الباحث القرآني

﴿خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِم﴾ الآية. (الختم) في اللغة بمعنى: الطبع، والخاتم: الفاعل. وأصله من آخر الشيء [[انظر: "تهذيب اللغة" (ختم) 1/ 983 - 984، وفيه: خاتم كل شيء: آخره.]]، ومنه قوله تعالى: ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ [المطففين: 26]، قال ابن مسعود: عاقبته [[في (ج): (عاقبه).]] طعم المسك [[ذكره الأزهري في "التهذيب" (ختم) 1/ 984، وأخرج الطبري عن ابن مسعود في تفسير الآية: قال: (خلطه مسك) وعنه: (طعمه وريحه) وأخرج عن إبراهيم، والحسن: عاقبته مسك. الطبري 30/ 106، 107، وفي "الدر": أخرج سعيد بن منصور، وهناد؛ وابن أبي حاتم، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، والبيهقي في "البعث"، عن ابن مسعود، وفيه: (يجدون عاقبتها طعم المسك)، 6/ 544.]] وروي عن الحسن: مقطعه مسك [[ذكره أبو علي الفارسي في "الحجة" 1/ 292.]]. و ﴿رَّحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾ [المطففين: 25]: له ختام، أي عاقبه، قاله أبو عبيد [[لعل المراد أبو عبيدة كما في "الحجة" حيث قال: (وأظن أبا عبيدة اعتبر ما روي عن الحسن في تفسير الآية، لأنه قال في قوله: ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾: له ختام، أي: عاقبة ختامه مسك، أي: عاقبته، وأنشد لابن مقبل ... فتأول الختام على العاقبة، ليس على الختم الذي هو الطبع، وهذا قول الحسن، مقطعه مسك)، "الحجة" 1/ 292، وانظر: "مجاز القرآن" 2/ 290.]]، ومنه: خاتم النبيين، أي آخرهم [["معاني القرآن" للفراء 2/ 344، "التهذيب" (ختم) 1/ 984.]]. قال الليث: وخاتمة السورة: آخرها، وخاتم كل شيء: آخره [[ذكره الأزهري عن الليث، "تهذيب اللغة" (ختم) 1/ 984.]]. ومنه ختم القرآن، لأنه حال الفراغ من قراءته، وختم الكتاب عند طيه والفراغ منه [[انظر: "العين" 4/ 242، "الصحاح" (ختم) 5/ 1908، "معجم مقاييس اللغة" (ختم) 2/ 245.]]. وقيل في قول ابن مقبل [[هو: الشاعر تميم بن أبي بن مقبل العجلاني، شاعر مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، وبلغ مائة وعشرين سنة. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص 297، "الإصابة" 1/ 187، "الخزانة" 1/ 231.]] يصف الخمر: بالفُلْفُلِ الجَوْنِ والرُّمَّانِ مَخْتومُ [[صدره في "الحجة": مما يفتق في الحانوت ناطفها وورد صدره في "ديوانه": صرف ترقرق في الناجود ناطلها يفتق: يشق، الحانوت: دكان الخمار، ناطفها: النطف سيلان الماء، الجون: يطلق على الأبيض والأسود، وقوله (ترقرق): تترقرق أي: تتلألأ، الناجون: == راووق الخمر الذي يصفي به، الناطل: مكيال الخمر. انظر: "الحجة" 1/ 292، 294، "ديوان ابن مقبل" ص 268، "المخصص" 2/ 149.]] أي لآخرها طعم الفلفل والرمان. قال الأزهري: أصل الختم: التغطية، وختم البذر [[في (ب): (النذر).]] في الأرض إذا غطاه [["التهذيب" (ختم) 1/ 985، وفيه: (ختم البذر: تغطية).]]