الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ﴾ الآيَتَيْنِ. (p-١٥٣)أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ في ”الكَبِيرِ“ واللّالِكائِيُّ في السُّنَّةِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ في ”الأسْماءِ والصِّفاتِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أأنْذَرْتَهم أمْ لَمْ تُنْذِرْهم لا يُؤْمِنُونَ﴾ ونَحْوِ هَذا مِنَ القُرْآنِ. قالَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَحْرِصُ أنْ يُؤْمِنَ جَمِيعُ النّاسِ ويُتابِعُوهُ عَلى الهُدى، فَأخْبَرَهُ اللَّهُ أنَّهُ لا يُؤْمِنُ إلّا مَن سَبَقَ لَهُ مِنَ اللَّهِ السَّعادَةُ في الذِّكْرِ الأوَّلِ ولا يَضِلُّ إلّا مَن سَبَقَ لَهُ مِنَ اللَّهِ الشَّقاءُ في الذِّكْرِ الأوَّلِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: «قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنّا نَقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ فَنَرْجُو ونَقْرَأُ فَنَكادُ نَيْأسُ. فَقالَ: ألا أُخْبِرُكم عَنْ أهْلِ الجَنَّةِ وأهْلِ النّارِ؟ قالُوا: بَلى يا رَسُولَ اللَّهِ. فَقالَ: ﴿الم﴾ [البقرة: ١] ﴿ذَلِكَ الكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢] إلى قَوْلِهِ ﴿المُفْلِحُونَ﴾ [البقرة: ٥] . هَؤُلاءِ أهْلُ الجَنَّةِ. قالُوا: إنّا نَرْجُو أنْ نَكُونَ هَؤُلاءِ، ثُمَّ قالَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أأنْذَرْتَهُمْ﴾ إلى قَوْلِهِ ﴿عَظِيمٌ﴾ هَؤُلاءِ أهْلُ النّارِ، قُلْنا: لَسْنا هم يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: أجَلْ» (p-١٥٤)وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أيْ: بِما أُنْزِلَ إلَيْكَ، وإنْ قالُوا: إنّا قَدْ آمَنّا بِما جاءَ مِن قَبْلِكَ ﴿سَواءٌ عَلَيْهِمْ أأنْذَرْتَهم أمْ لَمْ تُنْذِرْهم لا يُؤْمِنُونَ﴾ أيْ: إنَّهم قَدْ كَفَرُوا بِما عِنْدَهم مِن ذِكْرِكَ وجَحَدُوا ما أُخِذَ عَلَيْهِمْ مِنَ المِيثاقِ لَكَ فَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكَ وبِما عِنْدَهم مِمّا جاءَهم بِهِ غَيْرُكَ فَكَيْفَ يَسْمَعُونَ مِنكَ إنْذارًا وتَحْذِيرًا، وقَدْ كَفَرُوا بِما عِنْدَهم مِن عِلْمِكَ؟ ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وعَلى سَمْعِهِمْ وعَلى أبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ﴾ أيْ: عَنِ الهُدى أنْ يُصِيبُوهُ أبَدًا بِغَيْرِ ما كَذَّبُوكَ بِهِ مِنَ الحَقِّ الَّذِي جاءَكَ مِن رَبِّكَ حَتّى يُؤْمِنُوا بِهِ، وإنْ آمَنُوا بِكُلِّ ما كانَ قَبْلَكَ (ولَهُمْ) بِما هم عَلَيْهِ مِن خِلافِكَ ﴿عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ فَهَذا في الأحْبارِ مِن يَهُودَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي العالِيَةِ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ . قالَ: أُنْزِلَتْ هاتانِ الآيَتانِ في قادَةِ الأحْزابِ، وهُمُ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ في هَذِهِ الآيَةِ ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا﴾ [إبراهيم: ٢٨] [ إبْراهِيمَ: ٢٨] قالَ: فَهُمُ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، ولَمْ يَدْخُلْ مِنَ القادَةِ أحَدٌ في (p-١٥٥)الإسْلامِ إلّا رَجُلانِ، أبُو سُفْيانَ والحَكَمُ بْنُ أبِي العاصِي. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿أأنْذَرْتَهم أمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ قالَ: أوَعَظْتَهم أمْ لَمْ تَعِظْهم. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أأنْذَرْتَهم أمْ لَمْ تُنْذِرْهم لا يُؤْمِنُونَ﴾ قالَ: أطاعُوا الشَّيْطانَ فاسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ، فَخَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وعَلى سَمْعِهِمْ، وعَلى أبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ، فَهم لا يُبْصِرُونَ هُدًى، ولا يَسْمَعُونَ، ولا يَفْقَهُونَ، ولا يَعْقِلُونَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: الخَتْمُ عَلى قُلُوبِهِمْ وعَلى سَمْعِهِمْ، والغِشاوَةُ عَلى أبْصارِهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وعَلى سَمْعِهِمْ﴾ فَلا يَعْقِلُونَ ولا يَسْمَعُونَ وجَعَلَ عَلى (أبْصارِهِمْ) يَقُولُ: أعْيُنِهِمْ ﴿غِشاوَةٌ﴾ فَلا يُبْصِرُونَ. وأخْرَجَ الطَّسْتِيُّ في ”مَسائِلِهِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ قالَ لَهُ: أخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ﴾ قالَ: طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها. قالَ: (p-١٥٦)وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ ذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ الأعْشى وهو يَقُولُ: ؎وصَهْباءَ طافَ يَهُودِيُّها فَأبْرَزَها وعَلَيْها خُتُمْ وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ عَنِ الحَسَنِ وأبِي رَجاءٍ قَرَأ أحَدُهُما: ”غُشاوَةٌ“ والآخَرُ ”غَشْوَةً“ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب