قوله تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ قال المفسرون: (هذا رد على عيينة بن حصين، والأقرع والرؤساء الذين كانوا يفتخرون بالمال والغنى والأبناء. أخبر الله تعالى أن ذلك مما يُتَزيَّن به في الحياة الدنيا ويُتَجمل به، لا مما ينفع في الآخرة) [["جامع البيان" 15/ 253.]]. ﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ﴾ يعني: ما يأتي به سلمان، وصهيب، وفقراء المسلمين [["الجامع لأحكام القرآن" 10/ 414، "التفسير الكبير" 21/ 131.]].
واختلفوا في المراد بالباقيات الصالحات، فقال ابن عباس في رواية سعيد بن جبير: (هي الصلوات الخمس) [["جامع البيان" 15/ 254، "معالم التنزيل" 5/ 175، "المحرر الوجيز" 9/ 322، "النكت والعيون" 3/ 310.]]. وهو قول مسروق، وإبراهيم، ومحمد بن كعب [[المذكور في الطبرى وابن كثير خلاف هذا انظر: 15/ 255، وابن كثير 3/ 96.]]. وقال في رواية عطاء: (يريد سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) [["جامع البيان" 15/ 254، "معالم التنزيل" 5/ 174، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 96.]]. وهذا قول مجاهد، وعكرمة، والضحاك [["جامع البيان" 15/ 256، "معالم التنزيل" 5/ 174، "بحر العلوم" 2/ 301، "الكشف والبيان" 3/ 389 ب.]]. وروي ذلك مرفوعًا: (أن النبي -ﷺ- سمَّي هذه الأذكار الباقيات الصالحات فقال: "وهي الباقيات الصالحات") [[أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" كتاب: القرآن، باب: ما جاء في ذكر الله تبارك وتعالى 1/ 210، والإمام أحمد في "مسنده" 4/ 268، والهيثمي في "مجمع الزوائد" كتاب: الصلاة، باب: فضل الصلاة وحقنها للدم 1/ 297، وقال: رواه أحمد، وأبو يعلى، والبزار، ورجاله ورجال الصحيح، غير الحارث بن عبد الله مولى عثمان وهو ثقة. وابن الأثير في "جامع الأصول" كتاب: التفسير سورة الكهف 2/ 220، والطبراني في "الصغير" 1/ 145، وابن عدي في "الكامل" 6/ 2585، والطبري في "تفسيره" 15/ 255، والسيوطي في "الدر المنثور" 4/ 408.]]. روى ذلك أنس، وأبو هريرة، والخدري -رضي الله عنهم-. وزاد عثمان، وابن عمر، وسعيد بن المسيب: (لا حول ولا قوة إلا بالله، مع هذه الأذكار في تفسير الباقيات الصالحات) [["جامع البيان" 15/ 255، "الكشف والبيان" 3/ 389 ب، "النكت والعيون" 3/ 310، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 96، "الجامع لأحكام القرآن" 10/ 414، "تفسير الباقيات الصالحات وفضلها" 32.]].
وقال فى رواية العوفي: (هي الكلام الطيب) [["جامع البيان" 15/ 256، "النكت والعيون" 3/ 310، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 96، "الدر المنثور" 4/ 409.]]. وهذا أيضًا راجع إلى ذكر الله؛ لأنه الكلام الطيب.
وقال في رواية الوالبي: (هي الأعمال الصالحات وجميع الحسنات) [["جامع البيان" 15/ 256، "معالم التنزيل" 5/ 175، "المحرر الوجيز" 9/ 322، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 96.]].
وهو قول قتادة قال: (هي كل ما أريد به وجه الله) [["معالم التنزيل" 5/ 175، "الكشاف" 2/ 392، "الدر المنثور" 4/ 410.]]. واختاره الزجاج فقال: (هي كل عمل صالح يبقى ثوابه) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 292.]] [[والراجح -والله أعلم- أن الباقيات الصالحات: كل عمل خير، فلا وجه لقصرها == على عمل دون آخر، ولا على ما كان يفعله فقراء المهاجرين باعتبار السبب؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وهذا اختيار كثير من المفسرين. انظر: "جامع البيان" 15/ 256، "الجامع لأحكام القرآن" 10/ 414، "أضواء البيان" 4/ 109.]].
قوله تعالى: ﴿خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ قال ابن عباس: (يريد أفضل ثوابًا وأفضل أملاً من المال والبنين) [[ذكره القرطبي 10/ 144 بدون نسبة، وكذلك "روح المعاني" 15/ 287.]]. وهذا على عادة خطاب العرب تقول في الشيئين: هذا خير، وإن لم يكن في الثاني شيء يُخيَّر به. كقوله تعالى: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا﴾ [الفرقان: 24]، ومعلوم أنه، لا خير في مستقر أهل النار، وإلى هذا المعنى أشار الفراء فقال في قوله: ﴿وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ الأمل للعمل الصالح خير من الأمل للعمل السيئ) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 146.]].
وقال ابن قتيبة: (﴿وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ مما يؤملون) [["تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة 1/ 268.]]. أي: هو خير أن يؤمل.
{"ayah":"ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِینَةُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ وَٱلۡبَـٰقِیَـٰتُ ٱلصَّـٰلِحَـٰتُ خَیۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابࣰا وَخَیۡرٌ أَمَلࣰا"}