قَوْلُهُ تَعالى: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ﴾ الخَتْمُ الطَّبْعُ، ومِنهُ خَتْمُ الكِتابِ، وفِيهِ أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: وهو قَوْلُ مُجاهِدٍ: أنَّ القَلْبَ مِثْلُ الكَفِّ، فَإذا أذْنَبَ العَبْدُ ذَنْبًا ضُمَّ مِنهُ كالإصْبَعِ، فَإذا أذْنَبَ ثانِيًا ضُمَّ مِنهُ كالإصْبَعِ الثّانِيَةِ، حَتّى يُضَمَّ جَمِيعُهُ ثُمَّ يُطْبَعَ عَلَيْهِ بِطابَعٍ.
والثّانِي: أنَّها سِمَةٌ تَكُونُ عَلامَةً فِيهِمْ، تَعْرِفُهُمُ المَلائِكَةُ بِها مِن بَيْنِ المُؤْمِنِينَ. (p-٧٣)
والثّالِثُ: أنَّهُ إخْبارٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى عَنْ كُفْرِهِمْ وإعْراضِهِمْ عَنْ سَماعِ ما دُعُوا إلَيْهِ مِنَ الحَقِّ، تَشْبِيهًا بِما قَدِ انْسَدَّ وخُتِمَ عَلَيْهِ، فَلا يَدْخُلُهُ خَيْرٌ.
والرّابِعُ: أنَّها شَهادَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى عَلى قُلُوبِهِمْ، بِأنَّها لا تَعِي الذِّكْرَ ولا تَقْبَلُ الحَقَّ، وعَلى أسْماعِهِمْ بِأنَّها لا تُصْغِي إلَيْهِ، والغِشاوَةُ: تَعامِيهِمْ عَنِ الحَقِّ.
وَسُمِّيَ القَلْبُ قَلْبًا لِتَقَلُّبِهِ بِالخَواطِرِ، وقَدْ قِيلَ:
؎ ما سُمِّيَ القَلْبُ إلّا مِن تَقَلُّبِهِ والرَّأْيُ يَصْرِفُ، والإنْسانُ أطْوارُ
والغِشاوَةُ: الغِطاءُ الشّامِلُ.
{"ayah":"خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَعَلَىٰ سَمۡعِهِمۡۖ وَعَلَىٰۤ أَبۡصَـٰرِهِمۡ غِشَـٰوَةࣱۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"}