الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ ﴿قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إلا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أنْ يَأْتِيَكُما﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ في النَّوْمِ إلّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أنْ يَأْتِيَكُما في اليَقَظَةِ قالَهُ السُّدِّيُّ. الثّانِي: لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ في اليَقَظَةِ إلّا نَبَّأتْكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أنْ يَصِلَكُما لِأنَّهُ كانَ يُخْبَرُ بِما غابَ مِثْلَ عِيسى، قالَهُ الحَسَنُ. الثّالِثُ: أنَّ المَلِكَ كانَ مِن عادَتِهِ إذا أرادَ قَتْلَ إنْسانٍ صَنَعَ لَهُ طَعامًا مَعْرُوفًا وأرْسَلَ بِهِ إلَيْهِ، فَكَرِهَ يُوسُفُ تَعْبِيرَ رُؤْيا السُّوءِ قَبْلَ الإياسِ مِن صاحِبِها لِئَلّا يُخَوِّفَهُ بِها فَوَعَدَهُ بِتَأْوِيلِها عِنْدَ وُصُولِ الطَّعامِ إلَيْهِ، فَلَمّا ألَحَّ عَلَيْهِ عَبَّرَها، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. وَكَذَلِكَ رَوى ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « (مَن رَأى رُؤْيا فَلا يَقُصَّها إلّا عَلى حَبِيبٍ أوْ لَبِيبٍ)» . (p-٣٨)﴿ذَلِكُما مِمّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾ يَعْنِي تَأْوِيلَ الرُّؤْيا. ﴿إنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وهم بِالآخِرَةِ هم كافِرُونَ﴾ وإنَّما عَدَلَ عَنْ تَأْوِيلِ ما سَألاهُ عَنْهُ لِما كانَ فِيها مِنَ الكَرامَةِ، وأخْبَرَ بِتَرْكِ مِلَّةِ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ تَنْبِيهًا لَهم عَلى ثُبُوتِهِ وحَثًّا لَهم عَلى طاعَةِ اللَّهِ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا وعَلى النّاسِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا أنْ جَعَلَنا أنْبِياءَ، وعَلى النّاسِ أنْ بَعَثَنا إلَيْهِمْ رُسُلًا. وَيَحْتَمِلُ وجْهًا آخَرَ: ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا في أنْ بَرَّأنا مِنَ الزِّنا، وعَلى النّاسِ مِن أنْ خَلَّصَهم مِن مَأْثَمِ القَذْفِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب