الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ كُلَيْبٍ قالَ: خَطَبَ عُمَرُ يَوْمَ الجُمْعَةِ فَقَرَأ: ”آلَ عِمْرانَ“، وكانَ يُعْجِبُهُ إذا خَطَبَ أنْ يَقْرَأها، فَلَمّا انْتَهى إلى قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكم يَوْمَ التَقى الجَمْعانِ﴾ قالَ: لَمّا كانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمْنا، فَفَرَرْتُ حَتّى صَعِدْتُ الجَبَلَ، فَلَقَدْ رَأيْتُنِي أنْزُو كَأنَّنِي أرْوى، والنّاسُ يَقُولُونَ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ، فَقُلْتُ: لا أجِدُ أحَدًا يَقُولُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ إلّا قَتَلْتُهُ، حَتّى اجْتَمَعْنا عَلى الجَبَلِ فَنَزَلَتْ: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكم يَوْمَ التَقى الجَمْعانِ﴾ الآيَةُ كُلُّها. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكم يَوْمَ التَقى الجَمْعانِ﴾ قالَ: هم ثَلاثَةٌ، واحِدٌ مِنَ المُهاجِرِينَ واثْنانِ مِنَ الأنْصارِ. وأخْرَجَ ابْنُ مَندَهْ في ”مَعْرِفَةِ الصَّحابَةِ“، وابْنُ عَساكِرَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في (p-٨٢)قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكم يَوْمَ التَقى الجَمْعانِ﴾ الآيَةَ، نَزَلَتْ في عُثْمانَ، ورافِعِ بْنِ المُعَلّى، وخارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكم يَوْمَ التَقى الجَمْعانِ﴾ قالَ: نَزَلَتْ في رافِعِ بْنِ المُعَلّى وغَيْرِهِ مِنَ الأنْصارِ، وأبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ، ورَجُلٍ آخَرَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكم يَوْمَ التَقى الجَمْعانِ﴾ قالَ: عُثْمانُ، والوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ، وخارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، ورِفاعَةُ بْنُ مُعَلّى. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: كانَ الَّذِينَ ولَّوُا الدُّبُرَ يَوْمَئِذٍ: عُثْمانَ بْنَ عَفّانَ، وسَعْدَ بْنَ عُثْمانَ، وعُقْبَةَ بْنَ عُثْمانَ -أخَوانِ مِنَ الأنْصارِ- مِن بَنِي زُرَيْقٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ إسْحاقَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكم يَوْمَ التَقى الجَمْعانِ﴾ فُلانٌ، وسَعْدُ بْنُ عُثْمانَ، وعُقْبَةُ بْنُ عُثْمانَ الأنْصارِيّانِ، ثُمَّ الزُّرَقِيّانِ، وقَدْ كانَ النّاسُ انْهَزَمُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتّى انْتَهى بَعْضُهم إلى (p-٨٣)المُنَقّى دُونَ الأعْوَصِ، وفَّرَ عُقْبَةُ بْنُ عُثْمانَ، وسَعْدُ بْنُ عُثْمانَ حَتّى بَلَغُوا الجَلْعَبَ- جَبَلٌ بِناحِيَةِ المَدِينَةِ مِمّا يَلِي الأغْوَصَ- فَأقامُوا بِهِ ثَلاثًا، ثُمَّ رَجَعُوا إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَزَعَمُوا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «لَقَدْ ذَهَبْتُمْ فِيها عَرِيضَةً» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكم يَوْمَ التَقى الجَمْعانِ﴾ ذَلِكَ يَوْمَ أُحُدٍ؛ ناسٌ مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ تَوَلَّوْا عَنِ القِتالِ وعَنْ نَبِيِّ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ، وكانَ ذَلِكَ مِن أمْرِ الشَّيْطانِ وتَخْوِيفِهِ فَأنْزَلَ اللَّهُ ما تَسْمَعُونَ أنَّهُ قَدْ تَجاوَزَ لَهم عَنْ ذَلِكَ، وعَفا عَنْهم. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: «﴿إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ﴾ يَعْنِي: انْصَرَفُوا عَنِ القِتالِ مُنْهَزِمِينَ، ﴿يَوْمَ التَقى الجَمْعانِ﴾ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ التَقى الجَمْعانِ؛ جَمْعُ المُسْلِمِينَ وجَمْعُ المُشْرِكِينَ، فانْهَزَمَ المُسْلِمُونَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وبَقِيَ في ثَمانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا، ﴿إنَّما اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا﴾ . يَعْنِي: حِينَ تَرَكُوا المَرْكَزَ وعَصَوْا أمْرَ الرَّسُولِ ﷺ حِينَ قالَ لِلرُّماةِ يَوْمَ أُحُدٍ: «لا تَبْرَحُوا مَكانَكُمْ» فَتَرَكَ بَعْضُهُمُ المَرْكَزَ، ﴿ولَقَدْ عَفا اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ حِينَ لَمْ يُعاقِبْهم فَيَسْتَأْصِلْهم جَمِيعًا، ﴿أنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٣٥] فَلَمْ يَجْعَلْ لِمَنِ انْهَزَمَ يَوْمَ أُحُدٍ بَعْدَ قِتالِ بَدْرٍ النّارَ كَما جَعَلَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَهَذِهِ رُخْصَةٌ بَعْدَ التَّشْدِيدِ» . (p-٨٤)وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ شَقِيقٍ قالَ: لَقِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ، فَقالَ لَهُ الوَلِيدُ: ما لِي أراكَ جَفَوْتَ أمِيرَ المُؤْمِنِينَ عُثْمانَ؟ فَقالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أبْلِغْهُ أنِّي لَمْ أفِرَّ يَوْمَ عَيْنَيْنِ. -يَقُولُ: يَوْمَ أُحُدٍ- ولَمْ أتَخَلَّفْ عَنْ بَدْرٍ، ولَمْ أتْرُكْ سُنَّةَ عَمَرَ. فانْطَلَقَ فَخَبَّرَ بِذَلِكَ عُثْمانَ، فَقالَ: أمّا قَوْلُهُ: إنِّي لَمْ أفِرَّ يَوْمَ عَيْنَيْنِ. فَكَيْفَ يُعَيِّرُنِي بِذَلِكَ وقَدْ عَفا اللَّهُ عَنِّي فَقالَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكم يَوْمَ التَقى الجَمْعانِ إنَّما اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا ولَقَدْ عَفا اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ . وأمّا قَوْلُهُ: إنِّي تَخَلَّفْتُ يَوْمَ بَدْرٍ فَإنِّي كُنْتُ أُمَرِّضُ رُقَيَّةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتّى ماتَتْ، وقَدْ ضَرَبَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِسَهْمٍ، ومَن ضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِسَهْمٍ فَقَدْ شَهِدَ. وأمّا قَوْلُهُ: إنِّي لَمْ أتْرُكْ سُنَّةَ عُمَرَ؛ فَإنِّي لا أُطِيقُها ولا هُوَ، فَأتاهُ فَحَدَّثَهُ بِذَلِكَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في ”الشُّعَبِ“، عَنْ رَجاءِ بْنِ أبِي سَلَمَةَ قالَ: الحِلْمُ أرْفَعُ مِنَ العَقْلِ؛ لِأنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ تَسَمّى بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب