الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ﴾، قال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 46.]]: أضغاث رفع؛ لأنهم أرادوا: ليس هذه بشيء [[في (أ)، (ب)، (ج): (ليس هذا شيء) والعبارة غير مستقيمة، فإما أن تكون كما ذكرته كما هو في (ي) وفي معاني القراء أو تكون (ليس هذا شيئًا)، والله أعلم.]]، إنما هي أضغاث أحلام، كقوله ﴿قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ [النحل: 24]. وأما الأضغاث، فقال النضر [["تهذيب اللغة" (ضغث) 3/ 2121.]]: الضغث كالحزمة من أنواع النبت والحشيش. وقال الأخفش [["اللسان" (ضغث) 5/ 2590 - 2591 عن أبي حنيفة.]]: هو ملء الكف من الحشيش. وقال الفراء [["تهذيب اللغة" (ضغث) 3/ 2120، و"اللسان" (ضغث) 5/ 2591.]]: الضغث ما جمعته مما قام على ساق واستطال، وقال أبو الهيثم [["تهذيب اللغة" (ضعث) 3/ 2120، و"اللسان" (ضعث) 5/ 2591.]]: كل مقبوض عليه بجمع الكف فهو ضغث، هذا معنى الضغث في اللغة [[انظر: "تهذيب اللغة" (ضغث) 3/ 2120 - 2121، و"اللسان" (ضعث) 5/ 2590 - 2591.]]، قال ابن مقبل [[الخود: الفتاة الناعمة الشابة، الشمال: الريح المعروفة وهي باردة. انظر: الطبري 12/ 226، و"البحر" 5/ 300، و"المحرر" 9/ 309، و"الدر المصون" 6/ 506.]]: خَوْدٌ كأنّ فراشَهَا وضِعَتْ به ... أضْغَاث رَيْحَان غَدَاةَ شَمَال فأما أضغاث الأحلام، فالأكثرون على أنها الأحلام المختلطة، قال أبو عبيدة [["مجاز القرآن" 1/ 312.]]: الأضغاث ما لا تأويل له من الرؤيا، قال: ونراه مأخوذًا من الخيلا [[في (ج): (الخلا).]] وهو جماعات يضم بعضها إلى بعض من الرؤيا، كالحشيش الذي يجمع، فيقال له: ضغث قدر ملء الكف، فالأضغاث من الرؤيا هي حلم لا تأويل له وأنشد [[البيت من الرجز، وهو بلا نسبة في "مجاز القرآن" 2/ 35، والقرطبي 9/ 200، 11/ 270.]]: كضِغْثِ حِلْمٍ غُرِّمنه حَالِمَة وقال الكسائي [["اللسان" (ضغث) 5/ 2590، و"تهذيب اللغة" (ضغث) 3/ 2120.]] وغيره: أضغاث الأحلام ما لا يستقيم تأويله لدخول بعضه في بعض، كأضغاث من نُبُوت [[في (ج): (نبوة).]] مختلفة يُخْلط بعضها ببعض، قال مجاهد [[القرطبي 9/ 199، و"تهذيب اللغة" (ضغث) 3/ 2121، و"اللسان" (ضغث) 5/ 2590.]]: أهاويل أحلام، وقال الكلبي [["تنوير المقباس" ص 150.]]: أباطيل أحلام، وقال قتادة [[الطبري 12/ 226، عبد الرزاق 2/ 324. وأخرجه أبو عبيد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد كما في "الدر" 4/ 39.]]: أخلاط أحلام. قال ابن الأنباري: ومعنى الآية: أنهم نفوا عن أنفسهم علم ما لا تأويل له من الرؤيا، ولم ينفوا عن أنفسهم علم تأويل ما يصح منها، فعنوا بقولهم ﴿أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ﴾ هذه منامات كاذبة لا يصح تأويلها، وما نحن بتأويل الأحلام التي هذا وصفها بعالمين، إذ كنا نعلم تأويل ما يصح، هذا معنى قول أكثر المفسرين [[الطبري 12/ 227، الثعلبي 7/ 58 ب، ابن عطية 7/ 521، "زاد المسير" 4/ 230.]]: الكلبي [["تنوير المقباس" ص 150. وقد روى عن ابن عباس: الأحلام الكاذبة، قال الهيثمي 7/ 39 رواه أبو يعلى وفيه محمد بن السائب وهو متروك.]] وغيره، ونحوه قال ابن عباس في رواية عطاء، وهو اختيار الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 113.]]؛ لأنه قال: إنهم قالوا له رؤياك أخلاط، وليس للرؤيا المختلطة عندنا تأويل، فعلى هذا لم يقرّوا بالجهل والعجز عن تأويل الأحلام، وإنما قالوا: إن رؤياك فاسدة ولا تأويل للفاسدة عندنا، وذهب آخرون إلى أنهم قالوا: هذه منامات مختلطة لا نعلمها نحن؛ إذ لم نكن من أهل العبارة، إنما يعلمها من خص بالنفاذ في البصر، وحسن استخراج ما يغمض من تأويلها، ذهب إلى هذا المعنى مقاتل بن سليمان [["تصير مقاتل" 154أ.]] ونفر معه. وقالوا معنى قوله ﴿وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ﴾ لها تأويل يعلمه غيرنا، فالأضغاث على هذا المذهب [الجماعات من الرؤيا التي يجوز أن تصح وأن تبطل، واحتجوا على هذا المذهب] [[ما بين المعقوفين في (ب) وهو ساقط من (أ) و (ج).]] بقول الساقي: ﴿أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ﴾ قالوا: ففي هذا دليل على أن الملأ اعترفوا بالعجز عن الجواب، لأنهم لو كانوا بغير هذا الوصف لم يقل الساقي ما قاله، وعلى هذا؛ الملأ قالوا للملك: ما رأيته جماعات أحلام كثيرة لا علم لنا بتأويلها، واعترفوا بالعجز عنها [[قلت: القول الأول أرجح لعدة اعتبارات، الأول: أنه قول عامة المفسرين من السلف ومن بعدهم، الثاني: أنهم وصفوا رؤيا الملك بكونها أضغاث أحلام أي لا تأويل لها، الثالث: أنه لا يتصور في هؤلاء الملأ الذين هم أهل مشورته أنهم لا يعرفونها، وأيضًا أنهم سيعترفون بعجزهم عن تأويلها، والذي يظهر أنهم علموا من تأويلها ما يسوء الملك فأرادوا أن يصرفوه عن تطلب تأويلها فقالوا "أضغاث أحلام .. ".]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب