الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ اختلف أهل المعاني والمفسرون في معنى (دلوك الشمس) على قولين؛ أحدهما: أن دلوكها غروبها، وهو اختيار الفراء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 129.]] وابن قتيبة [["الغريب" لابن قتيبة 1/ 261.]]، واحتج الفراء بقول الشاعر [[نسب لقطرب في: "تفسير القرطبي" 10/ 303، و"اللسان" (برح) 1/ 245.]]:
غُدْوَةً حتى دَلَكَتْ بَرَاحِ [[وصدره:
هذا مَقَامُ قدَمَيْ رَبَاحِ
ورد بلا نسبة في "مجاز القرآن" 1/ 387، و"نوادر أبي زيد" ص 315، و"تفسير الطبري" 15/ 136، و"جمهرة اللغة" 1/ 274، و"الأزمنة والأمكنة" ص 286، و"المخصص" 9/ 25، و"تهذيب الألفاظ" ص 393 وفيه: (اليوم) بدل (غدوة)، و"تفسير الثعلبي" 7/ 116 أ، و"ابن عطية" 9/ 163، و"أبي حيان" 6/ 68، وورد برواية (ذبَّبَ) بدل (غُدْوَة) في "معاني القرآن" للفراء 2/ 129، و"تهذيب اللغة" (برح) 1/ 302، (دلك) 2/ 1220، و"الصحاح" (برح) 1/ 356، و"تفسير الماوردي" 3/ 263، و"شرح المفصل" 4/ 60، و"تفسير القرطبي" 10/ 303، و"اللسان" (برح) 1/ 245، وورد برواية: (للشمس) بدل (غدوة) في "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 255، و"تفسير الطوسي" 6/ 509، (رباح): اسم ساقٍ على بئر، قال الفراء: يعني الساقي (ذَبَّب). طرد الناس، (براح)؛ يقول: حتى قال بالراحة على العين، فينظر هل غابت ، وقال "الطبري" 15/ 136: (براج) يروى بفتح الباء فمن روى ذلك بكسرها، فإنه يعني: أشبه يضع الناظركفه على حاجبه من شعاعها == لينظر ما لقي من غبارها، وهذا تفسير أهل الغريب ... ومن روى بفتح الباء، فإنه جعله اسمًا للشمس، (دلكت): مالت للغُيوب.]] أي غابت، واحتج ابن قتيبة بقول ذي الرُّمَّة:
ولا بالآفلات [[في جميع النسخ: (بالأفلاف)، والتصويب من الديوان وجميع المصادر.]] اللّوَالِكِ [[وتمامه كما في "الديوان" 3/ 1734:
مصابيحُ ليست ليست باللَّواتي تقودُها ... نُجومٌ .................
وورد في "الغريب" لابن قتيبة 1/ 261، و"تفسير الثعلبي" 7/ 116 أ، و"الماوردي" 3/ 262، و"ابن عطية" 9/ 163، و"ابن الجوزي" 5/ 72، و"القرطبي" 10/ 303، و"اللسان" (دلك) 3/ 1412، و"تفسير أبي حيان" 6/ 68، وفي "اللسان" (صبح) 4/ 2389: المصباح من الإبل: الذي يبرك في معرَّسه فلا ينهض حتى يصبح وإن أثير، وقيل: المِصْبَحُ والمِصْباح من الإبل: التي تُصبحُ في مبركها لا ترعى حتى يرتفع النهار، وهو مما يستحب من الإبل؛ وذلك لقوتها وسمنها. والمقصود هنا: أنها من الشبع لا تبالي ألَّا ترحل، (الآفلات): الغائبات.]]
القول الثاني: أن دلوك الشمس زوالها وزيغوغتها عن كبد السماء، والصحابة مختلفون في هذا، فروى نافع وسالم عن ابن عمر قال: دلوك الشمس: زيغها حين تزول [[أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 384 بمعناه من طريق سالم، وابن أبي شيبة 2/ 44 بمعناه من طريق نافع، و"الطبري" 15/ 135 بمعناه من طريق نافع، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 181 بمعناه من طريقها، و"تفسير السمرقندي" 2/ 280، بنحوه من طريق سالم.]]، هذا قول ابن عباس في رواية داود بن الحصين [[داود بن الحصين، أبو سليمان المدني، مولى عثمان بن عفان ، محدّث مشهور ، ثقة إلا في عكرمة ، رُمي برأي الخوارج، روى عن أبيه والأعرج، وعنه: إسحاق ومالك، مات سنة (135 هـ). == انظر: "الجرح والتعديل" 3/ 408، و"ميزان الاعتدال" 2/ 195، و"الكاشف" 1/ 379، و"تقريب التهذيب" ص198 (1779).]] قال: دلوكها إذا فاء الفيء [[أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 44) بنصه من هذه الطريق، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 354 وزاد نسبته إلى ابن المنذر.]].
وقال في رواية عطاء: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ يريد لزوالها [[ورد في "معاني القرآن" للفراء 2/ 129 - بمعناه، أخرجه "الطبري" 15/ 135 بلفظه من طريق الشعبي، وورد في "تفسير الماوردي" 3/ 508 - بلفظه، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 354 وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور.]]، ونحو هذا روى مجاهد عنه، وهذا قول الحسن وعمر بن عبد العزيز والشعبي وعطاء ومجاهد وقتادة [["تفسير مجاهد" 1/ 368 بمعناه، وأخرجه "عبد الرزاق" 2/ 384 - بمعناه عن قتادة وعطاء، وابن أبي شيبة 2/ 45، بلفظه عن الشعبي، وبنحوه عن مجاهد، و"الطبري" 15/ 135 بلفظه عن الشعبي عن ابن عباس والحسن وقتادة، وبنحوه عن مجاهد، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 181 بلفظه عن الشعبي عن ابن عباس، و"تفسير السمرقندي" 2/ 280 بمعناه عن قتادة والشعبي عن ابن عباس، و"الثعلبي" 7/ 116 أبلفظه عن مجاهد والحسن وعطاء، و"الماوردي" 3/ 262 - بلفظه عن الشعبي عن ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد، و"الطوسي" 6/ 508، عن الحسن ومجاهد وقتادة.]].
ويدل على هذا ما روي عن جابر أنه قال: طعم عندي رسول الله -ﷺ- وأصحابه ثم خرجوا حين زالت الشمس، فقال النبيّ -ﷺ-: "هذا حين دلكت الشمس" [[أخرجه "الطبري" 15/ 137، بنحوه، من طريق ابن أبي ليلى عن رجل عن جابر -رضي الله عنه- قال: دعوت نبي الله -ﷺ- ومن شاء من أصحابه، فطعموا عندي ثم خرجوا حين زالت الشمس، فخرج النبي -ﷺ- فقال: "اخرج يا أبا بكر قد دلكت الشمس"، فيه== رجل مجهول، وأخرجه -كذلك- من طريق الأسود بن قيس عن نُبيح العَنزي عن جابر -رضي الله عنه- عن النبي -ﷺ- بنحوه. ورجاله ثقات، لكن الطبري لم يجزم بصحته؛ حيث قال في ترجيح هذا القول: وبذلك ورد الخبر عن رسول الله -ﷺ- وإن كان في إسناد بعضه بعض نظر، وقال بعد إيراد هذه الأخبار: فإذا كان صحيحًا ما قلنا بالذي به استشهدنا .. ، وقد استشهد بالحديث كذلك: "ابن عطية" 9/ 161، و"ابن الجوزي" 5/ 72، و"أبي حيان" 6/ 70، و"ابن كثير" 3/ 61، والحديث ضعيف.]].
وروى جماعة عن ابن مسعود أنه قال حين غربت الشمس: هذا والذي نفسي بيده وقت الصلاة حين دلكت الشمس، ثم قال: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [[أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 384 بمعناه، وابن أبي شيبة 2/ 45، بنحوه، و"الطبري" 15/ 134، بنحوه من طرق، والطبراني في "الكبير" 9/ 262، بنحوه من عدة طرق، والحاكم: التفسير، الإسراء2/ 363، بنحوه وصححه، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 116 أ، بنحوه، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 354 وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق.]].
وروى زِرّ بن حُبَيْش [[أبو مريم زِر بن حبيش الأسدي الكوفي، ثقة جليل مخضرم، سمع عمر وعليًّا -رضي الله عنهما- وعنه: عاصم بن أبي النجود والشعبي، مات سنة (82 هـ) وله (127) سنة. انظر: "الجرح والتعديل" 3/ 622، و"الكاشف" 1/ 402، و"تقريب التهذيب" ص 215 (2008).]] أن عبد الله بن مسعود قال: دلوك الشمس غروبها [[أخرجه الطبراني في "الكبير" 9/ 263 بلفظه من هذه الطريق، وورد بلفظه في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 181، و"تهذيب اللغة" (دلك) 2/ 1220، و"تفسير الجصاص" 3/ 206، و"السمرقندي" 2/ 280، و"هود الهواري" 2/ 436، و"الماوردي" 3/ 262، و"الطوسي" 6/ 508.]]، وقال علي -رضي الله عنه-: دلوك الشمس غيبوبتها [[أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 45) عنه بمعناه، قال: دلوكها غروبها، وانظر: "تفسير أبي حيان" 6/ 70 - بمعناه، وأورده السيوطي في "الدرالمنثور" 4/ 354 بمعناه == وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
وفي جميع النسخ: (غببوبته) مذكرًا، وحقها التأنيث؛ لأن الضمير يعود على الشمس وهي مؤنثة.]]، وهذا قول ابن عباس في رواية سعيد بن جبير، وإبراهيم والسدي وابن زيد [[أخرجه "الطبري" 15/ 134 بمعناه عن ابن عباس من طريق مجاهد (صحيحة)، وابن زيد، وورد في "تفسير الماوردي" 3/ 262 - بمعناه عن ابن عباس وابن زيد، و"الطوسي" 6/ 508 بمعناه عن ابن عباس وابن زيد، انظر: "تفسير ابن الجوزي" 5/ 72، عنهم- ما عدا السدي، و"الخارن" 3/ 174، عن إبراهيم والسدي.]]، وهذا قول المفسرين واختلافهم.
وأما المحققون من أهلِ اللغة: فإنهم ذهبوا إلى أن دلوك الشمس ميلها في الوقتين.
قال الزجاج: دلوك الشمس زوالها ومَيْلها في وقت الظهر، وكذلك ميلها للغروب، وهو دلوكها أيضًا [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 255، بنصه.]].
وقال المبرد: دلوك الشمس من لدن زوالها إلى غروبها عند العرب [[ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي 2/ 530، بنصه.]].
وقال الأزهري: القول عندي في دلوك الشمس أنه زوالها نصف النهار لتكون الآية جامعة للصلوات الخمس، والمعنى: أقم الصلاة؛ أي أدمها من وقت زوال الشمس إلى غسق الليل، فيدخل فيها الأولى والعصر وصلاتا غسق الليل، وهما العشاءان، ثم قال: ﴿قُرْآنَ الْفَجْرِ﴾، فهذه خمس صلوات، وإذا جعلت الدلوك: الغروب، كان الأمر في الآية مقصورًا على ثلاث صلوات.
قال: ومعنى الدلوك في كلام العرب: الزوال، ولذلك قيل للشمس إذا زالت نصف النهار: دالكة، وقيل لها إذا أقلت: دالكة؛ لأنها في الحالتين زائلة، انتهى كلامه. [["تهذيب اللغة" (دلك) 2/ 1220 بتصرف يسير. وقد رجح الطبري هذا القول، قائلاً: وأولى القولين بالصواب قول من قال: عني بقوله: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾: صلاة الظهر؛ وذلك أن الدلوك في كلام العرب: الميل. ثم قال: فإذا كان معنى الدلوك في كلام العرب هو الميل، فلا شك أن الشمس إذا زالت عن كبد السماء، فقد مالت للغروب، وذلك وقت صلاة الظهر، وكذلك رجحه البغوي 5/ 114، و"ابن عطية" 9/ 162، وذهب بعضهم إلى أن اللفظ يشمل الأمرين؛ لأن أصل الدلوك في اللغة هو الميل، والشمس تميل عند زوالها وغروبها، فلذلك انطلق على كل واحدٍ منهما. انظر: "تفسير الماوردي" 3/ 263.]] واللام في قوله: ﴿قُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ لام الأجل والسبب؛ وذلك أن الصلاة إنما تجب بزوال الشمس، فيجب على الصلي إقامتها لأجل دلوك الشمس.
وقوله تعالى: ﴿إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾، غسق الليل: سواده وظلمته، قاله الفراء والزجاج وأبو عبيدة وابن قتيبة [[جاء بنحوه في "معاني القرآن" للفراء 2/ 129، و"معاني القرآن وإعرابه" 3/ 255، و"مجاز القرآن" 1/ 388، و"الغريب" لابن قتيبة 1/ 261.]].
قال الكسائي: غسق الليل غسوقًا، والغسق الاسم بفتح السين [[انظر: "تفسير الفخر الرازي" 21/ 26، و"أبي حيان" 6/ 68، و"القرطبي" 10/ 304 بلا نسبة.]].
وقال ابن شميل: غَسقُ الليلِ دخولُ أولِه، وأتيته حين غسق الليل، أي حين يختلط وَيسُدُّ المناظر [[ورد في "تهذيب اللغة" (غسق) 3/ 2664، بنصه.]].
وقال الفراء في المصادر: أغسق الليل إغساقًا وغسق غسوقًا [[انظر: "تفسير القرطبي" 10/ 304، و"أبى حيان" 6/ 68.]].
وقال الزجاج في باب الوفاق: غسق الليل وأغسق [["فعلت وأفعلت" ص 69، بنحوه]].
وأصل هذا الحرف من السَّيَلان، قال أبو زيد: غَسَقت العينُ تَغْسِقُ، وهو هَملانُ العينِ بالغَمَص والماء [[ورد في "تهذيب اللغة" (غسق) 3/ 2664، بنصه.]]، والغاسق السائل، وأنشد شمر:
أبْكي لِفَقْدِهِمُ بِعَيْن ثَرَّةٍ ... تَجْرِي مَسَارِبُها بِعَيْنٍ غاسقٍ [[ورد في "تهذيب اللغة" (غسق) 3/ 2664، و"اللسان" (غسق) 6/ 3255.]]
أي سائل، وليس من الظلمة في شيء، ومن هذا قيل لما يسيل من أهل النار: الغَسَّاق، فمعنى غسق الليل: أي انصب بظلامه، وذلك أن الظلمة تنزل من فوق.
وروى ثعلب عن ابن الأعرابي: الغَسَقان: الانْصِبَابُ، وغَسَقَتِ السماء: أرشَّتْ [[الراء والشين أصلٌ واحد يدلّ على تفريق الشيء، والرشُّ يكون للماء والدم والدمع، ويقال: رشَّت السماءُ وأرشت، وكذلك أرشّت الطعنةُ الدم، وأرشّت العينُ الدمع. انظر: "مقاييس اللغة" 2/ 373، و"اللسان" (رشش) 3/ 1650.]].
ومنه قول عُمرَ حين غسقَ الليلُ على الظِّرابِ [[ورد أثر عمر -رضي الله عنه- في: "النهاية" 3/ 156، و"اللسان" (ظرب) 5/ 2745، (غسق) 6/ 3255. والظِّراب: جمع ظَرِبٍ بوزن كَتِفٍ، وهي الروابي الصغار. قال الليث: الظَربُ من الحجارة ما كان ناتئًا في جبلٍ أو أرض خَربةٍ]]، أي انصَّبَ الليلُ على الجبال [[ورد في"تهذيب اللغة" (غسق) 3/ 2664، بنصه.]].
وأما قول المفسرين؛ فقال ابن عباس: غسق الليل: اجتماع الليل وظلمته [[ورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 182 بنصه، و"تفسير الجصاص" 3/ 206 == بنصه، انظر: "تفسير ابن العربي" 3/ 1219، و"القرطبي" 10/ 304، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 354 وعزاه إلى ابن المنذر.]]. وقال ابن جريج: قلت لعطاء: ما غسق الليل؟ قال: أوله حين يدخل [[أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 384 بنصه، انظر: "تفسير الفخر الرازي" 21/ 27.]]
وقال ابن مسعود: غسق الليل إظلام الليل [[ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي 2/ 531.]].
وسأل نافع بن الأزرق ابن عباس: ما الغسق؟ قال: دخول الليل بظلمته، وأنشد بيت زهير:
ظلَّتْ تَجُوب يَدَاهَا وهي لاهِيَةٌ ... حتى إذا جَنَحَ الإظلامُ والغَسَقُ [[لم أجده في ديوانه، وورد في: "إيضاح الوقف والابتداء" 1/ 89، و"الإتقان" 2/ 86، و"الدر المنثور" 4/ 354، وبرواية تجود في "تفسير الماوردي" 3/ 263، و"القرطبي" 10/ 304، و"أبي حيان" 6/ 68، و"شرح القصائد السبع الطوال" ص 559 بلا نسبة.]] [[ورد في "إيضاح الوقف والابتداء" 1/ 89، انظر: "تفسير الفخر الرازي" 21/ 27، و"أبي حيان" 6/ 68 بدون الشعر فيهما، و"الإتقان" 2/ 86، و"تفسير الآلوسي" 15/ 132، و"مسائل ابن الأزرق" [ذيل الإعجاز البياني لبنت الشاطئ] ص 574.]]
وقال الأزهري: غسق الليل عندي: غَيْبُوبةُ الشَّفق الأحمر حين تحِلُّ صلاةُ عِشاء الآخرة، يدل على ذلك سِيَاقُ الآية في الأمر بالصلوات الخمس، فيدخل الظهر والعصر والمغرب والعشاء في قوله: ﴿لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ [["تهذيب اللغة" (غسق) 3/ 2664، بتصرف.]].
وقوله تعالى: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ قال ابن عباس: يريد صلاة الصبح [[أخرجه "الطبري" 15/ 140، بنصه من طريق العوفي (ضعيفة)، وأورده في "الدر المنثور" 4/ 355.]]، وكذلك قال ابن مسعود ومجاهد ومسروق وقتادة وجميع المفسرين [["تفسير مجاهد" ص 368 بنصه، وأخرجه "الطبري" 15/ 139 - 140، عنهم - عدا مسروق، أورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 355 وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد.]]، وانتصابه على أنه معطوف بالعطف على الصلاة في قوله: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ﴾ قاله الفراء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 129، بمعناه.]] والزجاج، قال الزجاج: أي: وأقم قرآن الفجر، قال: وفي هذا الموضع فائدة عظيمة؛ تدل على أن الصلاة لا تكون إلا بقراءة؛ لأنه قال: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ﴾، وأقم قرآن الفجر، فأمر أن يقيم الصلاة بالقراءة، حيث سميت الصلاة قرآنًا، فلا تكون صلاةٌ إلا بقراءة؛ انتهى كلامه [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 255، بنصه.]].
وقوله تعالى: ﴿إنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِكَانَ مَشْهُودًا﴾، كلهم قالوا: صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار [[انظر: "تفسير الطبري" 15/ 139، و"ابن عطية" 9/ 166.]].
وروى أبو هريرة أن النبيّ -ﷺ- قال: "تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الصبح"، ثم يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: ﴿قُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ الآية. [[وطرف الحديث: "فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة، وتجتمع ملائكة الليل .. " الحديث، أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" 1/ 522 بنصه، وأحمد 2/ 474، بنحوه، والبخاري (4717) كتاب: التفسير، سورة الإسراء، باب: قوله ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ ...﴾ بنصه، ومسلم (649/ 246) كتاب: المساجد، فضل الجماعة، وابن ماجه (670) كتاب: مواقيت الصلاة؛، وقت الصلاة الفجر، بنحوه، والترمذي (3135) كتاب: التفسير، الإسراء، بنحوه وقال: حسن صحيح، والنسائي: الصلاة، فضل الصلاة الجماعة == 1/ 241 بنصه، و"الطبري" 15/ 141، بنحوه، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 183، بنحوه، و"تفسير الثعلبي" 7/ 117 أ، بنصه، و"الدر المنثور" 4/ 355 وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه.]] وقال ابن مسعود: يتدارك الحارسان؛ حارس الليل وحارس النهار من الملائكة في صلاة الفجر، وإن شئتم فاقرءوا: ﴿إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [[أخرجه "الطبري" 15/ 141، بنحوه، والطبراني في "الكبير" 9/ 265، بنحوه، وورد في "تفسير هود الهواري" 2/ 437، بنحوه، و"الدر المنثور" 4/ 355 وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وابن المنذر.]].
وقال الكلبي: ملائكة الليل وملائكة النهار يجتمعون في صلاة الغداة خلف الإمام، تنزل ملائكة النهار عليهم وهم في صلاة الغداة قبل أن تعرج ملائكة الليل، فإذا فرغ الإمام من صلاته عرجت ملائكة الليل ومكثت ملائكة النهار، فتقول ملائكة الليل إذا صعدت إلى ربها: ربنا إنا تركنا عبادك يصلون لك، ويقول الآخرون: ربنا أتينا عبادك وهم يصلون، فيقول الله لملائكته: اشهدوا أني قد غفرت لهم [[لم أقف عليه، وقد ورد بهذا المعنى حديث صحيح مشهور، رواه أبو هريرة عن النبي -ﷺ- وطرفه: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ..) أخرجه البخاري (555) كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل صلاتى العصر، ومسلم (632) كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاتي الصبح والعصر.]]، وهذا معنى قول ابن عباس، ويريد أن ذلك كفارة لما صنعت، وفي هذا أيضًا دليل على أن السُنَّة التبكير بهذه الصلاة؛ لأنه إنما يشهدها القبيلان من الملائكة إذا بُكِّرَ بها، فإذا لم يُبَكَّر بها في أول الفجر كانت ملائكة الليل قد عرجت فلم تشهدها، والسُنَّة أن يصلى في الوقت الذي يشهدها القبيلان جميعًا.
{"ayah":"أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمۡسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّیۡلِ وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق