قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ﴾ يَا مُحَمَّدُ أَيْ: لِقَوْمِكَ ﴿مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ﴾ يَعْنِي: الْمَطَرَ ﴿فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ﴾ خَرَجَ مِنْهُ كُلُّ لَوْنٍ وَزَهْرَةٍ ﴿فَأَصْبَحَ﴾ عَنْ قَرِيبٍ ﴿هَشِيمًا﴾ يَابِسًا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَالَ الضَّحَاكُ: كَسِيرًا وَالْهَشِيمُ: مَا يَبِسَ وَتَفَتَّتَ مِنَ النَّبَاتَاتِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا ﴿تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تُثِيرُهُ [[في "ب": تديره.]] الرِّيَاحُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: تُفَرِّقُهُ. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: تَنْسِفُهُ ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا﴾ قَادِرًا.
﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ﴾ الَّتِي يَفْتَخِرُ بِهَا عُتْبَةُ وَأَصْحَابُهُ الْأَغْنِيَاءُ ﴿زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ لَيْسَتْ مِنْ زَادِ الْآخِرَةِ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْمَالُ وَالْبَنُونَ حَرْثُ الدُّنْيَا وَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ حَرْثُ الْآخِرَةِ وَقَدْ يَجْمَعُهَا اللَّهُ لِأَقْوَامٍ.
﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ﴾ اخْتَلَفُوا فِيهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ: هِيَ قَوْلُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "أَفْضَلُ الْكَلَامِ أَرْبَعُ كَلِمَاتٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ" [[أخرجه البخاري تعليقا في الأيمان والنذور: ١١ / ٥٦٦، ووصله النسائي من طريق ضرار بن مرة عن أبي صالح عن أبي سعيد وأبي هريرة مرفوعا بلفظه وأخرجه مسلم من حديث سمرة بن جندب: ٣ / ١٦٧٥ بلفظ: "أحب" بدل: أفضل. وأخرجه ابن حبان من هذا الطريق بلفظ: "أفضل" ولحديث أبي هريرة طرق أخرى أخرجها النسائي وصححها ابن حبان. انظر: فتح الباري: ١١ / ٥٦٧.]] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَاشِمِيُّ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعَطَارِدِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ" [[أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء برقم (٢٦٩٥) : ٤ / ٢٠٧٢. والمصنف في شرح السنة: ٥ / ٦٠.]] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمْعَانَ أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ أَنْبَأَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنَا دَرَّاجٌ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "اسْتَكْثِرُوا مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ" قِيلَ: وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ [قَالَ: "الْمِلَّةُ" قِيلَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ] [[ما بين القوسين زيادة من "ب".]] قَالَ: "التَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ وَالتَّسْبِيحُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ" [[أخرجه الإمام أحمد في المسند: ٣ / ٧٥ وابن حبان ص (٥٧٩) من موارد الظمآن والحاكم: ١ / ٥١٢ وقال: "هذا أصح إسناد المصريين فلم يخرجاه". قال الهيثمي في المجمع: (١٠ / ٨٧) : "رواه أحمد وأبو يعلى ... وإسنادهما حسن". وعزاه المنذري في الترغيب والترهيب: (٢ / ٤٣١) لأحمد وأبي يعلى والنسائي وابن حبان والحاكم ونقل تصحيحه له. وأخرجه المصنف في شرح السنة: ٥ / ٦٤-٦٥. وفيه دراج عن أبي الهيثم. وهو ضعيف لكن للحديث شواهد.]] .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمَسْرُوقٌ وَإِبْرَاهِيمُ: "الباقيات الصَّالِحَاتُ" هِيَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ. وَيُرْوَى هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [[انظر: الدر المنثور: ٥ / ٣٩٩ زاد المسير: ٥ / ١٤٩.]] .
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّهَا الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ [[الدر المنثور: ٥ / ٣٩٩.]] وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا﴾ أَيْ جَزَاءً الْمُرَادُ ﴿وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ أَيْ مَا يُأَمِّلُهُ الْإِنْسَانُ.
{"ayahs_start":45,"ayahs":["وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا كَمَاۤءٍ أَنزَلۡنَـٰهُ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ فَأَصۡبَحَ هَشِیمࣰا تَذۡرُوهُ ٱلرِّیَـٰحُۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ مُّقۡتَدِرًا","ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِینَةُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ وَٱلۡبَـٰقِیَـٰتُ ٱلصَّـٰلِحَـٰتُ خَیۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابࣰا وَخَیۡرٌ أَمَلࣰا"],"ayah":"ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِینَةُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ وَٱلۡبَـٰقِیَـٰتُ ٱلصَّـٰلِحَـٰتُ خَیۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابࣰا وَخَیۡرٌ أَمَلࣰا"}