الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ﴾، قال ابن عباس [[قال به الطبري 12/ 45، البغوي 4/ 187، "زاد المسير" 4/ 110، القرطبي 9/ 39.]]: يريد أنضم إلى جبل يعصمني من الماء، يريد: يمنعني من الماء فلا أغرق، والعصمة: المنع من الآفة، قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 54.]]: والمعنى يمنعني من تغريق الماء. قال نوح: ﴿لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ لا مانع اليوم من عذاب الله ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ﴾ استثناء منقطع، المعنى: لكن من رحم الله فإنه معصوم، وعلى هذا محل ﴿مَن﴾ نصب كقوله [[جزء من بيت للنابغة، والبيت هو: إلا أواريّ لأيًا ما أبينها ... والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد وقبل هذا البيت بيتان هما: يا دار ميّة بالعلياء فالسند ... أقوت وطال عليها سالف الأبد وقفت فيها أصيلانا أسائلها ... عيَّت جوابًا وما بالربع من أحد وهذه الأبيات مقدمة قصيدة، قالها في مدح النعمان بن المنذر، ويعتذر إليه مما بلغه عنه، وفي الديوان (إلا الأواري). انظر: ديوانه ص 14 تحقيق الطاهر بن عاشور، "الخزانة" 2/ 125، "معاني القرآن" 1/ 480، "المقتضب" 4/ 414، "شرح شواهد المغني" 27.]]: إلا أوّاري ....................... وهذا قول الفراء والزجاج، قال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 15.]]: ومن أجاز في الاستثناء المنقطع أن يكون رفعًا نحو: ................. . إلا اليعافير [[قطعة من الرجز لعامر بن الحارث المعروف بجران العود، والبيت: وبلدة ليس بها أنيس ... إلا اليعافير وإلا العيس انظر: "ديوانه" / 97، "خزانة الأدب" 10/ 15 - 18، "الدرر" 3/ 162، "شرح أبيات سيبويه" 2/ 140، "شرح المفصل" 2/ 271، "المقاصد النحوية" 3/ 170 ، وبلا نسبة في "الأشباه والنظائر" 2/ 91، "الإنصاف" ص 234، "تهذيب اللغة" 1/ 1771 (إلا)، اللسان (كنس) 7/ 3938، أوضح المسالك 2/ 261.]] لم يجز له الرفع في (من)؛ لأن الذي قال إلا اليعافير جعل أنيس البر اليعافير والوحوش، فيكون الاستثناء كالمتصل ولا يجوز هاهنا أن يكون المعصوم عاصما، هذا وجه في الاستثناء. قال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 54.]]: ويجوز [[ساقط من (ي).]] أن يكون ﴿عَاصِمَ﴾ في معنى معصوم ويكن معنى ﴿لَا عَاصِمَ﴾ هو: لا ذا عصمة، كما قالوا: (عيشة راضية) على جهة النسب، أي ذات رضا، ويكون ﴿مَنْ﴾ هو على هذا التفسير في موضع رفع ويكون المعنى: لا معصوم إلا المرحوم، ونحو هذا قال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 16، "تهذيب اللغة" (عصم) 3/ 2465.]] وقال: لا ينكرون أن يخرج المفعول على فاعل، ألا ترى قوله: ﴿مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ [الطارق: 6] معناه: مدفوق، وقوله: ﴿فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ﴾ [الحاقة: 21] معناها: مرضية، وقال [[القائل هو الحطيئة، والبيت من قصيدة يهجو فيها الزبرقان بن بدر التميمي، "ديوانه" 54، "معاني القرآن" للفراء 2/ 16، "الأغاني" 2/ 55، الطبري 12/ 46، "اللسان" (ذرق) 3/ 1499، "خزانة الأدب" 6/ 299، "شرح المفصل" 6/ 15، "الشعر والشعراء" ص 203، "شرح شواهد المغني" 2/ 916.]]: دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعمُ الكاسي ومعناه: المكسو، فعلى قول الفراء يجوز أن يكون الفاعل بمعنى المفعول على ما ذكر، وقال علماء البصرة [["معاني القرآن" للنحاس 3/ 353، و"الدر المصون" 3/ 101، 102.]]: ﴿مَاءٍ دَافِقٍ﴾ بمعنى مدفوق، باطل من الكلام؛ لأن الفرق بين بناء الفاعل وبناء المفعول واجب، وهذا عند سيبويه وأصحابه يكون على طريق النسب، من غير أن يعتبر فيه فعل، فهو فاعل نحو: رامح، ولابن، وتامر، وتارس، ومعناه: ذو رمح، وذو لبن، كذلك هاهنا "عاصم" بمعنى ذو عصمة من قبل الله تعالى، ليس أنه عصم فهو عاصم بمعنى معصوم على الإطلاق الذي ذكره الفراء، وقوله تعالى: ﴿وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ﴾، قال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 17.]]: حال بين ابن نوح وبين الجبل ﴿فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب