الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٣٧ ] ﴿قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إلا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أنْ يَأْتِيَكُما ذَلِكُما مِمّا عَلَّمَنِي رَبِّي إنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وهم بِالآخِرَةِ هم كافِرُونَ﴾ ﴿قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إلا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أنْ يَأْتِيَكُما﴾ أيْ قَبْلَ أنْ يَصِلَكُما. والمُرادُ بِالطَّعامِ: ما يُبْعَثُ إلى أهْلِ السِّجْنِ. وتَأْوِيلُهُ ذِكْرُ ما هُوَ، بِأنْ يَقُولَ: يَأْتِيكُما طَعامُ كَيْتَ وكَيْتَ، فَيَجِدانِهِ كَذَلِكَ. وحَقِيقَةُ (التَّأْوِيلِ): تَفْسِيرُ الألْفاظِ المُرادِ مِنها خِلافُ ظاهِرِها بِبَيانِ المُرادِ. قالَ أبُو السُّعُودِ: فَإطْلاقُهُ عَلى تَعْيِينِ ما سَيَأْتِي مِنَ الطَّعامِ، إمّا بِطَرِيقِ الِاسْتِعارَةِ. فَإنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلى مُطْلَقِ الطَّعامِ المُبْهَمِ بِمَنزِلَةِ التَّأْوِيلِ، بِالنَّظَرِ إلى ما رُئِيَ في المَنامِ، وشَبِيهٌ لَهُ. وإمّا بِطَرِيقِ المُشاكَلَةِ، حَسْبَما وقَعَ في عِبارَتِهِما مِن قَوْلِهِما: ﴿نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ﴾ [يوسف: ٣٦] ومُرادُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِذَلِكَ: بَيانُ كُلِّ ما يَهُمُّهُما مِنَ الأُمُورِ المُتَرَقَّبَةِ قَبْلَ وُقُوعِها. وإنَّما تَخْصِيصُ الطَّعامِ بِالذِّكْرِ؛ لِكَوْنِهِ عَرِيقًا في ذَلِكَ، بِحَسَبِ الحالِ، مَعَ ما فِيهِ مِن مُراعاةِ حُسْنِ التَّخَلُّصِ إلَيْهِ مِمّا اسْتَعْبَراهُ مِنَ الرُّؤْيَتَيْنِ المُتَعَلِّقَتَيْنِ بِالشَّرابِ والطَّعامِ. ﴿ذَلِكُما﴾ أيْ ذَلِكَ التَّأْوِيلُ والإخْبارُ بِالمُغَيَّباتِ ﴿مِمّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾ أيْ بِالوَحْيِ والإلْهامِ، لا مِنَ التَّكَهُّنِ والتَّنْجِيمِ. وفِيهِ إشْعارٌ بِأنَّ لَهُ عُلُومًا جَمَّةً، ما سَمِعاهُ شَذْرَةٌ مِن جَواهِرِها. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وهم بِالآخِرَةِ هم كافِرُونَ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب