الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ﴾ الآية، هذا ليس بجواب ما سألا عنه، ولكن يوسف عليه السلام لما علم أن تأويل رؤياهما يوجب قتل أحدهما، بدأ بدعائهما إلى الإسلام ليستعدا به قبل استماع جواب الرؤيا، هذا قول جماعة من المفسرين، قال قتادة [[الطبري 12/ 219، وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 34.]]: لما علم نبي يوسف أن أحدهما مقتول دعاهما إلى حظهما من ربهما، وإلى نصيبهما من الآخرة. وقال آخرون [[أخرجه أبو عبيد، والطبري 12/ 217 وابن المنذر، وابن أبي حاتم 7/ 2144، عن ابن جريج كما في "الدر" 4/ 34.]]: قصد يوسف بهذا الدلالة على أنه عالم بتفسير الرؤيا، فقال: لا يأتيكما طعام ترزقانه في منامكما، قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 224، الثعلبي 7/ 83 أ.]]: يريد تأكلان منه، إلا نبأتكما بتأويله في اليقظة قبل أن يأتيكما التأويل، هذا قول السدي [[الطبري 12/ 217، ابن عطية 7/ 509، القرطبي 9/ 191، ابن أبي حاتم 7/ 2144.]] وابن إسحاق [[الطبري 12/ 217، ابن عطية 7/ 509.]] أن معنى قوله: ﴿لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ﴾ أي في المنام. وقال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 110.]]: أحب يوسف أن يدعوهما إلى الإيمان، وأن يعلمهم أنه نبي، وأن يدلهما على نبوته بآية معجزة، وأعلمهما أنه يخبرهما بكل طعام يؤتيان به من قبل أن يرياه، فعلى هذا معنى قوله ﴿تُرْزَقَانِهِ﴾ في اليقظة، يقول: لا يأتيكما طعام إلا أخبرتكما، أي طعام هو، وأي لون هو، وكم هو، وهذا مذهب ابن جريج [[الطبري 12/ 217 بمعناه، وأبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في "الدر" 4/ 34 وابن عطية 7/ 510، وهو مروي عن الحسن كما في "زاد المسير" 4/ 224.]]، والأول أوجه، لأن قوله: ﴿نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ يوجب أن يكون ذلك إعلامًا بتأويل ما تريان في النوم، ثم أعلمهما أن ذلك مما عرفه الله إياه، فقال: ﴿ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾ أي لم أخبركما على جهة التكهن والتنجم، وإنما أخبركما بوحي من الله وعلم، ثم أعلمهما أن هذا لا يكون إلا لمؤمن بالله نبي، فقال {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} قال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 45، وهو قول الطبري 12/ 217.]]: كرر (هم) لما فرق بينهما، وكأن الأول مُلغى والاتكاء والخبر عن الثاني، ومثله قوله ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [[النمل: 3، لقمان: 4.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب