الباحث القرآني
ولَمّا ذَكَرَ سُبْحانَهُ ما رَتَّبَ عَلى الطّاعَةِ الظّاهِرَةِ الَّتِي هي دَلِيلُ الِانْقِيادِ الباطِنِ، ذَكَرَ حالَ المُنافِقِينَ فِيهِ، فَقالَ عاطِفًا عَلى ﴿ويَقُولُونَ﴾ [النور: ٤٧] لِأنَّهُ لَيْسَ المُرادُ مِنهُ إلّا مُجَرَّدَ القَوْلِ مِن غَيْرِ إرادَةِ تَقْيِيدٍ بِزَمانٍ مُعَيَّنٍ: ﴿وأقْسَمُوا﴾ وكَأنَّهُ عَبَّرَ بِالماضِي إشارَةً إلى أنَّهم لَمْ يَسْمَحُوا بِهِ أكْثَرَ مِن مَرَّةٍ، لِما يَدُلُّ عَلَيْهِ مِن زِيادَةِ الخُضُوعِ والذُّلِّ ﴿بِاللَّهِ﴾ أيِ المَلِكِ الَّذِي لَهُ الكَمالُ المُطْلَقُ؛ واسْتَعارَ مِن جَهْدِ النَّفْسِ قَوْلَهُ في مَوْضِعِ الحالِ: (p-٣٠٠)﴿جَهْدَ أيْمانِهِمْ﴾ أيْ غايَةَ الإقْسامِ ﴿لَئِنْ أمَرْتَهُمْ﴾ أيْ بِأمْرٍ مِنَ الأُمُورِ ﴿لَيَخْرُجُنَّ﴾ مِمّا هم مُلْتَبَسُونَ بِهِ مِن خِلافِهِ، كائِنًا ما كانَ، إلى ما أمَرَتْهم بِهِ، وذَلِكَ أنَّهم كانُوا يَقُولُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أيْنَما كُنْتَ نَكُنْ مَعَكَ، إنْ خَرَجْتَ خَرَجْنا، وإنْ أقَمْتَ أقَمْنا، وإنْ أمَرْتَنا بِالجِهادِ جاهَدْنا - قالَهُ البَغَوِيُّ.
فَكَأنَّهُ قِيلَ: ماذا تَفْعَلُ في اخْتِبارِهِمْ؟ فَقِيلَ: الأمْرُ أوْضَحُ مِن ذَلِكَ، فَإنَّ لِكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةً، ولِكُلِّ فِعْلٍ أدِلَّةً ﴿قُلْ﴾ أيْ لَهُمْ: ﴿لا تُقْسِمُوا﴾ أيْ لا تَحْلِفُوا فَإنَّ العِلْمَ بِما أنْتُمْ عَلَيْهِ لا يَحْتاجُ إلى الإقْسامِ، ولَكِنَّ المُحَرِّكَ لَكم إلى الخُرُوجِ مَحَبَّةُ الِامْتِثالِ لا إلْزامُ الإقْسامِ، وفِيهِ إشارَةٌ إلى أنَّهم أهْلٌ لِلِاتِّهامِ، وكَذا قالَ المُتَنَبِّي:
؎وفِي يَمِينِكَ فِيما أنْتَ واعِدُهُ ما دَلَّ أنَّكَ في المِيعادِ مُتَّهَمُ
ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿طاعَةٌ﴾ أيْ هَذِهِ الحَقِيقَةُ ﴿مَعْرُوفَةٌ﴾ أيْ مِنكم ومِن غَيْرِكُمْ، وإرادَةُ الحَقِيقَةِ هو الَّذِي سَوَّغَ الِابْتِداءَ بِها مَعَ تَنْكِيرِ لَفْظِها لِأنَّ العُمُومَ الَّذِي تَصْلُحُ لَهُ كَما قالُوا مِن أعْرَفِ المَعارِفِ، (p-٣٠١)ولَمْ تُعَرَّفْ بِ ”ال“ لِئَلّا يُظَنَّ أنَّها لِعَهْدٍ ذَكَرِيٍّ أوْ نَحْوِهِ، والمَعْنى أنَّ الطّاعَةَ وإنِ اجْتَهَدَ العَبْدُ في إخْفائِها لا بُدَّ أنْ تَظْهَرَ مَخايِلُها عَلى شَمائِلِهِ، وكَذا المَعْصِيَةُ لِأنَّهُ «ما أسَرَ عَبْدٌ سَرِيرَةً إلّا ألْبَسَهُ اللَّهُ رِداءَها» رَواهُ الطَّبَرانِيُّ عَنْ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ورَوى مُسَدَّدُ عَنْ عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: لَوْ أنَّ رَجُلًا دَخَلَ بَيْتًا في جَوْفِ بَيْتٍ فَأدْمَنَ هُناكَ عَمَلًا أوْشَكَ النّاسُ أنْ يَتَحَدَّثُوا بِهِ، وما مِن عامِلٍ عَمِلَ عَمَلًا إلّا كَساهُ اللَّهُ رِداءَ عَمَلِهِ، إنْ كانَ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وإنْ كانَ شَرًّا فَشَرٌّ.
ولِأبِي يَعْلى والحاكِمِ - وقالَ: صَحِيحُ الإسْنادِ ولَمْ يُخَرِّجاهُ عَنْ أبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: «لَوْ أنَّ أحَدَكم يَعْمَلُ في صَخْرَةٍ صَمّاءَ لَيْسَ لَها بابٌ ولا كُوَّةٌ لَخَرَجَ عَمَلُهُ لِلنّاسِ كائِنًا ما كانَ» ثُمَّ عَلَّلَ إظْهارَهُ لِلْخَبْءِ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الإحاطَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ ﴿خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾ وإنِ اجْتَهَدْتُمْ في إخْفائِهِ، فَهو يَنْصِبُ عَلَيْهِ دَلائِلَ يُعَرِّفُهُ بِها عِبادَهُ، فالحَلِفُ غَيْرُ مُغْنٍ عَنِ الحالِفِ، والتَّسْلِيمُ غَيْرُ ضارٍّ لِلْمُسْلِمِ.
{"ayah":"۞ وَأَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ لَىِٕنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَیَخۡرُجُنَّۖ قُل لَّا تُقۡسِمُوا۟ۖ طَاعَةࣱ مَّعۡرُوفَةٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