. وقال أبو إسحاق: معنى: ختم وطبع [[في (ب): (تطبع).]] في اللغة واحد، وهو التغطية على الشيء، والاستيثاق منه بأن لا يدخله شيء، كما قال: ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد: 24]، وكذلك قوله: ﴿طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [[جاءت في عدة آيات في التوبة ﴿وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [التوبة: 93]، وفي النحل: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [النحل: 108]، وفي محمد: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [محمد: 16]. والآية وردت في "تهذيب اللغة" ضمن كلام أبي إسحاق، "التهذيب" (ختم) 1/ 984، ويظهر أن الواحدي نقل كلام الزجاج عنه، وفي "معاني القرآن" للزجاج ورد مكانها: (طبع عليها بكفرهم) ووضع المحقق لها رقم (النساء:155)، وسياق آية النساء: ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾. انظر "معاني القرآن" للزجاج1/ 46.]] هذا كلام أبي إسحاق. واعلم أن الختم على الوعاء يمنع [[في (ب): (ممنع).]] الدخول فيه والخروج منه، كذلك الختم على قلوب الكفار يمنع دخول الإيمان فيها وخروج الكفر منها، وإنما يكون ذلك بأن يخلق الله الكفر فيها [[قال ابن كثير: (.. ختم على قلوبهم، وحال بينهم وبين الهدى، جزاء وفاقا على تماديهم في الباطل، وتركهم الحق، وهذا عدل منه تعالى حسن، وليس بقبيح ...)، == 1/ 49، وأما ما عبر به الواحدي من قوله: (بأن يخلق الله الكفر فيها ..) المعنى صحيح، فإن الله خالق كل شيء من الطاعات والكفر والمعاصي، لكن السلف لم يستعملوا هذا اللفظ تأدبا مع الله تعالى كما قال: ﴿وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ [الجن: 10]، فلم ينسب الشر إليه، مع أنه خالقه ونسب إليه الخير.]]، ويصدهم عن الهدى، ولا [[في (ب): (فلا يدخل). ولعله أولى.]] يدخل الإيمان في قلوبهم كما قال: ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ﴾ [الجاثية: 23]. فأما قول من قال: معنى ﴿خَتَمَ اَللَّهُ عَلىَ قُلُوبِهِم﴾: حكم الله بكفرهم [[ذكره الفارسي في "الحجة" 1/ 309، والثعلبي 1/ 48 ب، وهذا قول المعتزلة ذكره القاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، أحد علمائهم في كتابه "متشابه القرآن" 1/ 51، 52 تحقيق عدنان زرزور. وانظر "الكشاف" للزمخشري 1/ 157 - 162، وانظر رد الأسكندري عليه في "الحاشية"، "البحر المحيط" 1/ 48.]]، فغير صحيح، لأن أحدنا يحكم بكفر الكافر، ولا يقال [[في (ب): (ولان يقال).]]: ختم على قلبه. وذهب بعض المتأولين من القدرية إلى أن معنى ﴿ختم الله على قلوبهم﴾: وسمها سمة [[في (ج): (وسمة).]] تدل [[في (ب): (يدل).]] على أن فيها الكفر، لتعرفهم الملائكة بتلك السمة، وتفرق [[في (ب): (يفرق)]] بينهم وبين المؤمنين الذين في قلوبهم الشرع [[في (ب): (السرح) وفي (ج): (الشرح). == وهذا قول ثانٍ للمعتزلة. انظرة "متشابه القرآن" للهمذاني 1/ 51، 52، "البحر المحيط" 1/ 48.]]. قال: والختم والطبع واحد، وهما سمة وعلامة في قلب المطبوع على قلبه [[ذكره أبو علي الفارسي في "الحجة" عن قوم من المتأولين، 1/ 301.]]. وهذا باطل، لأن الختم في اللغة ليس هو الإعلام، ولا يقال: ختمت على الشيء بمعنى: أعلمت عليه ومن حمل الختم على الإعلام فقد تشهى على أهل اللغة، وجر كلامهم إلى موافقة عقيدته. وقوله تعالى ﴿عَلىَ قُلُوبِهِم﴾. قال الليث: القلب مضغة من الفؤاد، معلقة بالنياط [["تهذيب اللغة" (قلب) 3/ 3026.]]. وكأنه أخص من الفؤاد، ولذلك [[في (ب): (وكذلك).]] قالوا: أصبت حبة قلبه، وسويداء قلبه. وقيل: القلوب والأفئدة: قريبان من السواء [[في (ب): (العوا).]]. وقال بعضهم: سمي القلب قلبا لتقلبه [["تهذيب اللغة" (قلب) 3/ 3026.]]، وأنشد: ما سمي القلب [[في (ج): (ما سمي القلب قلبا إلا من ..).]] إلا من تقلبه ... والرأي [[في (ب): (الذي).]] يصرف بالإنسان أطوارا [[البيت في "التهذيب" (قلب) 3/ 3026، وكذا "اللسان" (قلب) 6/ 3714، بهذا النص، وورد في القرطبي 1/ 163، و"الدر المصون" 1/ 114، "روح المعاني" 1/ 135، شطره الثاني: == فاحذر على القلب من قلب وتحويل غير منسوب في جميع المصادر.]] وقوله تعالى: ﴿وَعَلَى سَمْعِهِمْ﴾. وحد السمع، لأنه مصدر، والمصادر لا تثنى ولا تجمع، [لأن المصدر ينبئ عن الفعل، فهو بمنزلة الفعل، والفعل لا يثنى ولا يجمع [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 47، "تهذيب اللغة" (سمع) 2/ 1756، والثعلبي 1/ 48/ب، "تفسير أبي الليث" 1/ 93، "زاد المسير" 1/ 28، والقرطبي 1/ 165. وقيل: وحد السمع، لأن المسموع واحد وهو الصوت، وقرئ شاذا ﴿وعلى أسماعهم﴾. انظر. "الفتوحات الإلهية" 1/ 15.]]] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]]. وقال ابن الأنباري: أراد [[في جميع النسخ (أرادوا على) زيادة ألف بعد الواو والصحيح حذفها.]]: وعلى مواضع سمعهم، فحذف المضاف، كما تقول العرب: تكلم المجلس، وهم يريدون أهله، وحذف المضاف كثير في التنزيل والكلام [[لم أجده منسوبا لابن الأنباري. وورد بمعناه في "تفسير أبي الليث" 1/ 93، والقرطبي 1/ 166، "تهذيب اللغة" (سمع) 2/ 1757.]]. وقيل: اكتفى من الجمع بالواحد [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 47، والثعلبي 1/ 48 ب، و"تفسير أبي الليث" 1/ 93، و"تهذيب اللغة" (سمع) ص 1757.]]، كما قال الراعي [[كذا نسبه الثعلبي 1/ 48 ب، والبيت لعلقمة بن عبدة الفحل كما في "الكتاب" وغيره.]]: بها جيف الحسرى فأما عظامها ... فبيض وأما جلدها فصليب [[البيت لعلقمة بن عبدة الفحل، قاله يصف طريقاً شاقًّا، قطعه لممدوحه. الحسرى: جمع حسير، والحسير: البعير المعيب يتركه أصحابه فيموت، وابيضت عظامه لما أكلت السباع والطير ما عليه من لحم، صليب: يابس لم يدبغ. الشاهد (جلدها) مفرد أريد به الجمع، أي: جلودها. == انظر: "الكتاب" 1/ 209، و"معاني القرآن" للزجاج1/ 47، "تفسير الثعلبي" 1/ 48 ب، والقرطبي 1/ 165، "الخزانة" 7/ 559، وفيها: (به جيف الحسرى ..)، "الدر المصون" 1/ 114، والرازي 2/ 53، وفيه: (الحيدى) بدل (الحسرى).]] وقال الله تعالى: ﴿يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ [الشورى: 45]، وهو كثير جدًّا. وقال سيبويه [[انظر. "الكتاب" 1/ 209، والنص من الثعلبي 1/ 48/ب.]]: توحيد السمع يدل على الجمع، لأنه توسط جمعين، كقوله: ﴿يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [البقرة: 257]، وقوله: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ﴾ [النحل: 48]. وتم الكلام [[في (ج): (السلام).]] ههنا [[انظر. "معاني القرآن" للفراء1/ 13، "مجاز القرآن" 1/ 13 "تفسير الطبري" 113 - 114، "تفسير الثعلبي" 1/ 48/ ب، وذكر النحاس عن الأخفش سعيد، ويعقوب: أن وقف على (قلوبهم) كان أيضا تاما، وتعقبه النحاس فقال: (إذا وقف على (قلوبهم) وقدره بمعنى: وختم على سمعهم لم يكن الوقت على قلوبهم تماماً، لآن الثاني معطوف على الأول، وإن قدر الختم على القلوب خاصة فهو (تام) ..)، "القطع والائتناف" ص 116.]]. ثم قال: ﴿وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ﴾ الأبصار جمع البصر، والبصر العين، إلا أنه مذكر، ويقال: تبصرت الشيء بمعنى رمقته [["تهذيب اللغة" (بصر) 1/ 340.]]، ومنه قول زهير: تبصر خليلي هل ترى من ظعائن ... ............. البيت [[وتمامه كما في الديوان: تحملن بالعليا من فوق جرثم "ديوان زهير" ص 9. == الظعائن: جمع ظعينة، وهي المرأة في الهودج تحمل على الإبل، بالعلياء: الأرض المرتفعة، جرثم: ماء معين.]] والغشاوة الغطاء [[في (ب): (والعطاء).]]، ويقال للجلدة التي على الولد: غشاوة، ومنه غشى على المريض إذا دير به، لأنه لبسةٌ من حال المرض، ومنه غاشية السرج [[انظر: "تهذيب اللغة" (غشى) 3/ 2668، "اللسان" (غشى) 6/ 3261.]]. وفيه ثلاث لغات: ضم الغين وفتحها وكسرها [[ذكره في "الحجة"، قال: روى لنا عن الكسائي وعن غيره 1/ 31، وانظر: "اللسان" 6/ 3261.]]. والأفصح الكسر، لأن كل ما كان مشتملاً على شيء فهو مبني على (فعالة) كالعمامة والقلادة والعصابة. وكذلك أسماء الصناعات، لأن معنى الصناعة الاشتمال على [[(على) ساقطة من (ب).]] كل ما فيها، نحو: الخياطة والقصارة، وكذلك كل من استولى، فاسم ما استولى عليه الفعالة نحو: الخلافة والإمارة [[في (ج): (الامارمه). والكلام بنصه في "معاني القرآن" للزجاج 1/ 48، وانظر "تهذيب اللغة" (غشى) 3/ 2668، و"اللسان" (غشى) 6/ 3261 ..]]. قال أبو علي الفارسي: ولم أسمع منه فعلاً متصرفا بالواو، ولامه (ياء) لأنك تقول: غشي يغشى، والغشيان وغشيته أي: ألبسته وسترته، والغشاوة من الغشيان كالجباوة من جبيت، في أن (الواو) كأنها بدل من (الياء) إذ [[في (أ)، (ج): (إذا) وفي (ب) و"الحجة": (إذ). وهو الأولى لصحة السياق.]] لم يصرف منه فعل بالواو كما لم يصرف من الجباوة [[في (ب): (الجباره). انظر كلام أبي علي في "الحجة" 1/ 300، نقله الواحدي بتصرف، قال ابن فارس (غشى): الغين والشين والحرف المعتل، أصل صحيح == يدل على تغطية شيء بشيء. "معجم مقاييس اللغة" 1/ 425. قال السمين الحلبي بعد أن ذكر كلام أبي علي: وظاهر عبارته أن الواو بدل من الياء، فالياء أصل؛ بدليل تصرف الفعل منها دون مادة الواو، والذي يظهر أن لهذا المعنى مادتين: غ ش و، غ ش ى، ثم تصرفوا في إحدى المادتين واستغنوا بذلك عن التصرف في المادة الأخرى، وهذا أقرب من ادعاء قلب الواو ياء من غير سبب ..)، "الدر المصون" 1/ 116.]]. والأشهر في القراءة رفع الغشاوة [[قرأ السبعة كلهم برفع الغشاوة، إلا ما روى المفضل الضبي، عن عاصم أنه قرأ بالنصب. انظر "الحجة" لأبي علي 1/ 291، 312، وقال الطبري: إن قراءة الرفع هي الصحيحة، والنصب شاذة، 1/ 262، ونحوه قال أبو الليث في "تفسيره" 1/ 93.]]، لأنها لم تحمل على (ختم)، ألا ترى أنه قد جاء في الأخرى ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾ [الجاثية: 23]، فلما [[في "الحجة": (فكما) 1/ 309.]] لم تحمل في هذه على (ختم) كذلك لا تحمل هاهنا [[في "الحجة" (كذلك لا تحمل في هذِه التي في مسألتنا) 1/ 309.]]، وبقطعها عن ختم فتكون مرفوعة [[فى (ب): (فتكون من موسه بعلى).]] بعلى [[في "الحجة": (ملها على (ختم) قطعها عنه وإذا قطعها عن (ختم) كانت مرفوعة إما بالظرف، وإما بالابتداء، "الحجة" 1/ 309. قال مكي: (غشاوة: رفع بالابتداء، والخبر. وعلى أبصارهم)، (المشكل) 1/ 20، وقال العكبري: (وعلى قول الأخفش (غشاوة) مرفوع بالجار كارتفاع الفاعل بالفعل)، "الإملاء" 1/ 15.]]. وقرأ المفضل [[هو المفضل بن محمد الضبي الكوفي، إمام مقرئ، نحوي، إخباري، أخذ القراءة عن عاصم، ومات سنة ثمان وستين ومائة. انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" 13/ 121، "الأنساب" 8/ 385، "إنباه الرواة" 3/ 298، "غاية النهاية" 2/ 307.]] ﴿غِشَاوَةٌ﴾ بالنصب [[قال ابن مجاهد: "قرأوا كلهم (غشاوة) في (البقرة) رفعا وبالألف، إلا أن المفضل == ابن محمد الضبي روى عن عاصم (وعلى أبصارهم غشاوة) نصبا"، "السبعة" ص 141، "معاني القرآن" للفراء1/ 13، "الحجة" 1/ 291 "زاد المسير" 1/ 28.]]. وله وجهان: أحدهما [[في (ج): (أحدها).]]: أن تحمل على الفعل، كأنه قال: وختم على قلبه غشاوة، أي: بغشاوة فلما حذف الحرف وصل الفعل، ومعنى ختم عليه بغشاوة: مثل جعل على بصره غشاوة. ألا ترى أنه إذا ختمها بالغشاوة فقد جعلها فيها، والدليل على جواز حمل غشاوة على ختم هذا الظاهر قوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ﴾ [النحل: 108]، وطبع في المعنى كختم، وقد حملت الأبصار على (طبع)، فكذلك [[(فكذلك) ساقطة من (ب).]] تحمل [[في (ب): (حمل).]] على (ختم) [[بنصه في "الحجة"،1/ 309، 310.]]. والوجه الثاني: ما قاله الفراء [["معاني القرآن" 1/ 13، 14، ونقله بتصرف يسير.]]، وهو أنه نصبها بإضمار (وجعل)، كقوله في الجاثية: ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾ [الجاثية: 23]. والكلام إذا اجتمع ودل أوله على آخره حسن الإضمار، كقولك: أصاب فلان المال، فبنى الدور والعبيد والإماء واللباس، فـ (بنى) لا يقع على العبيد [[في (ب) (العبد).]] وإلاماء، واللباس فبنى لا يقع على العبيد والإماء ولكنه [[في (ب): (لكن).]]، صفات اليسار، فحسن الإضمار لما عرف، ومثله كثير. والذي لا يحسن من الإضمار [[في (ب): (لا يشتبه).]] ما يشتبه ولا يعرف المعنى، كقولك: ضربت فلانًا وفلانًا، وأنت تريد بالثاني: قتلت، لأنه ليس هاهنا دليل، وكذلك قولك: قد أعتقت يساراً أمس وآخر اليوم، وأنت تريد: واشتريت آخر اليوم، فهذا لا يجوز، لأنه مختلف [[انتهى ما نقله عن الفراء، انظر "المعاني" 1/ 14.]]. قال الزجاج في هذه الآية: إنهم كانوا يسمعون ويبصرون ويعقلون، ولكن لم يستعملوا [[في (ب): (لا يسمعوا).]] هذه الحواس استعمالاً يجدي عليهم، فصاروا كمن لا يعقل ولا يسمع ولا يبصر [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 47.]]. وقوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. (العذاب): كل ما يُعَنَي الإنسان ويشق عليه، وذكرت اشتقاقه عند قوله: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [البقرة: 10]. و (العظيم) فعيل من العظم، ومعنى العظم: هو كثرة المقدار في الجثة [[في (ب): (الجنة).]]، ثم استعير ذلك في الصفات، فقيل: كلام عظيم، [وأمر عظيم، أي: عظيم [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]]] القدر، يريدون به المبالغة في وصفه، ومن هذا الباب العظام، لأنها من [[(من) ساقطة من (ب).]] أكبر ما ركب منه البدن، فالعظم في الأصل الزيادة على المقدار [[انظر: "تهذيب اللغة" (عظم) 3/ 2488، "معجم المقاييس" (عظم) 4/ 355، "اللسان" (عظم) 5/ 3004.]]، ثم ينقسم إلى عظم الأجسام، وعظم الشأن [[في (ب): "اللسان".]]، وهو منقول إلى عظم الشأن [[في (ب): "اللسان".]] من عظم الجثة، وكثر استعماله حتى صار حقيقة في الموضعين [[انظر: "تفسير الرازي" 2/ 54.]]. ومعنى وصف العذاب بالعظم، هو المواصلة بين أجزاء الآلام بحيث لا تتخللها [[في (ب): (لا محللها).]] فرجة، أو إحداث ألم في كل جزء، أو [[في (ب): (جزوو أو يحلو).]] يخلق ألما أشد من ألم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب