مِن هَذا الكَلامِ تَسْلِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وبَيانُ أنَّ هَذا التَّكْذِيبَ لَيْسَ أمْرًا مُخْتَصًّا بِهِ مِن بَيْنِ سائِرِ الأنْبِياءِ، بَلْ شَأْنُ جَمِيعِ الكُفّارِ تَكْذِيبُ جَمِيعِ الأنْبِياءِ والطَّعْنُ فِيهِمْ، مَعَ أنَّ حالَهم في ظُهُورِ المُعْجِزاتِ عَلَيْهِمْ وفي نُزُولِ الكُتُبِ إلَيْهِمْ كَحالِكَ، ومَعَ هَذا فَإنَّهم صَبَرُوا عَلى ما نالَهم مِن أُولَئِكَ الأُمَمِ واحْتَمَلُوا إيذاءَهم في جَنْبِ تَأْدِيَةِ الرِّسالَةِ، فَكُنْ مُتَأسِّيًا بِهِمْ سالِكًا مِثْلَ طَرِيقَتِهِمْ في هَذا المَعْنى، وإنَّما صارَ ذَلِكَ تَسْلِيَةً لِأنَّ المُصِيبَةَ إذا عَمَّتْ طابَتْ وخَفَّتْ، فَأمّا البَيِّناتُ فَهي الحُجَجُ والمُعْجِزاتُ، وأمّا الزُّبُرُ فَهي الكُتُبُ، وهي جَمْعُ زَبُورٍ، والزَّبُورُ الكِتابُ، بِمَعْنى المَزْبُورِ أيِ المَكْتُوبَ، يُقالُ زَبَرْتُ الكِتابَ أيْ كَتَبْتُهُ، وكُلُّ كِتابٍ زَبُورٌ. قالَ الزَّجّاجُ: الزَّبُورُ كُلُّ كِتابٍ ذِي حِكْمَةٍ، وعَلى هَذا: (p-١٠١)الأشْبَهُ أنْ يَكُونَ مَعْنى الزَّبُورِ مِنَ الزَّبْرِ الَّذِي هو الزَّجْرُ، يُقالُ: زَبَرْتُ الرَّجُلَ إذا زَجَرْتَهُ عَنِ الباطِلِ، وسُمِّيَ الكِتابُ زَبُورًا لِما فِيهِ مِنَ الزَّبْرِ عَنْ خِلافِ الحَقِّ، وبِهِ سُمِّيَ زَبُورُ داوُدَ لِكَثْرَةِ ما فِيهِ مِنَ الزَّواجِرِ والمَواعِظِ. وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ ”وبِالزُّبُرِ“ أعادَ الباءَ لِلتَّأْكِيدِ، وأمّا ”المُنِيرِ“ فَهو مِن قَوْلِكَ أنَرْتُ الشَّيْءَ أيْ أوْضَحْتُهُ، وفي الآيَةِ مَسْألَتانِ:
المَسْألَةُ الأُولى: المُرادُ مِنَ البَيِّناتِ المُعْجِزاتُ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْها الزُّبُرَ والكِتابَ، وهَذا يَقْتَضِي أنْ يُقالَ إنَّ مُعْجِزاتِهِمْ كانَتْ مُغايِرَةً لِكُتُبِهِمْ، وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى أنَّ أحَدًا مِنَ الأنْبِياءِ ما كانَتْ كُتُبُهم مُعْجِزَةً لَهم، فالتَّوْراةُ والإنْجِيلُ والزَّبُورُ والصُّحُفُ ما كانَ شَيْءٌ مِنها مُعْجِزَةً، وأمّا القُرْآنُ فَهو وحْدَهُ كِتابٌ ومُعْجِزَةٌ، وهَذا أحَدُ خَواصِّ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: عَطْفُ ”الكِتابِ المُنِيرِ“ عَلى ”الزُّبُرِ“ مَعَ أنَّ الكِتابَ المُنِيرَ لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ مِنَ الزُّبُرِ، وإنَّما حَسُنَ هَذا العَطْفُ لِأنَّ الكِتابَ المُنِيرَ أشْرَفُ الكُتُبِ وأحْسَنُ الزُّبُرِ، فَحَسُنَ العَطْفُ كَما في قَوْلِهِ: ﴿وإذْ أخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهم ومِنكَ ومِن نُوحٍ﴾ [الأحزاب: ٧] وقالَ: ﴿مَن كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ ومَلائِكَتِهِ ورُسُلِهِ وجِبْرِيلَ ومِيكالَ﴾ [البقرة: ٩٨] ووَجْهُ زِيادَةِ الشَّرَفِ فِيهِ إمّا كَوْنُهُ مُشْتَمِلًا عَلى جَمِيعِ الشَّرِيعَةِ، أوْ كَوْنُهُ باقِيًا عَلى وجْهِ الدَّهْرِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِالزُّبُرِ: الصُّحُفَ، وبِالكِتابِ المُنِيرِ التَّوْراةَ والإنْجِيلَ والزَّبُورَ.
{"ayah":"فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَ رُسُلࣱ مِّن قَبۡلِكَ جَاۤءُو بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَٱلزُّبُرِ وَٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡمُنِیرِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق