الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿قَدْ جاءَكم رُسُلٌ مِن قَبْلِي بِالبَيِّناتِ وبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهم إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ [آل عمران: ١٨٣] ﴿فَإنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِن قَبْلِكَ جاءُوا بِالبَيِّناتِ والزُبُرِ والكِتابِ المُنِيرِ﴾. هَذا رَدٌّ عَلَيْهِمْ في مَقالَتِهِمْ وتَبْيِينٌ لِإبْطالِهِمْ، أيْ: قَدْ جاءَكم رُسُلٌ بِالآياتِ الباهِرَةِ (p-٤٣٦)البَيِّنَةِ، وفي جُمْلَتِها ما قُلْتُمْ مِن أمْرِ القُرْبانِ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهم يا بَنِي إسْرائِيلَ؟ المَعْنى: بَلْ هَذا مِنكم تَعَلُّلٌ وتَعَنُّتٌ، ولَوْ أتَيْتُكم بِالقُرْبانِ لَتَعَلَّلْتُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، والِاقْتِراحُ لا غايَةَ لَهُ، ولا يُجابُ كُلُّ مُقْتَرِحٍ، ولَمْ يُجِبِ اللهُ مُقْتَرِحًا إلّا وقَدْ أرادَ تَعْذِيبَهُ وألّا يُمْهِلَهُ، كَقَوْمِ صالِحٍ وغَيْرِهِمْ، وكَذَلِكَ قِيلَ لِمُحَمَّدٍ في اقْتِراحِ قُرَيْشٍ فَأبى، وقالَ: « "بَلْ أدْعُوهم وأُعالِجُهُمْ"».ثُمَّ أنَّسَ تَعالى نَبِيَّهُ بِالأُسْوَةِ والقُدْوَةِ فِيمَن تَقَدَّمَ مِنَ الأنْبِياءِ أيْ: فَلا يَعْظُمْ عَلَيْكَ ذَلِكَ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ: و"بِالزُبُرِ" بِإعادَةِ باءِ الجَرِّ، وسُقُوطُها عَلى قِراءَةِ الجُمْهُورِ مُتَّجِهٌ، لِأنَّ الواوَ شَرِكَتِ "الزُبُرَ" في الباءِ الأُولى فاسْتُغْنِيَ عن إعادَةِ الباءِ، وإعادَتُها أيْضًا مُتَّجِهَةٌ لِأجْلِ التَأْكِيدِ، وكَذَلِكَ ثَبَتَتْ في مَصاحِفِ أهْلِ الشامِ، ورُوِيَ أيْضًا عَنِ ابْنِ عامِرٍ إعادَةُ الباءِ في قَوْلِهِ: "وَبِالكِتابِ المُنِيرِ". "والزُبُرُ": الكِتابُ المَكْتُوبُ يُقالُ: زَبَرْتُ الكِتابَ إذا كَتَبْتُهُ، وزَبَرْتُهُ إذا قَرَأْتُهُ، والشاهِدُ لِأنَّهُ الكِتابُ قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ: ؎ لِمَن طَلَلٌ أبْصَرْتُهُ فَشَجانِي كَخَطِّ زَبُورٍ في عَسِيبِ يَمانِ؟ وقالَ الزَجّاجُ: زَبَرْتُ كَتَبْتُ، وذَبَرْتُ بِالذالِ: قَرَأْتُ، و"المُنِيرِ": وزْنُهُ مُفْعِلٌ مِنَ النُورِ، أيْ سَطَعَ نُورُهُ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب