الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿المالُ والبَنُونَ زِينَةُ الحَياةِ الدُّنْيا والباقِياتُ الصّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوابًا وخَيْرٌ أمَلًا﴾ .
ذَكَرَ جَلَّ وعَلا في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ أنَّ المالَ والبَنِينَ زِينَةُ الحَياةِ الدُّنْيا، وأنَّ الباقِياتِ الصّالِحاتِ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ ثَوابًا وخَيْرٌ أمَلًا.
والمُرادُ مِنَ الآيَةِ الكَرِيمَةِ تَنْبِيهُ النّاسِ لِلْعَمَلِ الصّالِحِ؛ لِئَلّا يَشْتَغِلُوا بِزِينَةِ الحَياةِ الدُّنْيا (p-٢٨١)مِنَ المالِ والبَنِينَ عَمّا يَنْفَعُهم في الآخِرَةِ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الأعْمالِ الباقِياتِ الصّالِحاتِ، وهَذا المَعْنى الَّذِي أشارَ لَهُ هُنا جاءَ مُبَيَّنًا في آياتٍ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ والبَنِينَ والقَناطِيرِ المُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ والخَيْلِ المُسَوَّمَةِ والأنْعامِ والحَرْثِ ذَلِكَ مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا واللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ المَآبِ﴾ ﴿قُلْ أؤُنَبِّئُكم بِخَيْرٍ مِن ذَلِكم لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها وأزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾ الآيَةَ [آل عمران: ١٤ - ١٥]، وقَوْلِـهِ: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكم أمْوالُكم ولا أوْلادُكم عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الخاسِرُونَ﴾ [المنافقون: ٩]، وقَوْلِـهِ: ﴿إنَّما أمْوالُكم وأوْلادُكم فِتْنَةٌ واللَّهُ عِنْدَهُ أجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [التغابن: ١٥]، وقَوْلِـهِ: ﴿وَما أمْوالُكم ولا أوْلادُكم بِالَّتِي تُقَرِّبُكم عِنْدَنا زُلْفى إلّا مَن آمَنَ وعَمِلَ صالِحًا﴾ الآيَةَ [سبإ: ٣٧]، وقَوْلِـهِ: ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ ولا بَنُونَ﴾ ﴿إلّا مَن أتى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: ٨٨]، إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ الدّالَّةِ عَلى أنَّ الإنْسانَ لا يَنْبَغِي لَهُ الِاشْتِغالُ بِزِينَةِ الحَياةِ الدُّنْيا عَمّا يَنْفَعُهُ في آخِرَتِهِ، وأقْوالُ العُلَماءِ في الباقِياتِ الصّالِحاتِ كُلُّها راجِعَةٌ إلى شَيْءٍ واحِدٍ، وهو الأعْمالُ الَّتِي تُرْضِي اللَّهَ، سَواءٌ قُلْنا: إنَّها الصَّلَواتُ الخَمْسُ، كَما هو مَرْوِيٌّ عَنْ جَماعَةٍ مِنَ السَّلَفِ: مِنهُمُ ابْنُ عَبّاسٍ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وأبُو مَيْسَرَةَ، وعَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ، أوْ أنَّها: سُبْحانَ اللَّهِ والحَمْدُ لِلَّهِ ولا إلَهَ إلّا اللَّهُ واللَّهُ أكْبَرُ ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ، وعَلى هَذا القَوْلِ جُمْهُورُ العُلَماءِ، وجاءَتْ دالَّةٌ عَلَيْهِ أحادِيثُ مَرْفُوعَةٌ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وأبِي الدَّرْداءِ، وأبِي هُرَيْرَةَ، والنُّعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ، وعائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم.
قالَ مُقَيِّدُهُ عَفا اللَّهُ عَنْهُ: التَّحْقِيقُ أنَّ ”الباقِياتِ الصّالِحاتِ“ لَفْظٌ عامٌّ، يَشْمَلُ الصَّلَواتِ الخَمْسَ، والكَلِماتِ الخَمْسَ المَذْكُورَةَ، وغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الأعْمالِ الَّتِي تُرْضِي اللَّهَ تَعالى: لِأنَّها باقِيَةٌ لِصاحِبِها غَيْرُ زائِلَةٍ. ولا فانِيَةٍ كَزِينَةِ الحَياةِ الدُّنْيا، ولِأنَّها أيْضًا صالِحَةٌ لِوُقُوعِها عَلى الوَجْهِ الَّذِي يُرْضِي اللَّهَ تَعالى. وقَوْلُهُ: ﴿خَيْرٌ ثَوابًا﴾ تَقَدَّمَ مَعْناهُ. وقَوْلُهُ: ﴿وَخَيْرٌ أمَلًا﴾ أيِ: الَّذِي يُؤَمِّلُ مِن عَواقِبِ الباقِياتِ الصّالِحاتِ، خَيْرٌ مِمّا يُؤَمِّلُهُ أهْلُ الدُّنْيا مِن زِينَةِ حَياتِهِمُ الدُّنْيا وأصْلُ الأمَلِ: طَمَعُ الإنْسانِ بِحُصُولِ ما يَرْجُوهُ في المُسْتَقْبَلِ. ونَظِيرُ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ قَوْلُهُ تَعالى في ”مَرْيَمَ“: ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى والباقِياتُ الصّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوابًا وخَيْرٌ مَرَدًّا﴾ [مريم: ٧٦]، والمَرَدُّ: المَرْجِعُ إلى اللَّهِ يَوْمَ القِيامَةِ، وقالَ بَعْضُ العُلَماءِ: ”مَرَدًّا“ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ، أيْ: (p-٢٨٢)وَخَيْرٌ رَدًّا لِلثَّوابِ عَلى فاعِلِها، فَلَيْسَتْ كَأعْمالِ الكُفّارِ الَّتِي لا تَرُدُّ ثَوابًا عَلى صاحِبِها.
{"ayah":"ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِینَةُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ وَٱلۡبَـٰقِیَـٰتُ ٱلصَّـٰلِحَـٰتُ خَیۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابࣰا وَخَیۡرٌ أَمَلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











