الباحث القرآني

القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (١٨٤) ﴾ قال أبو جعفر: وهذا تعزية من الله جل ثناؤه نبيَّه محمدًا ﷺ على الأذى الذي كان يناله من اليهود وأهل الشرك بالله من سائر أهل الملل. يقول الله تعالى له: لا يحزنك، يا محمد، كذب هؤلاء الذين قالوا:"إن الله فقير"، وقالوا:"إن الله عهد إلينا أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار"، وافتراؤهم على ربهم اغترارًا بإمهال الله إياهم، ولا يَعظمن عليك تكذيبهم إياك، وادعاؤهم الأباطيل من عهود الله إليهم، فإنهم إن فعلوا ذلك بك فكذبوك وكذبوا على الله، فقد كذَّبت أسلافهم من رسل الله قبلك من جاءهم بالحجج القاطعة العذرَ، والأدلة الباهرة العقلَ، والآيات المعجزة الخلقَ، وذلك هو البينات. [[انظر تفسير"البينات" فيما سلف ٢: ٣١٨، ٣٥٥ / ٣: ٢٤٩ / ٤: ٢٥٩ / ٥: ٣٧٩، وغيرها من المواضع في فهارس اللغة.]] * * * وأما"الزبر" فإنه جمع"زبور"، وهو الكتاب، وكل كتاب فهو:"زبور"، ومنه قول امرئ القيس: لِمنْ طَللٌ أَبْصَرْتُهُ فَشَجَانِي؟ ... كخَطِّ زَبُورٍ في عَسِيبٍ يَمَانِي [[ديوانه: ١٨٦، وهو مطلع قصيدته. قال الشنتمرى في شرح البيت: "يقول: نظرت إلى هذا الطلل فشجاني، أي: أحزنني. وقوله: "كخط زبور"، أي قد درس وخفيت آثاره، فلا يرى منه إلا مثل الكتاب في الخفاء والدقة. والزبور: الكتاب. وقوله: "في عسيب يمان"، كان أهل اليمن يكتبون في عسيب النخلة عهودهم وصكاكهم. ويروى: "عسيب يماني"، على الإضافة، أراد: في عسيب رجل يمان.]] * * * ويعني: بـ"الكتاب"، التوراة والإنجيل. وذلك أن اليهود كذَّبت عيسى وما جاء به، وحرَّفت ما جاء به موسى عليه السلام من صفة محمد ﷺ، وبدلت عهده إليهم فيه، وأن النصارى جحدت ما في الإنجيل من نعته، وغيرت ما أمرهم به في أمره. * * * وأما قوله:"المنير"، فإنه يعني: الذي يُنير فيبين الحق لمن التبس عليه ويوضحه. * * * وإنما هو من"النور" والإضاءة، يقال:"قد أنار لك هذا الأمر"، بمعنى: أضاء لك وتبين،"فهو ينير إنارة، والشيء منيرٌ"، [[في المخطوطة والمطبوعة: "والشيء المنير"، وعبارة بيان اللغة تقتضي ما أثبت.]] وقد:- ٨٣١٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك:"فإن كذبوك فقد كُذِّب رسل من قبلك"، قال: يعزِّي نبيه ﷺ. * * * ٨٣١٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله:"فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك"، قال: يعزّي نبيه ﷺ. * * * وهذا الحرف في مصاحف أهل الحجاز والعراق:"وَالزُّبُرِ" بغير"باء"، وهو في مصاحف أهل الشام:"وبالزُّبُرِ" بالباء، مثل الذي في"سورة فاطر". [٢٥] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب