الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ الآية. ﴿تِلْكَ﴾ ابتداء، وإنما قال: ﴿تِلْكَ﴾ ولم يقل: أولئك الرسل؛ لأنه ذهب إلى الجماعة، كأنه قيل: تلك الجماعة. والرسلُ رفع، لأنها صفة لتلك، وخبر الابتداء: ﴿فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ﴾ [[ينظر في إعراب الآية: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 333، "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 328، "مشكل إعراب القرآن" 1/ 136، لكنه قال: الرسل: عطف بيان، "التبيان" 150، وذكر وجها آخر وهو: أن (الرسل) خبر، و (فضلنا) حال من الرسل.]]. والمعنى في ذكر تفضيل بعضهم على بعض زوال الشبهة لمن أوجب التسوية بينهم في الفضيلة، لاستوائهم في القيام بالرسالة. وقوله تعالى: ﴿مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ﴾ أي أراد: كلّمه الله، فحذف الهاء، والهاء تحذف كثيرًا من الصلة [[ينظر "معاني القرآن" للزجاج 1/ 333 - 334، "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 328، "تفسير الثعلبي" 2/ 1401.]]، وقد ذكرنا هذا في مواضع. وعنى بقوله: ﴿مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ﴾ موسى عليه السلام [[ينظر "معاني القرآن" للزجاج 1/ 334]]. وقوله تعالى: ﴿وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ﴾ قال أبو إسحاق: جاء في التفسير: أنه يعني به محمدًا [[في باقي النسخ: محمد.]] ﷺ، أُرسل إلى الناس كافةً، وليس شيء من الآيات التي أعطيها الأنبياء إلا والذي أُعطي محمد ﷺ أكبر [[(أكبر) ساقطة من (ش).]] [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 334.]]. وقوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ قد مضى تفسير هذا فيما تقدم. والله تعالى أخبر في هذه الآية بتفضيل بعض الأنبياء على بعض ليعرف الناس أنهم ليسوا سواءً في الفضيلة، غير أن النبي ﷺ نهانا عن الخوض في تفضيل بعض الأنبياء على بعض، ولا نخالف أمره، فقال في خبر أبي هريرة: "لا تفضلوا بين الأنبياء [[أخرجه البخاري (3414) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: [قول الله: ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾]، ولفظه: بين أولياء الله، ومسلم (2373) كتاب: الفضائل، باب: من فضائل موسى، واللفظ له.]] " فيستفاد [[في (ي): (يستفاد).]] من الآية معرفة تفاضلهم، وننتهي [[في (ي): (ويبتنى الكلام).]] عن [[في (م) و (ش): (من).]] الكلام في ذلك؛ لنهيه ﷺ. وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ يعني: من بعد الرسل ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ أي: من بعد ما وضحت لهم البراهين ﴿وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ﴾ (ثبت على إيمانه) [[ساقط من (ي).]] {وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ} كالنصارى بعد المسيح، اختلفوا فصاروا فرقًا، ثم تحاربوا [["تفسيرالثعلبي" 1/ 1402.]]، ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا﴾، كما قال: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى﴾ [الأنعام: 35]. وكرر [[في (ي): (فكرر).]] المشيئة باقتتالهم تأكيدًا للأمر، وتكذيبًا لمن زعم أنهم فعلوا ذلك من عند أنفسهم، لم يجر به قضاء ولا قدر من الله تعالى، ثم قال: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيد﴾ فيوفق من يشاء فضلًا، ويخذل من يشاء عدلًا [["تفسير الثعلبي" 1/ 1403.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب