قَوْلُهُ تَعالى: ﴿المالُ والبَنُونَ زِينَةُ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ هَذا رَدٌّ عَلى المُشْرِكِينَ الَّذِينَ كانُوا يَفْتَخِرُونَ بِالأمْوالِ والأوْلادِ، فَأخْبَرَ اللَّهُ تَعالى أنَّ ذَلِكَ مِمّا يَتَزَيَّنُ بِهِ في الدُّنْيا، [ لا ] مِمّا يَنْفَعُ في الآَخِرَةِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والباقِياتُ الصّالِحاتُ﴾ فِيها خَمْسَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّها " سُبْحانَ اللَّهِ، والحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إلَهَ إلّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ "؛ رَوى أبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أنَّهُ قالَ: " «إنْ عَجَزْتُمْ عَنِ اللَّيْلِ أنْ تُكابِدُوهُ، وعَنِ العَدُوِّ أنْ تُجاهِدُوهُ، فَلا تَعْجَزُوا عَنْ قَوْلِ: سُبْحانَ اللَّهِ، والحَمْدُ اللَّهِ، ولا إلَهَ إلّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ، فَقُولُوها فَإنَّهُنَّ الباقِياتُ الصّالِحاتُ "»، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ في رِوايَةِ عَطاءٍ، وبِهِ قالَ مُجاهِدٌ، وعَطاءٌ، وعِكْرِمَةُ، والضَّحّاكُ. وسُئِلَ عُثْمانُ بْنُ عَفّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ الباقِياتِ الصّالِحاتِ، فَقالَ هَذِهِ الكَلِماتِ، وزادَ فِيها: ( ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ ) . وقالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ ومُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظِيِّ مِثْلُهُ سَواءٌ.
والثّانِي: أنَّها " لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ، والحَمْدُ لِلَّهِ، ولا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ "، رَواهُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ .
والثّالِثُ: أنَّها الصَّلَواتُ الخَمْسُ، رَواهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، ومَسْرُوقٌ، وإبْراهِيمُ. (p-١٥٠)
والرّابِعُ: الكَلامُ الطَّيِّبُ، رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والخامِسُ: هي جَمِيعُ أعْمالِ الحَسَناتِ، رَواهُ ابْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ قَتادَةُ وابْنُ زَيْدٍ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوابًا﴾؛ أيْ: أفْضَلُ جَزاءً، ﴿وَخَيْرٌ أمَلا﴾؛ أيْ: خَيْرٌ مِمّا تُؤَمِّلُونَ؛ لِأنَّ آَمالَكم كَواذِبُ، وهَذا أمَلٌ لا يَكْذِبُ.
{"ayah":"ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِینَةُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ وَٱلۡبَـٰقِیَـٰتُ ٱلصَّـٰلِحَـٰتُ خَیۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابࣰا وَخَیۡرٌ أَمَلࣰا"}