قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ﴾
عَادَ إِلَى ذِكْرِ الْمُنَافِقِينَ، فَإِنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ كَرَاهَتَهُمْ لِحُكْمِ النَّبِيِّ ﷺ أَتَوْهُ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَخْرُجَ مِنْ دِيَارِنَا وَنِسَائِنَا وَأَمْوَالِنَا لَخَرَجْنَا، وَلَوْ أَمَرْتَنَا بِالْجِهَادِ لَجَاهَدْنَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَيْ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مَعَكَ فِي الْمُسْتَأْنَفِ وَيُطِيعُونَ. "جَهْدَ أَيْمانِهِمْ" أَيْ طَاقَةَ مَا قَدَرُوا أَنْ يَحْلِفُوا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: مَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ فَقَدْ أَجْهَدَ فِي الْيَمِينِ. وَقَدْ مَضَى فِي "الْأَنْعَامِ" [[راجع ج ٧ ص ٦٢.]] بَيَانُ هَذَا. وَ "جَهْدَ" مَنْصُوبٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمَصْدَرِ تَقْدِيرُهُ: إِقْسَامًا بَلِيغًا.
(قُلْ لَا تُقْسِمُوا)
وَتَمَّ الْكَلَامُ.
(طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ)
أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَيْمَانِكُمْ، أَوْ لِيَكُنْ مِنْكُمْ طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ بِإِخْلَاصِ الْقَلْبِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى الْيَمِينِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَعْنَى قَدْ عَرَفْتُ طَاعَتَكُمْ وَهِيَ الْكَذِبُ وَالتَّكْذِيبُ، أَيِ الْمَعْرُوفُ مِنْكُمُ الْكَذِبُ دُونَ الْإِخْلَاصِ.
(إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)
من طاعتكم بالقول ومخالفتكم بالفعل.
{"ayah":"۞ وَأَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ لَىِٕنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَیَخۡرُجُنَّۖ قُل لَّا تُقۡسِمُوا۟ۖ طَاعَةࣱ مَّعۡرُوفَةٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ"}