الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أقِمِ الصَّلاةَ﴾؛ أيْ: أدِّها ﴿لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾؛ أيْ: عِنْدَ دَلُوكِها. وذَكَرَ ابْنُ الأنْبارِيِّ في ( اللّامِ ) قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّها بِمَعْنى ( في ) . والثّانِي: أنَّها مُؤَكَّدَةٌ، كَقَوْلِهِ ﴿رَدِفَ لَكُمْ﴾ [ النَّمْلِ: ٧٢ ] . وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: دَلُوكُها: مِن عِنْدِ زَوالِها إلى أنْ تَغِيبَ. وقالَ الزَّجّاجُ: مَيْلُها وقْتَ الظَّهِيرَةِ دُلُوكٌ، ومَيْلُها لِلْغُرُوبِ دُلُوكٌ. وقالَ الأزْهَرِيُّ: مَعْنى ( الدُّلُوكِ ) في كَلامِ العَرَبِ: الزَّوالُ، ولِذَلِكَ قِيلَ لِلشَّمْسِ إذا زالَتْ نِصْفَ النَّهارِ: دالِكَةٌ، وإذا أفْلَتْ: دالِكَةٌ؛ لِأنَّها في الحالَيْنِ زائِلَةٌ. (p-٧٢)
وَلِلْمُفَسِّرِينَ في المُرادِ بِالدُّلُوكِ هاهُنا قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ زَوالُها نِصْفَ النَّهارِ. «رَوى جابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قالَ: دَعَوْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ ومَن شاءَ مِن أصْحابِهِ فَطَعِمُوا عِنْدِي، ثُمَّ خَرَجُوا حِينَ زالَتِ الشَّمْسُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وقالَ: " اخْرُجْ يا أبا بَكْرٍ فَهَذا حَيْثُ دَلَكَتِ الشَّمْسُ "»؛ وهَذا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وأبِي بَرْزَةَ، وأبِي هُرَيْرَةَ، والحَسَنِ، والشَّعْبِيِّ، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وأبِي العالِيَةِ، ومُجاهِدٍ، وعَطاءٍ، وعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وقَتادَةَ، والضَّحّاكِ، ومُقاتِلٍ، وهو اخْتِيارُ الأزْهَرِيِّ. قالَ الأزْهَرِيُّ: لِتَكُونَ الآَيَةُ جامِعَةً لِلصَّلَواتِ الخَمْسِ، فَيَكُونُ المَعْنى: أقِمِ الصَّلاةَ مِن وقْتِ زَوالِ الشَّمْسِ إلى غَسَقِ اللَّيْلِ، فَيَدْخُلُ فِيها الأُولى، والعَصْرُ، وصَلاتا غَسَقِ اللَّيْلِ، وهُما العِشاءانِ، ثُمَّ قالَ: ﴿وَقُرْآنَ الفَجْرِ﴾، فَهَذِهِ خَمْسُ صَلَواتٍ.
والثّانِي: أنَّهُ غُرُوبُها، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، والنَّخَعِيُّ، وابْنُ زَيْدٍ، وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ كالقَوْلَيْنِ، قالَ الفَرّاءُ: ورَأيْتُ العَرَبَ تَذْهَبُ في الدُّلُوكِ إلى غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ، وهَذا اخْتِيارُ ابْنُ قُتَيْبَةَ، قالَ: لِأنَّ العَرَبَ تَقُولُ: دَلَكَ النَّجْمُ: إذا غابَ، قالَ ذُو الرُّمَّةِ:
؎ مَصابِيحٌ لَيْسَتْ بِاللَّواتِي تَقُودُها نُجُومٌ ولا بِالأفِلاتِ الدَّوالِكِ
(p-٧٣)
وَتَقُولُ في الشَّمْسِ: دَلَكَتْ بَراحٍ، يُرِيدُونَ: غَرَبَتْ، والنّاظِرُ قَدْ وضَعَ كَفَّهُ عَلى حاجِبِهِ يَنْظُرُ إلَيْها، قالَ الشّاعِرُ:
؎ والشَّمْسُ قَدْ كادَتْ تَكُونُ دَنَفًا ∗∗∗ أدْفَعُها بِالرّاحِ كَيْ تَزَحْلَفا
فَشَبَّهَها بِالمَرِيضِ [ في ] الدَّنَفِ؛ لِأنَّها قَدْ هَمَّتْ بِالغُرُوبِ كَما قارَبَ الدَّنِفَ المَوْتُ، وإنَّما يَنْظُرُ إلَيْها مِن تَحْتِ الكَفِّ، لِيَعْلَمَ كَمْ بَقِيَ لَها إلى أنْ تَغِيبَ، ويَتَوَقّى الشُّعاعَ بِكَفِّهِ. فَعَلى هَذا المُرادِ بِهَذِهِ الصَّلاةِ: المَغْرِبُ، فَأمّا غَسَقُ اللَّيْلِ فَظَلامُهُ.
وَفِي المُرادِ بِالصَّلاةِ المُتَعَلِّقَةِ بِغَسَقِ اللَّيْلِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: العِشاءُ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ. والثّانِي: المَغْرِبُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. قالَ القاضِي أبُو يَعْلى: فَيُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المُرادُ بَيانَ وقْتِ المَغْرِبِ، أنَّهُ مِن غُرُوبِ الشَّمْسِ إلى غَسَقِ اللَّيْلِ. والثّالِثُ: المَغْرِبُ والعِشاءُ، قالَهُ الحَسَنُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقُرْآنَ الفَجْرِ﴾ المَعْنى: وأقِمْ قِراءَةَ الفَجْرِ. قالَ المُفَسِّرُونَ: المُرادُ بِهِ: صَلاةُ الفَجْرِ. قالَ الزَّجّاجُ: وفي هَذا فائِدَةٌ عَظِيمَةٌ تَدُلُّ عَلى أنَّ الصَّلاةَ لا تَكُونُ إلّا بِقِراءَةٍ، حِينَ سُمِّيَتِ الصَّلاةُ قُرْآَنًا. (p-٧٤)
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كانَ مَشْهُودًا﴾ رَوى أبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قالَ: " «تَشْهَدُهُ مَلائِكَةُ اللَّيْلِ ومَلائِكَةُ النَّهارِ» " .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: فَصَلِّ بِالقُرْآَنِ. قالَ مُجاهِدٌ، وعَلْقَمَةُ، والأسْوَدُ: التَّهَجُّدُ بَعْدَ النَّوْمِ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: تَهَجَّدْتُ: سَهِرَتُ، وهَجَدْتُ: نِمْتُ. وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: التَّهَجُّدُ هاهُنا بِمَعْنى: التَّيَقُّظِ والسَّهَرِ، واللُّغَوِيُّونَ يَقُولُونَ: هو مِن حُرُوفِ الأضْدادِ، يُقالُ لِلنّائِمِ: هاجِدٌ ومُتَهَجِّدٌ، وكَذَلِكَ لِلسّاهِرِ قالَ النّابِغَةُ:
؎ ولَوْ أنَّها عَرَضَتْ لِأشْمَطَ راهِبٍ ∗∗∗ عَبْدِ الإلَهِ صَرُورَةٍ مُتَهَجِّدِ
؎ لَرَنا لِبَهْجَتِها وحُسْنِ حَدِيثِها ∗∗∗ ولِخالِهِ رُشْدًا وإنْ لَمْ يَرْشُدِ
يَعْنِي بِالمُتَهَجِّدِ: السّاهِرَ، وقالَ لَبِيدُ:
؎ قالَ هَجَدْنا فَقَدْ طالَ السُّرى ∗∗∗ [ وقَدَرْنا إنْ خُنّا الدَّهْرَ غَفَلَ ]
(p-٧٥)
أيْ: نَوَّمَنا. وقالَ الأزْهَرِيُّ: المُتَهَجِّدُ: القائِمُ إلى الصَّلاةِ مِنَ النَّوْمِ. وقِيلَ لَهُ: مُتَهَجِّدٌ؛ لِإلْقائِهِ الهُجُودَ عَنْ نَفْسِهِ، كَما يُقالُ: تَحَرَّجَ وتَأثَّمَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿نافِلَةً لَكَ﴾ النّافِلَةُ في اللُّغَةِ: ما كانَ زائِدًا عَلى الأصْلِ.
وَفِي مَعْنى هَذِهِ الزِّيادَةِ في حَقِّهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّها زائِدَةٌ فِيما فُرِضَ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ المَعْنى: فَرِيضَةٌ عَلَيْكَ، وكانَ قَدْ فُرِضَ عَلَيْهِ قِيامُ اللَّيْلِ، هَذا قَوْلُ ابْنُ عَبّاسٍ وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ
والثّانِي: أنَّها زائِدَةٌ عَلى الفَرْضِ ولَيْسَتْ فَرْضًا، فالمَعْنى: تُطَوُّعًا وفَضِيلَةً. قالَ أبُو أُمامَةَ، والحَسَنُ، ومُجاهِدٌ: إنَّما النّافِلَةُ لِلنَّبِيِّ ﷺ خاصَّةً. قالَ مُجاهِدٌ: وذَلِكَ أنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأخَّرَ، فَما زادَ عَلى فَرْضِهِ فَهو نافِلَةٌ لَهُ وفَضِيلَةٌ، وهو لِغَيْرِهِ كَفّارَةٌ. وذَكَرَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ: أنَّ صَلاةَ اللَّيْلِ كانَتْ فَرْضًا عَلَيْهِ في الِابْتِداءِ، ثُمَّ رُخِّصَ لَهُ في تَرْكِها، فَصارَتْ نافِلَةً. وذَكَرَ ابْنُ الأنْبارِيِّ في هَذا قَوْلَيْنِ:
أحَدُهُما: يُقارِبُ ما قالَهُ مُجاهِدٌ، فَقالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا تَنَفَّلَ (p-٧٦)لا يَقْدِرُ لَهُ أنْ يَكُونَ بِذَلِكَ ماحِيًا لِلذُّنُوبِ؛ لِأنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنَبِهِ وما تَأخَّرَ، وغَيْرُهُ إذا تَنَفَّلَ كانَ راجِيًا ومُقَدِّرًا مَحْوَ السَّيِّئاتِ عَنْهُ بِالتَّنَفُّلِ، فالنّافِلَةُ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ زِيادَةٌ عَلى الحاجَةِ، وهي لِغَيْرِهِ مُفْتَقَرٌ إلَيْها، ومَأْمُولٌ بِها دَفْعَ المَكْرُوهِ. والثّانِي: أنَّ النّافِلَةَ لِلنَّبِيِّ ﷺ وأُمَّتَهُ، والمَعْنى: ومِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدُوا بِهِ نافِلَةً لَكُمْ، فَخُوطِبَ النَّبِيُّ ﷺ بِخِطابِ أُمَّتِهِ.
قَوْلُهُ تَعالى: " ﴿عَسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ " ﴾: " عَسى " مِنَ اللَّهِ واجِبَةٌ، ومَعْنى " يَبْعَثُكَ ": يُقِيمُكَ " مَقامًا مَحْمُودًا " وهو الَّذِي يَحْمَدُهُ لِأجْلِهِ جَمِيعُ أهْلِ المَوْقِفِ. وفِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ الشَّفاعَةُ لِلنّاسِ يَوْمَ القِيامَةِ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وحُذَيْفَةُ بْنُ اليَمانِ، وابْنُ عُمَرَ، وسَلْمانُ الفارِسِيُّ، وجابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، والحَسَنُ، وهي رِوايَةُ ابْنِ أبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجاهِدٍ.
والثّانِي: يُجْلِسُهُ عَلى العَرْشِ يَوْمَ القِيامَةِ. رَوى أبُو وائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أنَّهُ قَرَأ هَذِهِ الآَيَةَ، وقالَ: يُقْعِدُهُ عَلى العَرْشِ، وكَذَلِكَ رَوى الضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ولَيْثٌ عَنْ مُجاهِدٍ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ وقَرَأ الحَسَنُ، وعِكْرِمَةُ، والضَّحّاكُ، وحُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ بِفَتْحِ المِيمِ في ( مُدْخَلِ ) (p-٧٧)وَ( مُخْرَجَ ) . قالَ الزَّجّاجُ: المُدْخَلُ بِضَمِّ المِيمِ: مَصْدَرُ أدْخَلْتُهُ مُدْخَلًا، ومَن قالَ: مُدْخَلُ صِدْقٍ، فَهو عَلى أدْخَلْتُهُ، فَدَخَلَ مُدْخَلَ صِدْقٍ، وكَذَلِكَ شَرَحَ ( مُخْرَجَ ) مِثْلَهُ.
وَلِلْمُفَسِّرِينَ في المُرادِ بِهَذا المُدْخَلِ والمُخْرَجِ أحَدَ عَشْرَ قَوْلًا:
أحَدُها: أدْخِلْنِي المَدِينَةَ مُدْخَلَ صِدْقٍ، وأخْرِجْنِي مِن مَكَّةَ مُخْرَجَ صِدْقٍ. رَوى أبُو ظَبْيانَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: «كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِمَكَّةَ، ثُمَّ أُمِرَ بِالهِجْرَةِ، فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآَيَةُ.» وإلى هَذا المَعْنى ذَهَبَ الحَسَنُ في رِوايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وقَتادَةَ، وابْنِ زَيْدٍ.
والثّانِي: أدْخِلْنِي القَبْرَ مُدْخَلَ صِدْقٍ، وأخْرِجْنِي مِنهُ مُخْرَجَ صِدْقٍ، رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّالِثُ: أدْخِلْنِي المَدِينَةَ، وأخْرِجْنِي إلى مَكَّةَ، يَعْنِي: لِفَتْحِها، رَواهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والرّابِعُ: أدْخِلْنِي مَكَّةَ مُدْخَلَ صِدْقٍ، وأخْرِجْنِي مِنها مُخْرَجَ صِدْقٍ، فَخَرَجَ مِنها آَمِنًا مِنَ المُشْرِكِينَ، ودَخَلَها ظاهِرًا عَلَيْها يَوْمَ الفَتْحِ، قالَهُالضَّحّاكُ.
والخامِسُ: أدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ الجَنَّةِ، وأخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ مِن مَكَّةَ إلى المَدِينَةِ، رَواهُ قَتادَةُ عَنِ الحَسَنِ.
والسّادِسُ: أدْخِلْنِي في النُّبُوَّةِ والرِّسالَةِ، وأخْرِجْنِي مِنها مُخْرَجَ صِدْقٍ، قالَهُ مُجاهِدٌ، يَعْنِي: أخْرِجْنِي مِمّا يَجِبُ عَلَيَّ فِيها.
والسّابِعُ: أدْخِلْنِي في الإسْلامِ وأخْرِجْنِي مِنهُ، قالَهُ أبُو صالِحٍ، يَعْنِي: مِن أداءِ ما وجَبَ عَلَيَّ فِيهِ إذا جاءَ المَوْتُ. (p-٧٨)
والثّامِنُ: أدْخِلْنِي في طاعَتِكَ وأخْرِجْنِي مِنها؛ أيْ: سالِمًا غَيْرَ مُقَصِّرٍ في أدائِها، قالَهُ عَطاءٌ.
والتّاسِعُ: أدْخِلْنِي الغارَ وأخْرِجْنِي مِنهُ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ.
والعاشِرُ: أدْخِلْنِي في الدِّينِ وأخْرِجْنِي مِنَ الدُّنْيا وأنا عَلى الحَقِّ، ذَكَرَهُ الزَّجّاجُ.
والحادِي عَشَرَ: أدْخِلْنِي مَكَّةَ وأخْرِجْنِي إلى حُنَيْنٍ، ذَكَرَهُ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ.
وَأمّا إضافَةُ الصِّدْقِ إلى المَدْخَلِ والمُخْرِجِ، فَهو مَدْحٌ لَهُما. وقَدْ شَرَحْنا هَذا المَعْنى في سُورَةِ ( يُونُسَ: ٢ ) .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واجْعَلْ لِي مِن لَدُنْكَ﴾؛ أيْ: مِن عِنْدِكَ ﴿سُلْطانًا﴾ وفِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّهُ التَّسَلُّطُ عَلى الكافِرِينَ بِالسَّيْفِ، وعَلى المُنافِقِينَ بِإقامَةِ الحُدُودِ، قالَهُ الحَسَنُ. والثّانِي: أنَّهُ الحُجَّةُ البَيِّنَةُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. والثّالِثُ: المَلِكُ العَزِيزُ الَّذِي يُقْهَرُ بِهِ العُصاةُ، قالَهُ قَتادَةُ. وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: وقَوْلُهُ: ﴿نَصِيرًا﴾ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ بِمَعْنى مُنَصِّرًا، ويَصْلُحُ أنْ يَكُونَ تَأْوِيلُهُ ناصِرًا.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقُلْ جاءَ الحَقُّ وزَهَقَ الباطِلُ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّ الحَقَّ: الإسْلامُ، والباطِلُ: الشِّرْكُ، قالَهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّ الحَقَّ: القُرْآَنُ، والباطِلُ: الشَّيْطانُ، قالَهُ قَتادَةُ. والثّالِثُ: أنَّ الحَقَّ: الجِهادُ، والباطِلُ: الشِّرْكُ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. والرّابِعُ: الحَقُّ: عِبادَةُ اللَّهِ، والباطِلُ: عِبادَةُ الأصْنامِ، قالَهُ مُقاتِلٌ. ومَعْنى " زَهَقَ ": بَطَلَ واضْمَحَلَّ، وكُلُّ شَيْءٍ هَلَكَ وبَطَلَ فَقَدْ زَهَقَ، وزَهَقَتْ نَفْسُهُ: تَلَفَتْ.
وَرَوى ابْنُ مَسْعُودٍ «أنَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ دَخْلَ مَكَّةَ وحَوْلَ البَيْتِ ثَلاثُمِائَةٍ (p-٧٩)وَسِتُّونَ صَنَمًا، فَجَعَلَ يَطْعَنُها ويَقُولُ: " جاءَ الحَقُّ وزَهَقَ الباطِلُ إنَّ الباطِلَ كانَ زَهُوقًا "» .
فَإنْ قِيلَ: كَيْفَ قُلْتُمْ: إنَّ " زَهَقَ " بِمَعْنى بَطَلَ، والباطِلُ مَوْجُودٌ مَعْمُولٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أهْلِهِ ؟
فالجَوابُ: أنَّ المُرادَ مِن بُطْلانِهِ وهَلَكَتِهِ: وُضُوحُ عَيْبِهِ، فَيَكُونُ هالِكًا عِنْدَ المُتَدَبِّرِ النّاظِرِ.
{"ayahs_start":78,"ayahs":["أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمۡسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّیۡلِ وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودࣰا","وَمِنَ ٱلَّیۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةࣰ لَّكَ عَسَىٰۤ أَن یَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامࣰا مَّحۡمُودࣰا","وَقُل رَّبِّ أَدۡخِلۡنِی مُدۡخَلَ صِدۡقࣲ وَأَخۡرِجۡنِی مُخۡرَجَ صِدۡقࣲ وَٱجۡعَل لِّی مِن لَّدُنكَ سُلۡطَـٰنࣰا نَّصِیرࣰا","وَقُلۡ جَاۤءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَـٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَـٰطِلَ كَانَ زَهُوقࣰا"],"ayah":"أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمۡسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّیۡلِ وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق