الباحث القرآني
﴿خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِم﴾ الآية. (الختم) في اللغة بمعنى: الطبع، والخاتم: الفاعل. وأصله من آخر الشيء [[انظر: "تهذيب اللغة" (ختم) 1/ 983 - 984، وفيه: خاتم كل شيء: آخره.]]، ومنه قوله تعالى: ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: 26]، قال ابن مسعود: عاقبته [[في (ج): (عاقبه).]] طعم المسك [[ذكره الأزهري في "التهذيب" (ختم) 1/ 984، وأخرج الطبري عن ابن مسعود في تفسير الآية: قال: (خلطه مسك) وعنه: (طعمه وريحه) وأخرج عن إبراهيم، والحسن: عاقبته مسك. الطبري 30/ 106، 107، وفي "الدر": أخرج سعيد بن منصور، وهناد؛ وابن أبي حاتم، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، والبيهقي في "البعث"، عن ابن مسعود، وفيه: (يجدون عاقبتها طعم المسك)، 6/ 544.]] وروي عن الحسن: مقطعه مسك [[ذكره أبو علي الفارسي في "الحجة" 1/ 292.]]. و ﴿رَّحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾ [المطففين: 25]: له ختام، أي عاقبه، قاله أبو عبيد [[لعل المراد أبو عبيدة كما في "الحجة" حيث قال: (وأظن أبا عبيدة اعتبر ما روي عن الحسن في تفسير الآية، لأنه قال في قوله: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾: له ختام، أي: عاقبة ختامه مسك، أي: عاقبته، وأنشد لابن مقبل ... فتأول الختام على العاقبة، ليس على الختم الذي هو الطبع، وهذا قول الحسن، مقطعه مسك)، "الحجة" 1/ 292، وانظر: "مجاز القرآن" 2/ 290.]]، ومنه: خاتم النبيين، أي آخرهم [["معاني القرآن" للفراء 2/ 344، "التهذيب" (ختم) 1/ 984.]].
قال الليث: وخاتمة السورة: آخرها، وخاتم كل شيء: آخره [[ذكره الأزهري عن الليث، "تهذيب اللغة" (ختم) 1/ 984.]]. ومنه ختم القرآن، لأنه حال الفراغ من قراءته، وختم الكتاب عند طيه والفراغ منه [[انظر: "العين" 4/ 242، "الصحاح" (ختم) 5/ 1908، "معجم مقاييس اللغة" (ختم) 2/ 245.]]. وقيل في قول ابن مقبل [[هو: الشاعر تميم بن أبي بن مقبل العجلاني، شاعر مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، وبلغ مائة وعشرين سنة. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص 297، "الإصابة" 1/ 187، "الخزانة" 1/ 231.]] يصف الخمر:
بالفُلْفُلِ الجَوْنِ والرُّمَّانِ مَخْتومُ [[صدره في "الحجة":
مما يفتق في الحانوت ناطفها
وورد صدره في "ديوانه":
صرف ترقرق في الناجود ناطلها
يفتق: يشق، الحانوت: دكان الخمار، ناطفها: النطف سيلان الماء، الجون: يطلق على الأبيض والأسود، وقوله (ترقرق): تترقرق أي: تتلألأ، الناجون: == راووق الخمر الذي يصفي به، الناطل: مكيال الخمر. انظر: "الحجة" 1/ 292، 294، "ديوان ابن مقبل" ص 268، "المخصص" 2/ 149.]] أي لآخرها طعم الفلفل والرمان. قال الأزهري: أصل الختم: التغطية، وختم البذر [[في (ب): (النذر).]] في الأرض إذا غطاه [["التهذيب" (ختم) 1/ 985، وفيه: (ختم البذر: تغطية).]].
وقال أبو إسحاق: معنى: ختم وطبع [[في (ب): (تطبع).]] في اللغة واحد، وهو التغطية على الشيء، والاستيثاق منه بأن لا يدخله شيء، كما قال: ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد: 24]، وكذلك قوله: ﴿طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [[جاءت في عدة آيات في التوبة ﴿وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [التوبة: 93]، وفي النحل: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [النحل: 108]، وفي محمد: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [محمد: 16]. والآية وردت في "تهذيب اللغة" ضمن كلام أبي إسحاق، "التهذيب" (ختم) 1/ 984، ويظهر أن الواحدي نقل كلام الزجاج عنه، وفي "معاني القرآن" للزجاج ورد مكانها: (طبع عليها بكفرهم) ووضع المحقق لها رقم (النساء:155)، وسياق آية النساء: ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾. انظر "معاني القرآن" للزجاج1/ 46.]] هذا كلام أبي إسحاق.
واعلم أن الختم على الوعاء يمنع [[في (ب): (ممنع).]] الدخول فيه والخروج منه، كذلك الختم على قلوب الكفار يمنع دخول الإيمان فيها وخروج الكفر منها، وإنما يكون ذلك بأن يخلق الله الكفر فيها [[قال ابن كثير: (.. ختم على قلوبهم، وحال بينهم وبين الهدى، جزاء وفاقا على تماديهم في الباطل، وتركهم الحق، وهذا عدل منه تعالى حسن، وليس بقبيح ...)، == 1/ 49، وأما ما عبر به الواحدي من قوله: (بأن يخلق الله الكفر فيها ..) المعنى صحيح، فإن الله خالق كل شيء من الطاعات والكفر والمعاصي، لكن السلف لم يستعملوا هذا اللفظ تأدبا مع الله تعالى كما قال: ﴿وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ [الجن: 10]، فلم ينسب الشر إليه، مع أنه خالقه ونسب إليه الخير.]]، ويصدهم عن الهدى، ولا [[في (ب): (فلا يدخل). ولعله أولى.]] يدخل الإيمان في قلوبهم كما قال: ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ﴾ [الجاثية: 23].
فأما قول من قال: معنى ﴿خَتَمَ اَللَّهُ عَلىَ قُلُوبِهِم﴾: حكم الله بكفرهم [[ذكره الفارسي في "الحجة" 1/ 309، والثعلبي 1/ 48 ب، وهذا قول المعتزلة ذكره القاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، أحد علمائهم في كتابه "متشابه القرآن" 1/ 51، 52 تحقيق عدنان زرزور. وانظر "الكشاف" للزمخشري 1/ 157 - 162، وانظر رد الأسكندري عليه في "الحاشية"، "البحر المحيط" 1/ 48.]]، فغير صحيح، لأن أحدنا يحكم بكفر الكافر، ولا يقال [[في (ب): (ولان يقال).]]: ختم على قلبه.
وذهب بعض المتأولين من القدرية إلى أن معنى ﴿ختم الله على قلوبهم﴾: وسمها سمة [[في (ج): (وسمة).]] تدل [[في (ب): (يدل).]] على أن فيها الكفر، لتعرفهم الملائكة بتلك السمة، وتفرق [[في (ب): (يفرق)]] بينهم وبين المؤمنين الذين في قلوبهم الشرع [[في (ب): (السرح) وفي (ج): (الشرح). == وهذا قول ثانٍ للمعتزلة. انظرة "متشابه القرآن" للهمذاني 1/ 51، 52، "البحر المحيط" 1/ 48.]].
قال: والختم والطبع واحد، وهما سمة وعلامة في قلب المطبوع على قلبه [[ذكره أبو علي الفارسي في "الحجة" عن قوم من المتأولين، 1/ 301.]]. وهذا باطل، لأن الختم في اللغة ليس هو الإعلام، ولا يقال: ختمت على الشيء بمعنى: أعلمت عليه ومن حمل الختم على الإعلام فقد تشهى على أهل اللغة، وجر كلامهم إلى موافقة عقيدته.
وقوله تعالى ﴿عَلىَ قُلُوبِهِم﴾. قال الليث: القلب مضغة من الفؤاد، معلقة بالنياط [["تهذيب اللغة" (قلب) 3/ 3026.]]. وكأنه أخص من الفؤاد، ولذلك [[في (ب): (وكذلك).]] قالوا: أصبت حبة قلبه، وسويداء قلبه.
وقيل: القلوب والأفئدة: قريبان من السواء [[في (ب): (العوا).]]. وقال بعضهم: سمي القلب قلبا لتقلبه [["تهذيب اللغة" (قلب) 3/ 3026.]]، وأنشد:
ما سمي القلب [[في (ج): (ما سمي القلب قلبا إلا من ..).]] إلا من تقلبه ... والرأي [[في (ب): (الذي).]] يصرف بالإنسان أطوارا [[البيت في "التهذيب" (قلب) 3/ 3026، وكذا "اللسان" (قلب) 6/ 3714، بهذا النص، وورد في القرطبي 1/ 163، و"الدر المصون" 1/ 114، "روح المعاني" 1/ 135، شطره الثاني: == فاحذر على القلب من قلب وتحويل
غير منسوب في جميع المصادر.]]
وقوله تعالى: ﴿وَعَلَى سَمْعِهِمْ﴾. وحد السمع، لأنه مصدر، والمصادر لا تثنى ولا تجمع، [لأن المصدر ينبئ عن الفعل، فهو بمنزلة الفعل، والفعل لا يثنى ولا يجمع [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 47، "تهذيب اللغة" (سمع) 2/ 1756، والثعلبي 1/ 48/ب، "تفسير أبي الليث" 1/ 93، "زاد المسير" 1/ 28، والقرطبي 1/ 165. وقيل: وحد السمع، لأن المسموع واحد وهو الصوت، وقرئ شاذا ﴿وعلى أسماعهم﴾. انظر. "الفتوحات الإلهية" 1/ 15.]]] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]].
وقال ابن الأنباري: أراد [[في جميع النسخ (أرادوا على) زيادة ألف بعد الواو والصحيح حذفها.]]: وعلى مواضع سمعهم، فحذف المضاف، كما تقول العرب: تكلم المجلس، وهم يريدون أهله، وحذف المضاف كثير في التنزيل والكلام [[لم أجده منسوبا لابن الأنباري. وورد بمعناه في "تفسير أبي الليث" 1/ 93، والقرطبي 1/ 166، "تهذيب اللغة" (سمع) 2/ 1757.]].
وقيل: اكتفى من الجمع بالواحد [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 47، والثعلبي 1/ 48 ب، و"تفسير أبي الليث" 1/ 93، و"تهذيب اللغة" (سمع) ص 1757.]]، كما قال الراعي [[كذا نسبه الثعلبي 1/ 48 ب، والبيت لعلقمة بن عبدة الفحل كما في "الكتاب" وغيره.]]:
بها جيف الحسرى فأما عظامها ... فبيض وأما جلدها فصليب [[البيت لعلقمة بن عبدة الفحل، قاله يصف طريقاً شاقًّا، قطعه لممدوحه. الحسرى: جمع حسير، والحسير: البعير المعيب يتركه أصحابه فيموت، وابيضت عظامه لما أكلت السباع والطير ما عليه من لحم، صليب: يابس لم يدبغ. الشاهد (جلدها) مفرد أريد به الجمع، أي: جلودها. == انظر: "الكتاب" 1/ 209، و"معاني القرآن" للزجاج1/ 47، "تفسير الثعلبي" 1/ 48 ب، والقرطبي 1/ 165، "الخزانة" 7/ 559، وفيها: (به جيف الحسرى ..)، "الدر المصون" 1/ 114، والرازي 2/ 53، وفيه: (الحيدى) بدل (الحسرى).]] وقال الله تعالى: ﴿يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ [الشورى: 45]، وهو كثير جدًّا.
وقال سيبويه [[انظر. "الكتاب" 1/ 209، والنص من الثعلبي 1/ 48/ب.]]: توحيد السمع يدل على الجمع، لأنه توسط جمعين، كقوله: ﴿يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [البقرة: 257]، وقوله: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ﴾ [النحل: 48].
وتم الكلام [[في (ج): (السلام).]] ههنا [[انظر. "معاني القرآن" للفراء1/ 13، "مجاز القرآن" 1/ 13 "تفسير الطبري" 113 - 114، "تفسير الثعلبي" 1/ 48/ ب، وذكر النحاس عن الأخفش سعيد، ويعقوب: أن وقف على (قلوبهم) كان أيضا تاما، وتعقبه النحاس فقال: (إذا وقف على (قلوبهم) وقدره بمعنى: وختم على سمعهم لم يكن الوقت على قلوبهم تماماً، لآن الثاني معطوف على الأول، وإن قدر الختم على القلوب خاصة فهو (تام) ..)، "القطع والائتناف" ص 116.]].
ثم قال: ﴿وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ﴾ الأبصار جمع البصر، والبصر العين، إلا أنه مذكر، ويقال: تبصرت الشيء بمعنى رمقته [["تهذيب اللغة" (بصر) 1/ 340.]]، ومنه قول زهير:
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن ... ............. البيت [[وتمامه كما في الديوان:
تحملن بالعليا من فوق جرثم
"ديوان زهير" ص 9. == الظعائن: جمع ظعينة، وهي المرأة في الهودج تحمل على الإبل، بالعلياء: الأرض المرتفعة، جرثم: ماء معين.]] والغشاوة الغطاء [[في (ب): (والعطاء).]]، ويقال للجلدة التي على الولد: غشاوة، ومنه غشى على المريض إذا دير به، لأنه لبسةٌ من حال المرض، ومنه غاشية السرج [[انظر: "تهذيب اللغة" (غشى) 3/ 2668، "اللسان" (غشى) 6/ 3261.]].
وفيه ثلاث لغات: ضم الغين وفتحها وكسرها [[ذكره في "الحجة"، قال: روى لنا عن الكسائي وعن غيره 1/ 31، وانظر: "اللسان" 6/ 3261.]]. والأفصح الكسر، لأن كل ما كان مشتملاً على شيء فهو مبني على (فعالة) كالعمامة والقلادة والعصابة. وكذلك أسماء الصناعات، لأن معنى الصناعة الاشتمال على [[(على) ساقطة من (ب).]] كل ما فيها، نحو: الخياطة والقصارة، وكذلك كل من استولى، فاسم ما استولى عليه الفعالة نحو: الخلافة والإمارة [[في (ج): (الامارمه). والكلام بنصه في "معاني القرآن" للزجاج 1/ 48، وانظر "تهذيب اللغة" (غشى) 3/ 2668، و"اللسان" (غشى) 6/ 3261 ..]].
قال أبو علي الفارسي: ولم أسمع منه فعلاً متصرفا بالواو، ولامه (ياء) لأنك تقول: غشي يغشى، والغشيان وغشيته أي: ألبسته وسترته، والغشاوة من الغشيان كالجباوة من جبيت، في أن (الواو) كأنها بدل من (الياء) إذ [[في (أ)، (ج): (إذا) وفي (ب) و"الحجة": (إذ). وهو الأولى لصحة السياق.]] لم يصرف منه فعل بالواو كما لم يصرف من الجباوة [[في (ب): (الجباره). انظر كلام أبي علي في "الحجة" 1/ 300، نقله الواحدي بتصرف، قال ابن فارس (غشى): الغين والشين والحرف المعتل، أصل صحيح == يدل على تغطية شيء بشيء. "معجم مقاييس اللغة" 1/ 425.
قال السمين الحلبي بعد أن ذكر كلام أبي علي: وظاهر عبارته أن الواو بدل من الياء، فالياء أصل؛ بدليل تصرف الفعل منها دون مادة الواو، والذي يظهر أن لهذا المعنى مادتين: غ ش و، غ ش ى، ثم تصرفوا في إحدى المادتين واستغنوا بذلك عن التصرف في المادة الأخرى، وهذا أقرب من ادعاء قلب الواو ياء من غير سبب ..)، "الدر المصون" 1/ 116.]].
والأشهر في القراءة رفع الغشاوة [[قرأ السبعة كلهم برفع الغشاوة، إلا ما روى المفضل الضبي، عن عاصم أنه قرأ بالنصب. انظر "الحجة" لأبي علي 1/ 291، 312، وقال الطبري: إن قراءة الرفع هي الصحيحة، والنصب شاذة، 1/ 262، ونحوه قال أبو الليث في "تفسيره" 1/ 93.]]، لأنها لم تحمل على (ختم)، ألا ترى أنه قد جاء في الأخرى ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾ [الجاثية: 23]، فلما [[في "الحجة": (فكما) 1/ 309.]] لم تحمل في هذه على (ختم) كذلك لا تحمل هاهنا [[في "الحجة" (كذلك لا تحمل في هذِه التي في مسألتنا) 1/ 309.]]، وبقطعها عن ختم فتكون مرفوعة [[فى (ب): (فتكون من موسه بعلى).]] بعلى [[في "الحجة": (ملها على (ختم) قطعها عنه وإذا قطعها عن (ختم) كانت مرفوعة إما بالظرف، وإما بالابتداء، "الحجة" 1/ 309. قال مكي: (غشاوة: رفع بالابتداء، والخبر. وعلى أبصارهم)، (المشكل) 1/ 20، وقال العكبري: (وعلى قول الأخفش (غشاوة) مرفوع بالجار كارتفاع الفاعل بالفعل)، "الإملاء" 1/ 15.]].
وقرأ المفضل [[هو المفضل بن محمد الضبي الكوفي، إمام مقرئ، نحوي، إخباري، أخذ القراءة عن عاصم، ومات سنة ثمان وستين ومائة.
انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" 13/ 121، "الأنساب" 8/ 385، "إنباه الرواة" 3/ 298، "غاية النهاية" 2/ 307.]] ﴿غِشَاوَةٌ﴾ بالنصب [[قال ابن مجاهد: "قرأوا كلهم (غشاوة) في (البقرة) رفعا وبالألف، إلا أن المفضل == ابن محمد الضبي روى عن عاصم (وعلى أبصارهم غشاوة) نصبا"، "السبعة" ص 141، "معاني القرآن" للفراء1/ 13، "الحجة" 1/ 291 "زاد المسير" 1/ 28.]]. وله وجهان: أحدهما [[في (ج): (أحدها).]]: أن تحمل على الفعل، كأنه قال: وختم على قلبه غشاوة، أي: بغشاوة فلما حذف الحرف وصل الفعل، ومعنى ختم عليه بغشاوة: مثل جعل على بصره غشاوة. ألا ترى أنه إذا ختمها بالغشاوة فقد جعلها فيها، والدليل على جواز حمل غشاوة على ختم هذا الظاهر قوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ﴾ [النحل: 108]، وطبع في المعنى كختم، وقد حملت الأبصار على (طبع)، فكذلك [[(فكذلك) ساقطة من (ب).]] تحمل [[في (ب): (حمل).]] على (ختم) [[بنصه في "الحجة"،1/ 309، 310.]].
والوجه الثاني: ما قاله الفراء [["معاني القرآن" 1/ 13، 14، ونقله بتصرف يسير.]]، وهو أنه نصبها بإضمار (وجعل)، كقوله في الجاثية: ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾ [الجاثية: 23].
والكلام إذا اجتمع ودل أوله على آخره حسن الإضمار، كقولك: أصاب فلان المال، فبنى الدور والعبيد والإماء واللباس، فـ (بنى) لا يقع على العبيد [[في (ب) (العبد).]] وإلاماء، واللباس فبنى لا يقع على العبيد والإماء ولكنه [[في (ب): (لكن).]]، صفات اليسار، فحسن الإضمار لما عرف، ومثله كثير. والذي لا يحسن من الإضمار [[في (ب): (لا يشتبه).]] ما يشتبه ولا يعرف المعنى، كقولك: ضربت فلانًا وفلانًا، وأنت تريد بالثاني: قتلت، لأنه ليس هاهنا دليل، وكذلك قولك: قد أعتقت يساراً أمس وآخر اليوم، وأنت تريد: واشتريت آخر اليوم، فهذا لا يجوز، لأنه مختلف [[انتهى ما نقله عن الفراء، انظر "المعاني" 1/ 14.]].
قال الزجاج في هذه الآية: إنهم كانوا يسمعون ويبصرون ويعقلون، ولكن لم يستعملوا [[في (ب): (لا يسمعوا).]] هذه الحواس استعمالاً يجدي عليهم، فصاروا كمن لا يعقل ولا يسمع ولا يبصر [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 47.]].
وقوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. (العذاب): كل ما يُعَنَي الإنسان ويشق عليه، وذكرت اشتقاقه عند قوله: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [البقرة: 10].
و (العظيم) فعيل من العظم، ومعنى العظم: هو كثرة المقدار في الجثة [[في (ب): (الجنة).]]، ثم استعير ذلك في الصفات، فقيل: كلام عظيم، [وأمر عظيم، أي: عظيم [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]]] القدر، يريدون به المبالغة في وصفه، ومن هذا الباب العظام، لأنها من [[(من) ساقطة من (ب).]] أكبر ما ركب منه البدن، فالعظم في الأصل الزيادة على المقدار [[انظر: "تهذيب اللغة" (عظم) 3/ 2488، "معجم المقاييس" (عظم) 4/ 355، "اللسان" (عظم) 5/ 3004.]]، ثم ينقسم إلى عظم الأجسام، وعظم الشأن [[في (ب): "اللسان".]]، وهو منقول إلى عظم الشأن [[في (ب): "اللسان".]] من عظم الجثة، وكثر استعماله حتى صار حقيقة في الموضعين [[انظر: "تفسير الرازي" 2/ 54.]].
ومعنى وصف العذاب بالعظم، هو المواصلة بين أجزاء الآلام بحيث لا تتخللها [[في (ب): (لا محللها).]] فرجة، أو إحداث ألم في كل جزء، أو [[في (ب): (جزوو أو يحلو).]] يخلق ألما أشد من ألم.
{"ayah":"خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَعَلَىٰ سَمۡعِهِمۡۖ وَعَلَىٰۤ أَبۡصَـٰرِهِمۡ غِشَـٰوَةࣱۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق