الباحث القرآني

فَكَأنَّهُ قِيلَ: فَما قالُوا؟ فَقِيلَ: ﴿قالُوا﴾ هَذِهِ الرُّؤْيا ﴿أضْغاثُ﴾ أيْ أخْلاطٌ، جَمْعُ ضِغْثٍ - بِكَسْرِ الضّادِ وإسْكانِ (p-١١٠)الغَيْنِ المُعْجَمَةِ، وهو قَبْضُهُ حَشِيشَ مُخْتَلِطَةَ الرَّطْبِ بِاليابِسِ ﴿أحْلامٍ﴾ مُخْتَلِفَةً مُشْتَبِهَةً، جَمْعُ حُلْمٍ - بِضَمِّ الحاءِ وإسْكانِ اللّامِ وضَمِّهِ، وهو الرُّؤْيا - فَقَيَّدُوها بِالأضْغاثِ، وهو ما يَكُونُ مِنَ الرُّؤْيا باطِلًا - لِكَوْنِهِ مِن حَدِيثِ النَّفْسِ أوْ وسْوَسَةِ الشَّيْطانِ، لِكَوْنِها تُشْبِهُ أخْلاطَ النَّباتِ الَّتِي لا تَناسُبَ بَيْنَها، لِأنَّ الرُّؤْيا تارَةً تَكُونُ مِنَ المَلِكِ وهي الصَّحِيحَةُ، وتارَةً تَكُونُ مِن تَحْرِيفِ الشَّيْطانِ وتَخْلِيطاتِهِ، وتارَةً مِن حَدِيثِ النَّفْسِ؛ [ثُمَّ] قالُوا: ﴿وما نَحْنُ﴾ أيْ بِأجْمَعِنا ”بِتَأْوِيلِ“ أيْ تَرْجِيعُ ”الأحْلامِ“ أيْ مُطْلَقُ الأضْغاثِ وغَيْرُها، وأعْرَقُوا في النَّفْيِ بِقَوْلِهِمْ: ”بِعالِمِينَ“ فَدَلَّسُوا مِن غَيْرِ وجْهٍ، جَمَعُوا - وهي حُلْمٌ واحِدٌ - لِيَجْعَلُوها أضْغاثًا لا مَدْلُولَ لَها، ونَفَوْا عَنْ أنْفُسِهِمُ ”العِلْمَ المُطْلَقَ“ المُسْتَلْزِمَ لِنَفِيِ ”العِلْمِ بِالمُقَيَّدِ“ بَعْدَ أنْ أتَوْا بِالكَلامِ عَلى هَذِهِ الصُّورَةِ، لِيُوهِمُوا أنَّهم ما جَهِلُوها إلّا لِكَوْنِها أضْغاثًا - واللَّهُ أعْلَمُ؛ والقَوْلُ: كَلامٌ مُتَضَمِّنٌ بِالحِكايَةِ في البَيانِ عَنْهُ، فَإذا ذَكَرَ أنَّهُ قالَ، اقْتَضى الحِكايَةَ لِما قالَ، وإذا ذَكَرَ أنَّهُ تَكَلَّمَ، لَمْ يَقْتَضِ حِكايَةً لِما تَكَلَّمَ بِهِ، ومادَّةُ ”حَلَمَ“ بِجَمِيعِ تَقالِيبِها تَدُورُ عَلى صَرْفِ الشَّيْءِ عَنْ وجْهِهِ وعادَتِهِ وما تَقْتَضِيهِ الجِبِلَّةُ - كَما يَأْتِي في الرَّعْدِ في قَوْلِهِ: ﴿شَدِيدُ المِحالِ﴾ [الرعد: ١٣]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب