﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ قال مقاتل: من حلف بالله فقد اجتهد في اليمين [["تفسير مقاتل" 2/ 40 ب.]]. وقد مرّ [[انظر: "البسيط" عند قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ [المائدة: 53]، و"البسيط" عند قوله تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ [الأنعام: 109].]].
﴿لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ﴾ يا محمد ﴿لَيَخْرُجُنَّ﴾ إلى الجهاد ومن أموالهم وديارهم [[انظر: "تفسير مقاتل" 2/ 40 ب.]].
﴿قُلْ لَا تُقْسِمُوا﴾ قال ابن عباس: قل: لا تحلفوا فإنَّ الله لو بلغ منكم [[(منكم): ساقطة من (ع).]] الجهد. لم تبلغوه. يعني: لو كلَّفكم [[في (أ): (لم تبلغوا نعمتي لو كفلكم)، وهي عبارة لا معنى لها.]] ما تُقسمون عليه ما وفَّيتم بيمينكم [[في (ع): (بتمنيكم)، وهو خطأ.]] [[لم أجده.]].
وتمّ الكلام. ثم قال:
﴿طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ﴾ قال مقاتل بن حيان: أمرهم أن لا يحلفوا على شيء، ولكن أمرهم أن تكون منهم طاعة معروفة للنبي -عليه السلام- من غير أن يقسموا [[رواه ابن أبي حاتم 7/ 59 أ، ب وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 214 ونسبه لابن أبي حاتم.]].
وقال مقاتل بن سليمان: ﴿قُلْ﴾ لهم ﴿لَا تُقْسِمُوا﴾ ولكن لتكن [[في "تفسير مقاتل": ولكن هذه منكم.]] منكم ﴿طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ﴾ يعني حسنة [النبي -ﷺ- [["تفسير مقاتل" 2/ 40 ب.]].
وهذا معنى قول الكلبي، يقول: أطيعوه وقوله المعروف من الكلام.
وفسَّر ابن عباس الطاعة المعروفة] [[ساقط من (أ).]] -هاهنا- بأن يُضمروا في القلب طاعته بنيَّة خالصة [[ذكر البغوي 6/ 57، والقرطبي 12/ 296 نحو هذا المعنى ولم ينسباه لأحد.]].
وقال أبو إسحاق: تأويله: طاعة معروفة أمثل من قسمكم بما لا تصدقون فيه. فالخبر مُضمر وهو: "أمثل"، وحذف لأن في الكلام دليلًا [[في (أ): (دلالة).]] عليه [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 51.]].
وقال مجاهد: أي هذه طاعة معروفة منكم بالقول دون الاعتقاد. أي أنَّكم تكذبون فيما تقولون: لو أمرتنا أن نخرج من ديارنا وأموالنا خرجنا [[ذكر الثعلبي 3/ 88 أهذا القول وقال: وهذا معنى قول مجاهد. اهـ.
وقد رواه بنحوه مختصر الطبري 18/ 157. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 214 بمثل رواية الطبري ونسبه لابن المنذر.]].
وذكر أبو عبيدة هذا الوجه فقال: أي هذه طاعة معروفة [[هذا معنى ما قاله أبو عبيدة في "مجاز القرآن" 2/ 69، ونصُّه: (طاعة معروفة) مرفوعتان .. ، فرفعتا على ضمير يُرفع به، أو ابتداءً.]].
وعلى هذا معنى المعروفة أنها عرفت منهم، فهم يقولون ولا يفون بما يقولون.
وقيل: طاعة معروفة منكم بالكذب [[(بالكذب): ساقطة من (ع).]] [[هذا قول الطبري 18/ 157، والثعلبي 3/ 88 ب.]].
وقد حصل في ارتفاع الطاعة ثلاثة أقوال [[هذه الأقوال هي حسب ذكر الواحدي لها:
الأول: أن تكون فاعلةً بفعل محذوف، أي: ولتكن طاعةٌ.
الثاني: أنها مبتدأ والخبر محذوف، أي: أمثل أو أولى.
الثالث: أنها خبر مبتدأ مضمر تقديره: هذه طاعة، أو المطلوب طاعة.
وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس 3/ 144، "مشكل إعراب القرآن" لمكي 2/ 514 - 515، "البيان في غريب إعراب القرآن" للأنباري 2/ 198، "الإملاء" للعكبري 2/ 158 - 159، "الدر المصون" للسمين الحلبي 8/ 432.]].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ أي من طاعتكم بالقول ومخالفتكم بالفعل [[انظر: "الطبري" 18/ 157، الثعلبي 3/ 88 أ.]].
وقال عطاء، عن ابن عباس: يريد بأعمالكم وسرائركم.
قال مقاتل: ثم أمرهم الله بطاعته وطاعة رسوله فقال: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [["تفسير مقاتل" 2/ 40 ب.]].
﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ قال الفراء: واجه القوم، ومعناه: فإن تتولَّوا، فهي في موضع جزم، ولو كانت لقوم غير مخاطبين كان فعلاً ماضيًا بمنزلة قولك: فإن قاموا، كما قال ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ﴾ [التوبة: 129] هؤلاء غير مخاطبين، والجزاء يصلح فيه فَعَل ويفعل كهذه [[في (ظ): (هذه)، وفي (ع): (بهذه).]] الآية والتي في هذه السورة، وأنت تعرفهما بالقراءة بعدهما؛ ألا ترى قوله: {عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} ولم يقل: عليهم، وقوله ﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ﴾ [البقرة: 137] فهذا يدل على فعلوا. انتهى كلامه [["معاني القرآن" للفراء 2/ 258 مع تقديم وتأخير وتصرف في بعض العبارات.]].
وقد بان بما ذكر أن قوله ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ [[(تولوا) ساقط من (ظ).]] مخاطبة من الله تعالى لهم بعد أن أمر رسوله أن يخاطبهم بقوله: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾، ولو كان قوله: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ من خطاب الرسول معهم لقال: فإنما علي ما حمل.
قال ابن عباس: الذي حمِّل النبي -ﷺ- أن يبلغهم، وحملوا أن يطيعوه [[ذكره القرطبي 12/ 296 عن ابن عباس وغيره.]].
وقال مقاتل [[انظر: "تفسير مقاتل" 2/ 40 ب.]]، والسدي [[رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 59 ب عن السدي. وذكره السيوطيِ في "الدر المنثور" 6/ 214 ونسبه لابن أبي حاتم.]]: يقول فإنما على محمد ما أمر من تبلغ الرسالة، وعليكم ما أمرتم من طاعتهما.
﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ تصيبوا الحق [["الطبرى" 18/ 158.]].
﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ ليس عليه إلاَّ أن يبلغ ويبين لكم.
{"ayah":"۞ وَأَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ لَىِٕنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَیَخۡرُجُنَّۖ قُل لَّا تُقۡسِمُوا۟ۖ طَاعَةࣱ مَّعۡرُوفَةٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ"}