الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿تِلْكَ الرُسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهم عَلى بَعْضٍ مِنهم مَن كَلَّمَ اللهُ ورَفَعَ بَعْضَهم دَرَجاتٍ وآتَيْنا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ البَيِّناتِ وأيَّدْناهُ بِرُوحِ القُدُسِ﴾
"تِلْكَ" رُفِعَ بِالِابْتِداءِ "والرُسُلُ" خَبَرُهُ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ "الرُسُلُ" عَطْفَ بَيانٍ و"فَضَّلْنا" الخَبَرَ، و"تِلْكَ" إشارَةٌ إلى جَماعَةٍ مُؤَنَّثَةِ اللَفْظِ.
ونَصَّ اللهُ في هَذِهِ الآيَةِ عَلى تَفْضِيلِ بَعْضِ الأنْبِياءِ عَلى بَعْضٍ، وذَلِكَ في الجُمْلَةِ دُونَ تَعْيِينِ مَفْضُولٍ، وهَكَذا هي الأحادِيثُ عَنِ النَبِيِّ عَلَيْهِ السَلامُ، فَإنَّهُ قالَ: « "أنا سَيِّدُ ولَدِ آدَمَ"،» وقالَ: "لا تُفَضِّلُونِي عَلى مُوسى". وقالَ: « "لا يَنْبَغِي لِأحَدٍ أنْ يَقُولَ: (p-١٩)أنا خَيْرٌ مِن يُونُسَ بْنِ مَتّى"»، وفي هَذا نَهْيٌ شَدِيدٌ عن تَعْيِينِ المَفْضُولِ- لِأنَّ يُونُسَ عَلَيْهِ السَلامُ كانَ شابًّا، وتَفَسَّخَ تَحْتَ أعْباءِ النُبُوَّةِ، فَإذا كانَ هَذا التَوْقِيفُ فِيهِ لِمُحَمَّدٍ ﷺ فَغَيْرُهُ أحْرى، فَرَبْطُ البابِ أنَّ التَفْضِيلَ فِيهِمْ عَلى غَيْرِ تَعْيِينِ المَفْضُولِ- وقَدْ قالَ أبُو هُرَيْرَةَ: خَيْرُ ولَدِ آدَمَ نُوحٌ وإبْراهِيمُ ومُوسى وعِيسى ومُحَمَّدٌ وهم أُولُو العَزْمِ - والمُكَلَّمُ مُوسى ﷺ، وقَدْ «سُئِلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عن آدَمَ - أنَبِيٌّ مُرْسَلٌ هُوَ؟ فَقالَ: "نَعَمْ نَبِيٌّ مُكَلَّمٌ"»، وقَدْ تَأوَّلَ بَعْضُ الناسِ أنَّ تَكْلِيمَ آدَمَ كانَ في الجَنَّةِ، فَعَلى هَذا تَبْقى خاصَّةَ مُوسى.
(p-٢٠)وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَرَفَعَ بَعْضَهم دَرَجاتٍ﴾ قالَ مُجاهِدٌ، وغَيْرُهُ: هي إشارَةٌ إلى مُحَمَّدٍ ﷺ، لِأنَّهُ بُعِثَ إلى الناسِ كافَّةً، وأُعْطِيَ الخَمْسَ الَّتِي لَمْ يُعْطَها أحَدٌ قَبْلَهُ، وهو أعْظَمُ الناسِ أُمَّةً، وخَتَمَ اللهُ بِهِ النُبُوّاتِ، إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الخُلُقِ العَظِيمِ الَّذِي أعْطاهُ اللهُ، ومِن مُعْجِزاتِهِ، وباهِرِ آياتهِ، ويَحْتَمِلُ اللَفْظُ أنْ يُرادَ بِهِ مُحَمَّدٌ وغَيْرُهُ مِمَّنْ عَظُمَتْ آياتهُ، ويَكُونَ الكَلامُ تَأْكِيدًا لِلْأوَّلِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يُرِيدَ رَفْعَ إدْرِيسَ المَكانَ العَلِيَّ، ومَراتِبَ الأنْبِياءِ في السَماءِ فَتَكُونَ الدَرَجاتُ في المَسافَةِ، ويَبْقى التَفْضِيلُ مَذْكُورًا في صَدْرِ الآيَةِ فَقَطْ.
وبَيِّناتُ عِيسى عَلَيْهِ السَلامُ: هي إحْياءُ المَوْتى، وإبْراءُ الأكْمَهِ والأبْرَصِ، وخَلْقُ الطَيْرِ مِنَ الطِينِ.
ورُوحُ القُدُسِ: جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَلامُ، وقَدْ تَقَدَّمَ ما قالَ العُلَماءُ فِيهِ.
***
قوله عزّ وجلّ:
﴿وَلَوْ شاءَ اللهُ ما اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ مِن بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ البَيِّناتُ ولَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنهم مِن آمَنَ ومِنهم مِن كَفَرَ ولَوْ شاءَ اللهُ ما اقْتَتَلُوا ولَكِنِ اللهُ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ.﴾
ظاهِرُ اللَفْظِ في قَوْلِهِ: "مِن بَعْدِهِمْ"، يُعْطِي أنَّهُ أرادَ القَوْمَ الَّذِينَ جاؤُوا مِن بَعْدِ جَمِيعِ الرُسُلِ، ولَيْسَ كَذَلِكَ المَعْنى بَلِ المُرادُ ما اقْتَتَلَ الناسُ بَعْدَ كُلِّ نَبِيٍّ، فَلَفَّ الكَلامَ لَفًّا، يَفْهَمُهُ السامِعُ وهَذا كَما تَقُولُ:
اشْتَرَيْتُ خَيْلًا ثُمَّ بِعْتُها، فَجائِزَةٌ لَكَ هَذِهِ العِبارَةُ، وأنْتَ إنَّما اشْتَرَيْتَ فَرَسًا ثُمَّ بِعْتَهُ، ثُمَّ آخَرَ وبِعْتَهُ، ثُمَّ آخَرَ وبِعْتَهُ، وكَذَلِكَ هَذِهِ النَوازِلُ إنَّما اخْتَلَفَ الناسُ بَعْدَ كُلِّ نَبِيٍّ. فَمِنهم مَن آمَنَ، ومِنهم مَن كَفَرَ بَغْيًا وحَسَدًا عَلى حُطامِ الدُنْيا، وذَلِكَ كُلُّهُ بِقَضاءٍ وقَدَرٍ، وإرادَةٍ مِنَ اللهِ تَعالى. ولَوْ شاءَ خِلافَ ذَلِكَ لَكانَ ولَكِنَّهُ (p-٢١)المُسْتَأْثِرُ بِسِرِّ الحِكْمَةِ في ذَلِكَ، الفَعّالُ لِما يُرِيدُ، فاقْتَتَلُوا بِأنْ قاتَلَ المُؤْمِنُونَ الكافِرِينَ عَلى مَرِّ الدَهْرِ، وذَلِكَ هو دَفْعُ اللهِ الناسَ بَعْضَهم بِبَعْضٍ.
{"ayah":"۞ تِلۡكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲۘ مِّنۡهُم مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُۖ وَرَفَعَ بَعۡضَهُمۡ دَرَجَـٰتࣲۚ وَءَاتَیۡنَا عِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ ٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَأَیَّدۡنَـٰهُ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِۗ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلَ ٱلَّذِینَ مِنۢ بَعۡدِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلۡبَیِّنَـٰتُ وَلَـٰكِنِ ٱخۡتَلَفُوا۟ فَمِنۡهُم مَّنۡ ءَامَنَ وَمِنۡهُم مَّن كَفَرَۚ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلُوا۟ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یَفۡعَلُ مَا یُرِیدُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق