الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ﴾ هذا الخطاب للمؤمنين خاصَّةً، يعني: الذين انهزموا يوم أحد [[انظر: "تفسير الطبري" 4/ 144.]]. ﴿إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ﴾ أي: حَمَلَهُمْ على الزَّلَّةِ، وَكَسَبَهُمْ الزَّلَّةَ [[(وكسبهم الزلة): ساقط من (ج).= يقال: (كَسَبَ هو)؛ بمعنى: أصاب. ويقال: (كَسَبْتُ زيدًا مالًا)، و (أكْسَبْتُ زيدًا مالًا)؛ أي: أعنته على كَسْبِه، أو جعلته يَكْسِبُهُ. انظر: "اللسان" 7/ 3870 (كسب)، و"القاموس" 131 (كسب). والزَّلَّة: الخطيئة. انظر: "تفسير الطبري" 4/ 145، و"القاموس" ص 1010 (زلل).]]. و (أَزَلَّ)، و (اسْتَزَلَّ)، بمعنى واحد. ذكرنا ذلك في قوله: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ﴾ [البقرة: 36] [[انظر: "تفسير البسيط" عند تفسير هذه الآية]]. وقال ابن قُتَيْبَة [[في "تفسير غريب القرآن" له 107. نقله عنه بتصرف.]]: ﴿اسْتَزَلَّهُمُ﴾: طَلَبَ زَلَّتَهم؛ كما يقال: (استعجلته)؛ أي: طَلَبْتُ عَجَلَتَهُ، و (استعملته): طَلَبْتُ عَمَلَهُ. وقول تعالى: ﴿بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا﴾ قال مقاتل [[في "تفسيره" 1/ 309.]]: يعني: معصيتهم النبيَّ ﷺ، وتركهم المَرْكَزَ. وقيل: استزَلَّهم الشيطانُ بِتَذْكِيرِ خَطَايَا سَلَفَتْ لهم، فكرهوا أن يُقْتَلُوا قبلَ إخلاصِ التَّوْبَةِ. وهذا اختيار الزَّجَّاج؛ لأنه قال [[في "معاني القرآن" له 1/ 481. نقله عنه بتصرف يسير جدًّا. وانظر: "معاني القرآن" للنحاس 1/ 500.]]: لَمْ يَتَوَلَّوا على جهة المُعَانَدَةِ، ولا على الفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ؛ رَغْبَةً في الدنيا، وإنَّمَا ذَكَّرَهُم الشيطانُ خَطَايَا كانت لهم، فكرهوا لقاءَ اللهِ، إلا على حَالَةٍ يَرْضَوْنَهَا [[قال أبو حسان عن قول الزّجاج -هذا-: (ولا يَظْهَرُ هذا القول، لأنهم كانوا قادرين على التوبة قبل القتال، وفي حالة القتال، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.). "البحر المحيط" 3/ 91.]]. وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ﴾. قال الكلبيُّ [[لم أقف عليه]]، ومقاتلُ [[في "تفسيره" 1/ 309.]]: عَفَا عنهم إذْ لَمْ يُقْتَلوا جميعًا، ولم يَسْتَأصِلْهم [[وممن قال بهذا القول: الحسن البصري، وسعيد بن جبير، وأبو الليث. انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 797 - 798، و"بحر العلوم" 1/ 310.]]. وقيل [[هذا قول الجمهور، ومنهم: عثمان بن عفان رضي الله عنه، وابن عمر -رضي الله عنهما-، وقتادة، والربيع، والطبري. انظر: "صحيح البخاري" (4066) كتاب المغازي. باب: قول الله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ﴾، و"تفسير الطبري" 4/ 144 - 146، و"بحر العلوم" 1/ 310، و"تفسير الثعلبي" 3/ 135 أ، و"المحرر الوجيز" 3/ 287، و"تفسير القرطبي" 4/ 244 - 345، و"البحر المحيط" 3/ 91، و"مجمع الزوائد" 9/ 83 - 84.]]: عَفا عنهم؛ أي: غفر لهم تلك الخطيئة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب