فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: {جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [النور: 53] يَعْنِي غَايَةَ أَيْمَانِهِمْ؛ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ كَانُوا يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجِهَادِ ثُمَّ يَعْتَذِرُونَ، فَإِذَا عُوتِبُوا قَالُوا: لَوْ أَمَرْتَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَخَرَجْنَا، وَيَحْلِفُونَ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُمْ: لَا تُقْسِمُوا، ثُمَّ قَالَ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: {طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} [النور: 53] وَفِيهَا ثَلَاثَةُ تَأْوِيلَاتٍ: الْأَوَّلُ: طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ أَمْثَلُ.
الثَّانِي: طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ بَيْنَكُمْ فِيهَا الْكَذِبُ، أَيْ هِيَ طَاعَةُ اللَّهِ مَعْرُوفَةٌ قَوْلًا، بَاطِلَةٌ قَطْعًا؛ لَا يَفْعَلُونَهَا إلَّا إذَا أَمَرْتَهُمْ وَلَوْ لَمْ يُؤْمَرُوا مَا فَعَلُوا.
الثَّالِثُ: قَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَى قَوْلِهِ: طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ أَنَّكُمْ تَكْذِبُونَ يَعْنِي لَيْسَتْ لَكُمْ طَاعَةٌ. وَقَدْ قُرِئَتْ " طَاعَةً " بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَيَكُونُ قَوْلُ طَاعَةٍ مَنْصُوبَةً ابْتِدَاءَ كَلَامٍ، وَيَرْجِعُ الْمَعْنَى فِيهِ إلَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ، إلَّا أَنَّ الْإِعْرَابَ يَخْتَلِفُ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.
{"ayah":"۞ وَأَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ لَىِٕنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَیَخۡرُجُنَّۖ قُل لَّا تُقۡسِمُوا۟ۖ طَاعَةࣱ مَّعۡرُوفَةٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ"}