الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: يؤتي الله الإصابة في القول والفعل من يشاء من عباده، ومن يؤت الإصابة في ذلك منهم، فقد أوتي خيرا كثيرا.
* * *
واختلف أهل التأويل في ذلك.
فقال بعضهم،"الحكمة" التي ذكرها الله في هذا الموضع، هي: القرآن والفقه به.
* ذكر من قال ذلك:
٦١٧٧ - حدثنا المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ ، يعني: المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله.
٦١٧٨ - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"يؤتي الحكمة من يشاء"، قال: الحكمة: القرآن، والفقه في القرآن.
٦١٧٩ - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا"، والحكمة: الفقه في القرآن.
٦١٨٠ - حدثنا محمد بن عبد الله الهلالي، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا مهدي بن ميمون، قال: حدثنا شعيب بن الحبحاب، عن أبي العالية: "ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا"، قال: الكتاب والفهم به. [[الأثر: ٦١٨٠ -"محمد بن عبد الله الهلالي" هو: محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل الهلالي، أبو مسعود البصري، روي عن جده عبيد بن عقيل، وعثمان بن عمر بن فارس، وعمرو ابن عاصم الكلابى وغيرهم، وروى عنه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه وغيرهم. قال النسائي: "لا بأس به". وقال مسلمة: "ثقة". "مسلم بن إبراهيم" الأزدي الفراهيدي، أبو عمرو البصري الحافظ. قال ابن معين: "ثقة مأمون". وكان يقول: "ما أتيت حلالا ولا حراما قط"، وقال أبو حاتم: "كان لا يحتاج إليه". وكان من المتقنين. مات سنة ٢٢٢. "مهدي بن ميمون" الأزدي المعولي. كان ثقة وذكره ابن حبان في الثقات. مات سنة ١٧١. "شعيب بن الحبحاب" و"المعولي" بكسر الميم وسكون العين المهملة وفتح الواو.
وكان في المطبوعة: "والفهم فيه". وهي صواب في المعنى، جيد في العربية وأثبت ما في المخطوطة، وهو أيضًا صواب جيد.]] .
٦١٨١ - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد قوله:"يؤتي الحكمة من يشاء" الآية، قال: ليست بالنبوة، ولكنه القرآن والعلم والفقه.
٦١٨٢ - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: الفقه في القرآن.
* * *
وقال آخرون: معنى"الحكمة"، الإصابة في القول والفعل.
* ذكر من قال ذلك:
٦١٨٣ - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، قال: سمعت مجاهدا قال:"ومن يؤت الحكمة"، قال: الإصابة.
٦١٨٤ - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل:"يؤتي الحكمة من يشاء"، قال: يؤتي إصابته من يشاء.
٦١٨٥ - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"يؤتي الحكمة من يشاء"، قال: الكتاب، يؤتي إصابته من يشاء.
* * *
وقال آخرون: هو العلم بالدين.
* ذكر من قال ذلك:
٦١٨٦ - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد:"يؤتي الحكمة من يشاء" العقل في الدين، وقرأ:"ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا".
٦١٨٧ - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: الحكمة: العقل.
٦١٨٨ - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قلت لمالك: وما الحكمة؟ قال: المعرفة بالدين، والفقه فيه، والاتباع له.
* * *
وقال آخرون:"الحكمة" الفهم.
* ذكر من قال ذلك:
٦١٩٠ - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سفيان، عن أبي حمزة، عن إبراهيم، قال: الحكمة: هي الفهم. [[الأثر: ٦١٩٠ -"أبو حمزة" هو أبو حمزة الأعور القصاب الكوفي، وهو صاحب إبراهيم النخعي. قال البخاري: "ليس بذاك". وقال: "ضعيف ذاهب الحديث". قال أبو موسى: "ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن يحدثان عن: سفيان، عن أبي حمزة، قط". وقال ابن عدي: "وأحاديثه خاصة عن إبراهيم، مما لا يتابع عليه". مترجم في التهذيب.]] .
* * *
وقال آخرون: هي الخشية.
* ذكر من قال ذلك:
٦١٩١ - حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله:"يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة" الآية، قال:"الحكمة" الخشية، لأن رأس كل شيء خشية الله. وقرأ: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ . [سورة فاطر: ٢٨] .
* * *
وقال آخرون: هي النبوة.
* ذكر من قال ذلك:
٦١٩٢ - حدثني موسى قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة"، الآية، قال: الحكمة: هي النبوة.
* * *
وقد بينا فيما مضى معنى"الحكمة"- وأنها مأخوذة من"الحكم" وفصل القضاء، وأنها الإصابة - بما دل على صحته، فأغنى ذلك عن تكريره في هذا الموضع. [[انظر تفسير"الحكمة"فيما سلف ٣: ٨٧، ٨٨، ٢١١ /ثم ٥: ١٥، ١٦، ٣٧١.]] .
* * *
وإذا كان ذلك كذلك معناه، [[في المطبوعة: "فإذا كان ذلك ... " بالفاء، ولا معنى لتغيير ما هو في المخطوطة.]] كان جميع الأقوال التي قالها القائلون الذين ذكرنا قولهم في ذلك داخلا فيما قلنا من ذلك، لأن الإصابة في الأمور إنما تكون عن فهم بها وعلم ومعرفة. وإذا كان ذلك كذلك، كان المصيب عن فهم منه بمواضع الصواب في أموره مفهما خاشيا لله فقيها عالما، [[في المطبوعة: "فهما خاشيا ... ". وفي المخطوطة: "ففهما"، والصواب قراءتها كما أثبت، بدليل معناه الذي أراده، من إدخال الأنبياء في معنى ذلك، وبدليل قوله بعد: "مفهمون ... ".]] .
وكانت النبوة من أقسامه. لأن الأنبياء مسددون مفهمون، وموفقون لإصابة الصواب في بعض الأمور،"والنبوة" بعض معاني"الحكمة".
* * *
فتأويل الكلام: يؤتي الله إصابة الصواب في القول والفعل من يشاء، ومن يؤته الله ذلك فقد آتاه خيرا كثيرا.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الألْبَابِ (٢٦٩) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وما يتعظ بما وعظ به ربه في هذه الآيات = التي وعظ فيها المنفقين أموالهم بما وعظهم به غيرهم= [[في المطبوعة: "بما وعظ به غيرهم"، وهو غير مستقيم تمام الاستقامة في السياق. وفي المخطوطة: "بما وعظهم به غيرهم"، والصواب أن تزاد"الواو" قبل"غيرهم"، ليستقيم السياق.]] فيها وفي غيرها من آي كتابه= [[سياق الجملة: "وما يتعظ بما وعظه به ربه في هذه الآيات ... فيذكر وعده ووعيده ... " وما بينهما فصل.]] فيذكر وعده ووعيده فيها، فينزجر عما زجره عنه ربه، ويطيعه فيما أمره به="إلا أولوا الألباب"، يعني: إلا أولوا العقول، الذين عقلوا عن الله عز وجل أمره ونهيه. [[انظر تفسير"الألباب"فيما سلف ٣: ٣٨٣ / ٤: ١٦٢.]] .
فأخبر جل ثناؤه أن المواعظ غير نافعة إلا أولي الحجا والحلوم، وأن الذكرى غير ناهية إلا أهل النهي والعقول.
{"ayah":"یُؤۡتِی ٱلۡحِكۡمَةَ مَن یَشَاۤءُۚ وَمَن یُؤۡتَ ٱلۡحِكۡمَةَ فَقَدۡ أُوتِیَ خَیۡرࣰا كَثِیرࣰاۗ وَمَا یَذَّكَّرُ إِلَّاۤ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق