الباحث القرآني
ولَمّا كانَ مِن أعْجَبِ العَجَبِ كَوْنُ شَيْءٍ واحِدٍ يَكُونُ هُدًى لِناسٍ دُونَ ناسٍ؛ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿خَتَمَ اللَّهُ﴾ أيْ بِجَلالِهِ ﴿عَلى قُلُوبِهِمْ﴾ أيْ خَتْمًا مُسْتَعْلِيًا عَلَيْها فَهي لا تَعِي حَقَّ الوَعْيِ، لِأنَّ الخَتْمَ عَلى الشَّيْءِ يَمْنَعُ (p-٩٦)الدُّخُولَ إلَيْهِ والخُرُوجَ مِنهُ، وأكَّدَ المَعْنى بِإعادَةِ الجارِّ، فَقالَ: ﴿وعَلى سَمْعِهِمْ﴾ فَهم لا يَسْمَعُونَ حَقَّ السَّمْعِ، وأفْرَدَهُ لِأنَّ التَّفاوُتَ فِيهِ نادِرٌ.
قالَ الحَرالِّيُّ: وشَرَّكَهُ في الخَتْمِ مَعَ القَلْبِ؛ لِأنَّ أحَدًا لا يَسْمَعُ إلّا ما عَقَلَ. انْتَهى.
﴿وعَلى أبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ﴾ فَهم لا يَنْظُرُونَ بِالتَّأمُّلِ.
ولَمّا سَوّى هُنا بَيْنَ الإنْذارِ وعَدَمِهِ؛ كانَتِ البُداءَةُ بِالقُلُوبِ أنْسَبُ تَسْوِيَةً لَهم بِالبَهائِمِ. ولَمّا كانَ الغَبِيُّ قَدْ يَسْمَعُ أوْ يُبْصِرُ فَيَهْتَدِي، وكانَ إلى السَّمْعِ أضَرَّ لِعُمُومِهِ وخُصُوصِ البَصَرِ بِأحْوالِ الضِّياءِ؛ نَفى السَّمْعَ ثُمَّ البَصَرَ تَسْفِيلًا لَهم عَنْ حالِ البَهائِمِ، بِخِلافِ ما في ”الجاثِيَةِ“ فَإنَّهُ لَمّا أخْبَرَ فِيها بِالإضْلالِ وكانَ الضّالُّ أحْوَجَ شَيْءٍ إلى سَماعِ الهادِي نَفاهُ، ولَمّا (p-٩٧)كانَ الأصَمُّ، إذا كانَ ذا فَهْمٍ أوْ بَصَرٍ أمْكَنَتْ هِدايَتُهُ وكانَ الفَهْمُ أشْرَفَ نَفاهُما عَلى ذَلِكَ التَّرْتِيبِ.
ولَمّا وصَفَهم بِذَلِكَ أخْبَرَ بِمَآلِهِمْ، فَقالَ: ﴿ولَهم عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ قالَ الحَرالِّيُّ: وفي قَوْلِهِ: ﴿ولَهُمْ﴾ إعْلامٌ بِقُوَّةِ تَداعِي حالِهِمْ لِذَلِكَ العَذابِ واسْتِحْقاقِهِمْ لَهُ وتَنَشُّؤِ ذَواتِهِمْ إلَيْهِ حَتّى يَشْهَدَ عَيانَ المَعْرِفَةِ بِهِ - أيِ العَذابِ - وبِهِمْ أنَّهُ لَهم وكانَ عَذابُهم عَظِيمًا آخِذًا في عُمُومِ ذَواتِهِمْ لِكَوْنِهِمْ لَمْ تَلْتَبِسْ أبْدانُهم ولا نُفُوسُهم ولا أرْواحُهم بِما يَصُدُّ عَنْهم شَيْئًا مِن عَذابِها كَما يَكُونُ لِلْمُعاقَبِينَ مِن مُذْنِبِي مُؤْمِنِي الأُمَمِ حَيْثُ يَتَنَكَّبُ العَذابُ عَنْ وُجُوهِهِمْ ومَواضِعِ وُضُوئِهِمْ ونَحْوِ ذَلِكَ. انْتَهى.
(p-٩٨)وسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ومِنَ النّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أنْدادًا﴾ [البقرة: ١٦٥] ما يَلْتَفِتُ إلى هُنا.
قالَ الحَرالِّيُّ: ”الكُفْرُ“ تَغْطِيَةُ ما حَقُّهُ الإظْهارُ، و”الإنْذارُ“ الإعْلامُ بِما يُحَذِّرُ، و”الخَتْمُ“ إخْفاءُ خَبَرِ الشَّيْءِ بِجَمْعِ أطْرافِهِ عَلَيْهِ عَلى وجْهٍ يَتَحَفَّظُ بِهِ و”القَلْبُ“ مَبْدَأُ كِيانِ الشَّيْءِ مِن غَيْبِ قِوامِهِ، فَيَكُونُ تَغَيُّرُ كَوْنِهِ بِحَسَبَ تَقَلُّبِ قَلْبِهِ في الِانْتِهاءِ ويَكُونُ تَطَوُّرُهُ وتَكامُلُهُ بِحَسَبِ مُدَدِهِ في الِابْتِداءِ والنَّماءِ، والقَلْبُ مِنَ الإنْسانِ بِمَنزِلَةِ السُّكّانِ مِنَ السَّفِينَةِ بِحَسَبَ تَقَلُّبِهِ يَتَصَرَّفُ سائِرُهُ، وبِوَضْعِهِ لِلتَّقَلُّبِ والتَّقْلِيبِ سُمِّيَ قَلْبًا، ولِلَطِيفِ مَعْناهُ في ذَلِكَ كانَ أكْثَرَ قَسَمِهِ ﷺ بِمُقَلِّبِ القُلُوبِ. ”والغِشاوَةُ“ غِطاءٌ مُجَلَّلٌ لا يَبْدُو مَعَهُ مِنَ المُغَطّى شَيْءٌ. و”العَذابُ“ إيلامٌ لا إجْهازَ فِيهِ، و”العَظِيمُ“ الآخِذُ في الجِهاتِ كُلِّها. (p-٩٩)انْتَهى.
وفِي تَعْقِيبِ ذِكْرِ المُؤْمِنِينَ بِذِكْرِ المَخْتُومِ عَلى مَدارِكِهِمُ المَخْتُومِ بِمَهالِكِهِمْ تَعْظِيمٌ لِلنِّعْمَةِ عَلى مَنِ اسْتَجابَ لَهُ. إذْ قالَ: اهْدِنا فَهَداهُ، وإعْلامٌ بِأنَّ الهُدى لَيْسَ إلّا بِيَدِهِ لِيُلِحُّوا في الطَّلَبِ ويَبْرَؤُوا مِنِ ادِّعاءِ حَوْلٍ أوْ قُوَّةٍ.
{"ayah":"خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَعَلَىٰ سَمۡعِهِمۡۖ وَعَلَىٰۤ أَبۡصَـٰرِهِمۡ غِشَـٰوَةࣱۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق