الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ﴾ الآية. ابن عباس [[رواه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" ص 5، والطبري في "تفسيره" 3/ 89، و"ابن أبي حاتم" في تفسيره 2/ 53.]] وقتادة [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 109، والطبري 3/ 89، وذكره البغوي 1/ 334.]]، وأكثر المفسرين [[ينظر: "تفسير الطبري" 3/ 89، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 531، "تفسير الثعلبي" 2/ 1631، "الدر المنثور" 2/ 66.]] على أن المراد بالحكمة هاهنا: علم القرآن، والفهم فيه، والفقه في الدين. وقال السدي: هي النبوة [[رواه عنه الطبري في "تفسيره" 3/ 91، وا بن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 532، وذكره الثعلبي في "تفسيره" 2/ 1631، والبغوي في "تفسيره" 1/ 334.]]، وقال مجاهد، في رواية ابن أبي نجيح [[هو: أبو يسار عبد الله بن يسار بن أبي نجيح المكي الثقفي، مفسر، أخذ التفسير عن مجاهد وعطاء، من الرواة الثقات لكنه رمي بالقدر ولم يثبت عنه ذلك، توفي سنة 131هـ. ينظر: "طبقات المفسرين" للداودي 1/ 258، "التقريب" ص 330 (3719).]]: هي الإصابة في القول والفعل [[في "تفسير مجاهد" 1/ 116، ورواه الدارمي في "السنن" 2/ 436، والطبري في "تفسيره" 3/ 90، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 532.]]. قال المفضل: جماع الحكمة ما يَرُدُّ إلى الصواب [["تفسير الثعلبي" 2/ 1635، وقال ابن عطية في "المحرر الوجيز" 2/ 457: وهذه الأقوال كلها ما عدا قول السدي، قريب بعضها من بعض؛ لأن الحكمة مصدر من الإحكام، وهو الإتقان في عمل أو قول، وكتاب: الله حكمة، وسنة نبيه حكمة، وكل ما ذكر فهو جزء من الحكمة التي هي الجنس، وقال ابن كثير في "تفسيره" 1/ 345: والصحيح: أن الحكمة كما قاله الجمهور لا تختص بالنبوة، بل هي أعم منها، وأعلاها النبوة، والرسالة أخص، ولكن لأتباع الأنبياء حظ من الخير على سبيل التبع.]]، ومضى الكلام في الحكمة، ومعناها وأصلها في اللغة [[ينظر ما تقدم [البقرة: 32]]]. وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ أي: ما يتعظ إلا ذوو العقول، وإنما قيل: للاتعاظ: تَذَكُّر؛ لأنه ما لم يتذكر آيات الله وأوامره ونواهيه لم يتعظ، وإنما يتعظ بذكر ما يزجُره عن الفساد، ويدعوه إلى الصلاح، وذكرنا تفسير الألباب فيما تقدم [[ينظر ما تقدم عند الآية 179.]]. قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ﴾ النذر: ما يلتزمه الإنسان لله بإيجابه على نفسه، يقال: نَذَر يَنذرُ وينذِر. قال جميل [[هو جميل بن عبد الله بن معمر العذري، تقدمت ترجمته الآية 248.]]: فلَيْتَ رِجَالًا فِيكِ قَدْ نَذَرُوا دَمِي ... وهَمُّوا بَقَتْلي يابُثَيْنُ لَقُونِي [[البيت في "ديوانه" ص 7، و"لسان العرب" 2/ 1007 (مادة: حمم)، والأغاني 8/ 99، و"شرح ديوان الحماسة" للتبريزي 3/ 170، و"شرح ديوان الحماسة" للمرزوقي 1/ 324، و"مختار الأغاني" 2/ 237 انظر: "المعجم المفصل" 8/ 244.]] وأصله من الخوف، لأن الإنسان إنما يَعْقِدُ على نفسِهِ بالنذر خوفَ التقصير في الأمر المهم عنده [[ينظر: في (نذر) "تهذيب اللغة" 4/ 3546، "المفردات" ص 489، "اللسان" 7/ 4390، و"القاموس" ص 481.]]. وهو في الشريعة على ضربين: مُفَسَّرٌ وغيرُ مُفَسَّرٍ. فالمفسر، مثل أن تقول: لله عليَّ عتقُ رقبة، ولله عليَّ حَجٌّ، وما أشبه هذا، فيلزمه الوفاء به لا يجزيه غير ذلك. وغيرُ المُفسَّر، أن يقول: نذرت لله أن لا أفعل كذا، ثم يفعله، أو يقول: لله عليّ نذر من غير تسمية، فيلزمه في ذلك كفارة يمين [[ينظر: "تفسير القرطبي" 19/ 125.]]؛ لقول رسول الله ﷺ: "من نذر نذرًا وسَمَّى، فعليه ما سَمَّى، ومن نذر نذرًا ولم يُسَمِّ، فعليه كفارةُ يمين [[أخرجه أبو داود (3322) كتاب: الأيمان والنذور، باب: من نذر نذرًا لا يطيقه، وابن ماجه (2127) كتاب: الكفارات، باب: من نذر نذرًا ولم يسمه.]] ". والمفسرون حملوا الإنفاق في [[في (ي) و (ش): (من).]] هذه الآية على فرض الزكاة، والنذر على التطوع بالصدقة؛ لأن كل ما نوى الإنسان أن يتطوع به فهو نذر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب