الباحث القرآني
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلى اللَّهِ﴾ مِنَ الذُّنُوبِ.
﴿تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ أيْ بالِغَةً في النُّصْحِ فَهو مِن أمْثِلَةِ المُبالَغَةِ كَضَرُوبٍ وُصِفَتِ التَّوْبَةُ بِهِ عَلى الإسْنادِ المَجازِيِّ وهو وصْفُ التّائِبِينَ، وهو أنْ يَنْصَحُوا بِالتَّوْبَةِ أنْفُسَهم فَيَأْتُوا بِها عَلى طَرِيقِها، ولَعَلَّهُ ما تَضَمَّنَهُ ما أخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ««قالَ مُعاذُ بْنُ جَبَلٍ: يا رَسُولَ اللَّهِ ما التَّوْبَةُ النَّصُوحُ ؟ قالَ: أنْ يَنْدَمَ العَبْدُ عَلى الذَّنْبِ الَّذِي أصابَ فَيَعْتَذِرُ إلى اللَّهِ تَعالى ثُمَّ لا يَعُودُ إلَيْهِ كَما لا يَعُودُ اللَّبَنُ إلى الضَّرْعِ»» ورُوِيَ تَفْسِيرُها بِما ذُكِرَ عَنْ عُمَرَ وابْنِ مَسْعُودٍ وأُبَيٍّ والحَسَنِ ومُجاهِدٍ وغَيْرِهِمْ، وقِيلَ: نَصُوحًا مِن نَصاحَةِ الثَّوْبِ أيْ خِياطَتِهِ أيْ تَوْبَةً تَرْفُو خُرُوقَكَ في دِينِكَ وتَرِمُ خَلَلَكَ، وقِيلَ: خالِصَتُهُ مِن قَوْلِهِمْ: عَسَلٌ ناصِحٌ إذا خَلَصَ مِنَ الشَّمْعِ، وجُوِّزَ أنْ يُرادَ تَوْبَةٌ تَنْصَحُ النّاسَ أيْ تَدْعُوهم إلى مِثْلِها لِظُهُورِ أثَرِها في صاحِبِها، واسْتِعْمالِ (p-158)
الجِدِّ والعَزِيمَةِ في العَمَلِ بِمُقْتَضَياتِها، وفي المُرادِ بِها أقْوالٌ كَثِيرَةٌ أوْصَلَها بَعْضُهم إلى نَيِّفٍ وعِشْرِينَ قَوْلًا: مِنها ما سَمِعْتَ.
وقَرَأ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ - تَوْبًا - بِغَيْرِ تاءٍ، وقَرَأ الحَسَنُ والأعْرَجُ وعِيسى وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ وخارِجَةُ عَنْ نافِعٍ «نُصُوحًا» بِضَمِّ النُّونِ وهو مَصْدَرُ نَصَحَ فَإنَّ النُّصْحَ والنَّصُوحَ كالشُّكْرِ والشَّكُورِ والكُفْرِ والكَفُورِ أيْ ذاتُ نُصْحٍ أوْ تَنْصَحُ نُصُوحًا أوْ تُوبُوا لِنُصْحِ أنْفُسِكم عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ.
هَذا والكَلامُ في التَّوْبَةِ كَثِيرٌ وحَيْثُ كانَتْ أهَمَّ الأوامِرِ الإسْلامِيَّةِ وأوَّلَ المَقاماتِ الإيمانِيَّةِ ومَبْدَأ طَرِيقِ السّالِكِينَ ومِفْتاحَ بابِ الواصِلِينَ لا بَأْسَ في ذِكْرِ شَيْءٍ مِمّا يَتَعَلَّقُ بِها فَنَقُولُ: هي لُغَةُ الرُّجُوعِ، وشَرْعًا وصْفًا لَنا عَلى ما قالَ السَّعْدُ: النَّدَمُ عَلى المَعْصِيَةِ لِكَوْنِها مَعْصِيَةً لِأنَّ النَّدَمَ عَلَيْها بِإضْرارِها بِالبَدَنِ أوْ إخْلالِها بِالعِرْضِ أوِ المالِ مَثَلًا لا يَكُونُ تَوْبَةً، وأمّا النَّدَمُ لِخَوْفِ النّارِ أوْ لِلطَّمَعِ في الجَنَّةِ فَفي كَوْنِهِ تَوْبَةً تَرَدُّدٌ. ومَبْناهُ عَلى أنَّ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ نَدَمًا عَلَيْها لِقُبْحِها ولِكَوْنِها مَعْصِيَةً أمْ لا ؟ وكَذا النَّدَمُ عَلَيْها لِقُبْحِها مَعَ غَرَضٍ آخَرَ، والحَقُّ أنَّ جِهَةَ القُبْحِ إنْ كانَتْ بِحَيْثُ لَوِ انْفَرَدَتْ لَتَحَقَّقَ النَّدَمُ فَتَوْبَةٌ وإلّا فَلا كَما إذا كانَ الغَرَضُ مَجْمُوعَ الأمْرَيْنِ لا كُلَّ واحِدٍ مِنهُما. وكَذا في التَّوْبَةِ عِنْدَ مَرَضٍ مَخُوفٍ بِناءً عَلى أنَّ ذَلِكَ النَّدَمَ هَلْ يَكُونُ لِقُبْحِ المَعْصِيَةِ بَلْ لِلْخَوْفِ، وظاهِرُ الأخْبارِ قَبُولُ التَّوْبَةِ ما لَمْ تَظْهَرْ عَلاماتُ المَوْتِ ويَتَحَقَّقْ أمْرُهُ عادَةً، ومَعْنى النَّدَمِ تَحَزُّنٌ وتَوَجُّعٌ عَلى أنْ فَعَلَ وتَمَنّى كَوْنَهُ لَمْ يَفْعَلْ ولا بُدَّ مِن هَذا لِلْقَطْعِ بِأنَّ مُجَرَّدَ التَّرْكِ كالماجِنِ إذا مَلَّ مُجُونَهُ فاسْتَرْوَحَ إلى بَعْضِ المُباحاتِ لَيْسَ بِتَوْبَةٍ، ولِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ««النَّدَمُ تَوْبَةٌ»» وقَدْ يُزادُ قَيْدُ العَزْمِ عَلى تَرْكِ المُعاوَدَةِ.
واعْتُرِضَ بِأنَّ فِعْلَ المَعْصِيَةِ في المُسْتَقْبَلِ قَدْ لا يَخْطُرُ بِالبالِ لِذُهُولٍ أوْ جُنُونٍ أوْ نَحْوِهِ، وقَدْ لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لِعارِضِ آفَةٍ كَخَرَسٍ في القَذْفِ مَثَلًا أوْ جُبٍّ في الزِّنا فَلا يُتَصَوَّرُ العَزْمُ عَلى التَّرْكِ لِما فِيهِ مِنَ الإشْعارِ بِالقُدْرَةِ والِاخْتِيارِ.
وأُجِيبَ بِأنَّ المُرادَ العَزْمُ عَلى التَّرْكِ عَلى تَقْدِيرِ الخُطُورِ والِاقْتِداءِ حَتّى لَوْ سُلِبَ القُدْرَةَ لَمْ يُشْتَرَطِ العَزْمُ عَلى التَّرْكِ، وبِذَلِكَ يُشْعِرُ كَلامُ إمامِ الحَرَمَيْنِ حَيْثُ قالَ: إنَّ العَزْمَ عَلى تَرْكِ المُعاوَدَةِ إنَّما يُقارَنُ بِالتَّوْبَةِ في بَعْضِ الأحْوالِ ولا يَطَّرِدُ في كُلِّ حالٍ إذِ العَزْمُ إنَّما يَصِحُّ مِمَّنْ يَتَمَكَّنُ مِن مِثْلِ ما قَدَّمَهُ، ولا يَصِحُّ مِنَ المَجْبُوبِ العَزْمُ عَلى تَرْكِ الزِّنا. ومِنَ الأخْرَسِ العَزْمُ عَلى تَرْكِ القَذْفِ، وقالَ بَعْضُ الأجِلَّةِ: التَّحْقِيقُ أنَّ ذِكْرَ العَزْمِ إنَّما هو لِلْبَيانِ والتَّقْرِيرِ لا لِلتَّقْيِيدِ والِاحْتِرازِ إذِ النّادِمُ عَلى المَعْصِيَةِ لِقُبْحِها لا يَخْلُو عَنْ ذَلِكَ العَزْمِ البَتَّةَ عَلى تَقْدِيرِ الخُطُورِ والِاقْتِدارِ، وعَلامَةُ النَّدَمِ طُولُ الحَسْرَةِ والخَوْفِ وانْسِكابِ الدَّمْعِ، ومِنَ الغَرِيبِ ما قِيلَ: إنَّ عَلامَةَ صِدْقِ النَّدَمِ عَنْ ذَنْبٍ كالزِّنا أنْ لا يَرى في المَنامِ أنَّهُ يَفْعَلُهُ اخْتِيارًا إذْ يُشْعِرُ ذَلِكَ بِبَقاءِ حُبِّهِ إيّاهُ وعَدَمِ انْقِلاعِ أُصُولِهِ مِن قَلْبِهِ بِالكُلِّيَّةِ وهو يُنافِي صِدْقَ النَّدَمِ، وقالَ المُعْتَزِلَةُ: يَكْفِي في التَّوْبَةِ أنْ يَعْتَقِدَ أنَّهُ أساءَ وأنَّهُ لَوْ أمْكَنَهُ رَدُّ تِلْكَ المَعْصِيَةِ لَرَدَّها ولا حاجَةَ إلى الأسَفِ والحُزْنِ لِإفْضائِهِ إلى التَّكْلِيفِ بِما لا يُطاقُ.
وقالَ الإمامُ النَّوَوِيُّ: التَّوْبَةُ ما اسْتَجْمَعَتْ ثَلاثَةَ أُمُورٍ: أنْ يُقْلِعَ عَنِ المَعْصِيَةِ وأنْ يَنْدَمَ عَلى فِعْلِها وأنْ يَعْزِمَ عَزْمًا جازِمًا عَلى أنْ لا يَعُودَ إلى مِثْلِها أبَدًا فَإنْ كانَتْ تَتَعَلَّقُ بِآدَمِيٍّ لَزِمَ رَدُّ الظُّلامَةِ إلى صاحِبِها أوْ وارِثِهِ أوْ تَحْصِيلُ البَراءَةِ مِنهُ، ورُكْنُها الأعْظَمُ النَّدَمُ.
وفِي شَرْحِ المَقاصِدِ قالُوا: إنْ كانَتِ المَعْصِيَةُ في خالِصِ حَقِّ اللَّهِ تَعالى فَقَدْ يَكْفِي النَّدَمُ كَما في ارْتِكابِ الفِرارِ مِنَ الزَّحْفِ وتَرْكِ الأمْرِ بِالمَعْرُوفِ، وقَدْ تَفْتَقِرُ إلى أمْرٍ زائِدٍ كَتَسْلِيمِ النَّفْسِ لِلْحَدِّ في الشُّرْبِ (p-159)
وتَسْلِيمِ ما وجَبَ في تَرْكِ الزَّكاةِ، ومِثْلُهُ في تَرْكِ الصَّلاةِ وإنْ تَعَلَّقَتْ بِحُقُوقِ العِبادِ لَزِمَ مَعَ النَّدَمِ، والعَزْمِ إيصالُ حَقِّ العَبْدِ أوْ بَدَلِهِ إلَيْهِ إنْ كانَ الذَّنْبُ ظُلْمًا كَما في الغَصْبِ والقَتْلِ العَمْدِ، ولَزِمَ إرْشادُهُ إنْ كانَ الذَّنْبُ إضْلالًا لَهُ، والِاعْتِذارُ إلَيْهِ إنْ كانَ إيذاءً كَما في الغَيْبَةِ إذا بَلَغَتْهُ ولا يَلْزَمُ تَفْصِيلُ ما اغْتابَهُ بِهِ إلّا إذا بَلَغَهُ عَلى وجْهٍ أفْحَشَ، والتَّحْقِيقُ أنَّ هَذا الزّائِدَ واجِبٌ آخَرُ خارِجٌ عَنِ التَّوْبَةِ - عَلى ما قالَهُ إمامُ الحَرَمَيْنِ - مِن أنَّ القاتِلَ إذا نَدِمَ مِن غَيْرِ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ لِلْقِصاصِ صَحَّتْ تَوْبَتُهُ في حَقِّ اللَّهِ تَعالى وكانَ مَنعُهُ القِصاصَ مِن مُسْتَحَقِّهِ مَعْصِيَةً مُتَجَدِّدَةً تَسْتَدْعِي تَوْبَةً ولا يَقْدَحُ في التَّوْبَةِ عَنِ القَتْلِ، ثُمَّ قالَ: ورُبَّما لا تَصِحُّ التَّوْبَةُ بِدُونِ الخُرُوجِ مِن حَقِّ العَبْدِ كَما في الغَصْبِ فَفَرْقٌ بَيْنَ القَتْلِ والغَصْبِ، ووَجْهُهُ لا يَخْفى عَلى المُتَأمِّلِ، ولَمْ يَخْتَلِفْ أهْلُ السُّنَّةِ وغَيْرُهم في وُجُوبِ التَّوْبَةِ عَلى أرْبابِ الكَبائِرِ، واخْتُلِفَ في الدَّلِيلِ، فَعِنْدَنا السَّمْعُ كَهَذِهِ الآيَةِ وغَيْرِها وحُمِلَ الأمْرُ فِيها عَلى الرُّخْصَةِ والإيذانِ بِقَوْلِها ودَفْعِ القُنُوطِ - كَما جَوَّزَهُ الآمِدِيُّ -احْتِمالًا وبُنِيَ عَلَيْهِ عَدَمُ الإثابَةِ عَلَيْها مِمّا لا يَكادُ يُقْبَلُ، وعِنْدَ المُعْتَزِلَةِ العَقْلُ، وأوْجَبَتِ الجَهْمِيَّةُ التَّوْبَةَ عَنِ الصَّغائِرِ سَمْعًا لا عَقْلًا، وأهْلُ السُّنَّةِ عَلى ذَلِكَ، ومُقْتَضى كَلامِ النَّوَوِيِّ والمازِرِيِّ وغَيْرِهِما وُجُوبُها حالَ التَّلَبُّسِ بِالمَعْصِيَةِ، وعِبارَةُ المازِرِيِّ اتَّفَقُوا عَلى أنَّ التَّوْبَةَ مِن جَمِيعِ المَعاصِي واجِبَةٌ، وأنَّها واجِبَةٌ عَلى الفَوْرِ، ولا يَجُوزُ تَأْخِيرُها سَواءً كانَتِ المَعْصِيَةُ صَغِيرَةً أوْ كَبِيرَةً.
وفِي شَرْحِ الجَوْهَرَةِ أنَّ التَّمادِيَ عَلى الذَّنْبِ بِتَأْخِيرِ التَّوْبَةِ مِنهُ مَعْصِيَةٌ واحِدَةٌ ما لَمْ يَعْتَقِدْ مُعاوَدَتَهُ، وصَرَّحَتِ المُعْتَزِلَةُ بِأنَّها واجِبَةٌ عَلى الفَوْرِ حَتّى يَلْزَمَ بِتَأْخِيرِها ساعَةً إثْمٌ آخَرُ تَجِبُ التَّوْبَةُ عَنْهُ وساعَتَيْنِ إثْمانِ وهَلُمَّ جَرًّا، بَلْ ذَكَرُوا أنَّ بِتَأْخِيرِ التَّوْبَةِ عَنِ الكَبِيرَةِ ساعَةً واحِدَةً يَكُونُ لَهُ كَبِيرَتانِ: المَعْصِيَةُ وتَرْكُ التَّوْبَةِ، وساعَتَيْنِ أرْبَعٌ: الأُولَيانِ وتَرْكُ التَّوْبَةِ عَلى كُلٍّ مِنهُما، وثَلاثَ ساعاتٍ ثَمانٍ وهَكَذا، وتَصِحُّ عَنْ ذَنْبٍ دُونَ ذَنْبٍ لِتَحَقُّقِ النَّدَمِ والعَزْمِ عَلى عَدَمِ العَوْدِ، وخالَفَ أبُو هاشِمٍ مُحْتَجًّا بِأنَّ النَّدَمَ عَلى المَعْصِيَةِ يَجِبُ أنْ يَكُونَ لِقُبْحِها وهو شامِلٌ لَها كُلِّها فَلا يَتَحَقَّقُ النَّدَمُ عَلى قَبِيحٍ مَعَ الإصْرارِ عَلى آخَرَ.
وأُجِيبَ بِأنَّ الشّامِلَ لِلْكُلِّ هو القُبْحُ لا خُصُوصَ قُبْحِ تِلْكَ المَعْصِيَةِ وهَذا الخِلافُ في غَيْرِ الكافِرِ إذا أسْلَمَ وتابَ مِن كُفْرِهِ مَعَ اسْتَدامَتِهِ بَعْضَ المَعاصِي أمّا هو فَتَوْبَتُهُ صَحِيحَةٌ وإسْلامُهُ كَذَلِكَ بِالإجْماعِ ولا يُعاقَبُ إلّا عُقُوبَةَ تِلْكَ المَعْصِيَةِ، نَعَمِ اخْتُلِفَ في أنَّ مُجَرَّدَ إيمانِهِ هَلْ يُعَدُّ تَوْبَةً أمْ لا بُدَّ مِنَ النَّدَمِ عَلى سالِفِ كُفْرِهِ ؟ فَعِنْدَ الجُمْهُورِ مُجَرَّدُ إيمانِهِ تَوْبَةٌ، وقالَ الإمامُ والقُرْطُبِيُّ: لا بُدَّ مِنَ النَّدَمِ عَلى سالِفِ الكُفْرِ وعَدَمُ اشْتِراطِ العَمَلِ الصّالِحِ مَجْمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الأئِمَّةِ خِلافًا لِابْنِ حَزْمٍ، وكَذا تَصِحُّ التَّوْبَةُ عَنِ المَعاصِي إجْمالًا مِن غَيْرِ تَعْيِينِ المَتُوبِ عَنْهُ ولَوْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ تَعْيِينُهُ، وخالَفَ بَعْضُ المالِكِيَّةِ فَقالَ: إنَّما تَصِحُّ إجْمالًا مِمّا عُلِمَ إجْمالًا، وأمّا ما عُلِمَ تَفْصِيلًا فَلا بُدَّ مِنَ التَّوْبَةِ مِنهُ تَفْصِيلًا ولا تَنْتَقِصُ التَّوْبَةُ الشَّرْعِيَّةُ بِالعَوْدِ فَلا تَعُودُ عَلَيْهِ ذُنُوبُهُ الَّتِي تابَ مِنها بَلِ العَوْدُ والنَّقْضُ مَعْصِيَةٌ أُخْرى يَجِبُ عَلَيْهِ أنْ يَتُوبَ مِنها.
وقالَتِ المُعْتَزِلَةُ: مِن شُرُوطِ صِحَّتِها أنْ لا يُعاوِدَ الذَّنْبَ فَإنْ عاوَدَهُ انْتَقَصَتْ تَوْبَتُهُ وعادَتْ ذُنُوبُهُ لِأنَّ النَّدَمَ المُعْتَبَرَ فِيها لا يَتَحَقَّقُ إلّا بِالِاسْتِمْرارِ، ووافَقَهُمُ القاضِي أبُو بَكْرٍ والجُمْهُورُ عَلى أنَّ اسْتِدامَةَ النَّدَمِ غَيْرُ واجِبَةٍ بَلِ الشَّرْطُ أنْ لا يَطْرَأ عَلَيْهِ ما يُنافِيهِ ويَدْفَعُهُ لِأنَّهُ حِينَئِذٍ دائِمٌ حُكْمًا كالإيمانِ حالَ النَّوْمِ، ويَلْزَمُ مِنَ اشْتِراطِ الِاسْتِدامَةِ مَزِيدُ الحَرَجِ والمَشَقَّةِ، وقالَ الآمِدِيُّ: يَلْزَمُ أيْضًا اخْتِلالُ الصَّلَواتِ وسائِرِ العِباداتِ، (p-160)
ويَلْزَمُ أيْضًا أنْ لا يَكُونَ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ اسْتِدامَةِ النَّدَمِ وتَذَكُّرِهِ تائِبًا، وأنْ يَجِبَ عَلَيْهِ إعادَةُ التَّوْبَةِ وهو خِلافُ الإجْماعِ، نَعَمِ اخْتَلَفَ العُلَماءُ فِيمَن تَذَكَّرَ المَعْصِيَةَ بَعْدَ التَّوْبَةِ مِنها، هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أنْ يُجَدِّدَ النَّدَمَ ؟ وإلَيْهِ ذَهَبَ القاضِي مِنّا وأبُو عَلِيٍّ مِنَ المُعْتَزِلَةِ زَعْمًا مِنهُما أنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْدَمْ كُلَّما ذَكَرَها لَكانَ مُشْتَهِيًا لَها فَرِحًا بِها، وذَلِكَ إبْطالٌ لِلنَّدَمِ ورُجُوعٌ إلى الإصْرارِ، والجَوابُ المَنعُ إذْ رُبَّما يَضْرِبُ عَنْها صَفْحًا مِن غَيْرِ نَدَمٍ عَلَيْها ولا اشْتِهاءٍ لَها وابْتِهاجٍ بِها ولَوْ كانَ الأمْرُ كَما ذُكِرَ لَلَزِمَ أنْ لا تَكُونَ التَّوْبَةُ السّابِقَةُ صَحِيحَةً، وقَدْ قالَ القاضِي نَفْسُهُ: إنَّهُ إذا لَمْ يُجَدِّدْ نَدَمًا كانَ ذَلِكَ مَعْصِيَةً جَدِيدَةً يَجِبُ النَّدَمُ عَلَيْها والتَّوْبَةُ الأُولى مَضَتْ عَلى صِحَّتِها إذِ العِبادَةُ الماضِيَةُ لا يَنْقُضُها شَيْءٌ بَعْدَ ثُبُوتِها. انْتَهى.
وبِعَدَمِ وُجُوبِ التَّجْدِيدِ عِنْدَ ذِكْرِ المَعْصِيَةِ صَرَّحَ إمامُ الحَرَمَيْنِ، ويُفْهَمُ مِن كَلامِهِمْ أنَّ مَحَلَّ الخِلافِ إذا لَمْ يَبْتَهِجْ عِنْدَ ذِكْرِ الذَّنْبِ بِهِ ويَفْرَحْ ويَتَلَذَّذْ بِذِكْرِهِ أوْ سَماعِهِ، وإلّا وجَبَ التَّجْدِيدُ اتِّفاقًا، وظاهِرُ كَلامِهِمْ أنَّ المُعاوَدَةَ غَيْرُ مُبْطِلَةٍ ولَوْ كانَتْ في مَجْلِسِ التَّوْبَةِ بَلْ ولَوْ تَكَرَّرَتْ تَكْرارًا يَلْتَحِقُ بِالتَّلاعُبِ، وفي هَذا الأخِيرِ نَظَرٌ فَقَدْ قالَ القاضِي عِياضٌ: إنَّ الواقِعَ في حَقِّ اللَّهِ تَعالى بِما هو كُفْرٌ تَنْفَعُهُ تَوْبَتُهُ مَعَ شَدِيدِ العِقابِ لِيَكُونَ ذَلِكَ زَجْرًا لَهُ ولِمِثْلِهِ إلّا مَن تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنهُ وعُرِفَ اسْتِهانَتُهُ بِما أتى فَهو دَلِيلٌ عَلى سُوءِ طَوِيَّتِهِ وكَذِبِ تَوْبَتِهِ. انْتَهى.
ويَنْبَغِي عَلَيْهِ أنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِأنْ تَكْثُرَ كَثْرَةً تُشْعِرُ بِالِاسْتِهانَةِ وتُدْخِلُ صاحِبَها في دائِرَةِ الجُنُونِ، واخْتُلِفَ في صِحَّةِ التَّوْبَةِ المُؤَقَّتَةِ بِلا إصْرارٍ كَأنْ لا يُلابِسَ الذُّنُوبَ أوْ ذَنْبَ كَذا سَنَةً فَقِيلَ: تَصِحُّ، وقِيلَ: لا، وفي شَرْحِ الجَوْهَرَةِ قِياسُ صِحَّتِها مِن بَعْضِ الذُّنُوبِ دُونَ بَعْضِ صِحَّتِها فِيما ذُكِرَ، ثُمَّ إنَّ لِلتَّوْبَةِ مَراتِبَ مِن أعْلاها ما رُوِيَ عَنْ يَعْسُوبِ المُؤْمِنِينَ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ أنَّهُ سَمِعَ أعْرابِيًّا يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إلَيْكَ فَقالَ: يا هَذا إنَّ سُرْعَةَ اللِّسانِ بِالتَّوْبَةِ تَوْبَةُ الكَذّابِينَ، فَقالَ الأعْرابِيُّ: ما التَّوْبَةُ ؟ قالَ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ: يَجْمَعُها سِتَّةُ أشْياءَ: عَلى الماضِي مِنَ الذُّنُوبِ النَّدامَةُ، ولِلْفَرائِضِ الإعادَةُ ورَدُّ المَظالِمِ واسْتِحْلالُ الخُصُومِ وأنْ تَعْزِمَ عَلى أنْ لا تَعُودَ وأنْ تُذِيبَ نَفْسَكَ في طاعَةِ اللَّهِ كَما رَبَّيْتَها في المَعْصِيَةِ وأنْ تُذِيقَها مَرارَةَ الطّاعَةِ كَما أذَقْتَها حَلاوَةَ المَعاصِي، وأُرِيدَ بِإعادَةِ الفَرائِضِ أنْ يَقْضِيَ مِنها ما وقَعَ في زَمانِ مَعْصِيَتِهِ كَشارِبِ الخَمْرِ يُعِيدُ صَلاتَهُ قَبْلَ التَّوْبَةِ لِمُخامَرَتِهِ لِلنَّجاسَةِ غالِبًا، وهَذِهِ تَوْبَةٌ نَحْوَ الخَواصِّ فَلا مُسْتَنَدَ في هَذا الأثَرِ لِابْنِ حَزْمٍ وأضْرابِهِ كَما لا يَخْفى، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى بَيَّنَ فائِدَةَ التَّوْبَةِ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿عَسى رَبُّكم أنْ يُكَفِّرَ عَنْكم سَيِّئاتِكم ويُدْخِلَكم جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾ قِيلَ: المُرادُ أنَّهُ عَزَّ وجَلَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَكِنْ جِيءَ بِصِيغَةِ الإطْماعِ لِلْجَرْيِ عَلى عادَةِ المُلُوكِ فَإنَّهم إذا أرادُوا فِعْلًا قالُوا: عَسى أنْ نَفْعَلَ كَذا، والإشْعارُ بِأنَّ ذَلِكَ تَفَضُّلٌ مِنهُ سُبْحانَهُ والتَّوْبَةُ غَيْرُ مُوجِبَةٍ لَهُ. وأنَّ العَبْدَ يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ بَيْنَ خَوْفٍ ورَجاءٍ وإنْ بالَغَ في إقامَةِ وظائِفِ العِبادَةِ، واسْتُدِلَّ بِالآيَةِ عَلى عَدَمِ وُجُوبِ قَبُولِ التَّوْبَةِ لِأنَّ التَّكْفِيرَ أثَرُ القَبُولِ، وقَدْ جِيءَ مَعَهُ بِصِيغَةِ الإطْماعِ دُونَ القَطْعِ، وهَذِهِ المَسْألَةُ خِلافِيَّةٌ فَذَهَبَ المُعْتَزِلَةُ إلى أنَّهُ يَجِبُ عَلى اللَّهِ تَعالى قَبُولُها عَقْلًا وأتَوْا في ذَلِكَ بِمُقَدِّماتٍ مُزَخْرَفاتٍ، وقالَ إمامُ الحَرَمَيْنِ والقاضِي أبُو بَكْرٍ: يَجِبُ قَبُولُها سَمْعًا ووَعْدًا لَكِنْ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ إذْ لَمْ يَثْبُتْ في ذَلِكَ نَصٌّ قاطِعٌ لا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ، وقالَ الشَّيْخُ أبُو الحَسَنِ الأشْعَرِيُّ: بَلْ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ ومَحَلُّ النِّزاعِ بَيْنَ الأشْعَرِيِّ وتِلْمِيذَيْهِ ما عَدا تَوْبَةَ الكافِرِ أمّا هي فالإجْماعُ عَلى قَبُولِها قَطْعًا بِالسَّمْعِ لِوُجُودِ النَّصِّ المُتَواتِرِ بِذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهم ما قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنْفالَ: 38] بِخِلافِ ما جاءَ في تَوْبَةِ (p-161)
غَيْرِهِ فَإنَّهُ ظاهِرٌ، ولَيْسَ بِنَصٍّ في غُفْرانِ ذُنُوبِ المُسْلِمِ بِالتَّوْبَةِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ [الزُّمُرَ: 53]، وأمّا حَدِيثُ -التَّوْبَةِ تَجُبُّ ما قَبْلَها - فَلَيْسَ بِمُتَواتِرٍ ولِأنَّهُ إذا قُطِعَ بِقَبُولِ تَوْبَةِ الكافِرِ كانَ ذَلِكَ فَتْحًا لِبابِ الإيمانِ وسَوْقًا إلَيْهِ، وإذا لَمْ يُقْطَعْ بِتَوْبَةِ المُؤْمِنِ كانَ ذَلِكَ سَدًّا لِبابِ العِصْيانِ ومَنعًا مِنهُ، وهَذا- وما قَبْلَهُ - ذَكَرَهُما القاضِي لِما قِيلَ لَهُ: إنَّ الدَّلائِلَ مَعَ الشَّيْخِ أبِي الحَسَنِ: وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إنَّ جُمْهُورَ أهْلِ السُّنَّةِ عَلى قَوْلِ القاضِي، والدَّلِيلُ عَلى ذَلِكَ دُعاءُ كُلِّ أحَدٍ مِنَ التّائِبِينَ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ ولَوْ كانَ مَقْطُوعًا بِهِ لَما كانَ لِلدُّعاءِ مَعْنى، ومِثْلُ ذَلِكَ وُجُوبُ الشُّكْرِ عَلى القَبُولِ فَإنَّهُ لَوْ كانَ واجِبًا لَما وجَبَ الشُّكْرُ عَلَيْهِ.
وتَعَقَّبَ ذَلِكَ السَّعْدُ بِأنَّهُ رُبَّما يُدْفَعُ بِأنَّ المَسْؤُولَ في الدُّعاءِ هو اسْتِجْماعُها لِشَرائِطِ القَبُولِ فَإنَّ الأمْرَ فِيهِ خَطِيرٌ، ووُجُوبُ القَبُولِ لا يُنافِي وُجُوبَ الشُّكْرِ لِكَوْنِهِ إحْسانًا في نَفْسِهِ كَتَرْبِيَةِ الوالِدِ ولَدَهُ وقالَ الإمامُ النَّوَوِيُّ: لا يَجِبُ عَلى اللَّهِ تَعالى قَبُولُ التَّوْبَةِ إذا وُجِدَتْ بِشُرُوطِها عِنْدَ أهْلِ السُّنَّةِ لَكِنَّهُ سُبْحانَهُ يَقْبَلُها كَرَمًا مِنهُ وتَفَضُّلًا، وعَرَفْنا قَبُولَها بِالشَّرْعِ والإجْماعِ فَلا تَغْفُلْ، وقُرِئَ «يُدْخِلْكم» بِسُكُونِ اللّامِ، وخَرَّجَهُ أبُو حَيّانَ عَلى أنْ يَكُونَ حَذْفُ الحَرَكَةِ تَخْفِيفًا وتَشْبِيهًا لِما هو في كَلِمَتَيْنِ بِالكَلِمَةِ الواحِدَةِ فَإنَّهُ يُقالُ في قَمْعٍ: قَمَعٍ. وفي نَطْعٍ، نَطَعٍ وقالَ: إنَّهُ أوْلى مِن كَوْنِهِ لِلْعَطْفِ عَلى مَحَلِّ ﴿عَسى رَبُّكم أنْ يُكَفِّرَ﴾، واخْتارَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ كَأنَّهُ قِيلَ: تُوبُوا يُرَجَّ تَكْفِيرٌ أوْ يُوجِبُ تَكْفِيرَ سَيِّئاتِكم ويُدْخِلْكم ﴿يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ﴾ ظَرْفٌ - لِيُدْخِلَكم - وتَعْرِيفُ ”النَّبِيَّ“ لِلْعَهْدِ، والمُرادُ بِهِ سَيِّدُ الأنْبِياءِ مُحَمَّدٌ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ، والمُرادُ بِنَفْيِ الإخْزاءِ إثْباتُ أنْواعِ الكَرامَةِ والعِزِّ.
وفِي القامُوسِ يُقالُ: أخْزى اللَّهُ تَعالى فُلانًا فَضَحَهُ، وقالَ الرّاغِبُ: يُقالُ: خَزِيَ الرَّجُلُ لَحِقَهُ انْكِسارٌ إمّا مِن نَفْسِهِ وهو الحَياءُ المُفْرِطُ ومَصْدَرُهُ الخَزايَةُ. وإمّا مِن غَيْرِهِ وهو ضَرْبٌ مِنَ الِاسْتِخْفافِ، ومَصْدَرُهُ الخِزْيُ، و﴿يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ﴾ هو مِنَ الخِزْيِ أقْرَبُ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِنهُما جَمِيعًا ﴿والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ عَطْفٌ عَلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وفِيهِ تَعْرِيضٌ بِمَن أخْزاهُمُ اللَّهُ تَعالى مِن أهْلِ الكُفْرِ والفُسُوقِ، واسْتِحْمادٌ عَلى المُؤْمِنِينَ عَلى أنْ عَصَمَهم مِن مِثْلِ حالِهِمْ، والمُرادُ بِالإيمانِ هُنا فَرْدُهُ الكامِلُ عَلى ما ذَكَرَهُ الخَفاجِيُّ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿نُورُهم يَسْعى بَيْنَ أيْدِيهِمْ وبِأيْمانِهِمْ﴾ أيْ عَلى الصِّراطِ كَما قِيلَ، ومَرَّ الكَلامُ فِيهِ جُمْلَةً مُسْتَأْنَفَةً، وكَذا قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿يَقُولُونَ﴾ إلَخْ، وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ الجُمْلَتانِ في مَوْضِعِ الحالِ مِنَ المَوْصُولِ، وأنْ تَكُونَ الأُولى حالًا مِنهُ. والثّانِيَةُ حالًا مِنَ الضَّمِيرِ في ﴿يَسْعى﴾، وأنْ تَكُونَ الأُولى مُسْتَأْنَفَةً. والثّانِيَةُ مِنَ الضَّمِيرِ، وأنْ تَكُونَ الأُولى حالًا مِنَ المَوْصُولِ. والثّانِيةُ مُسْتَأْنَفَةً أوْ حالًا مِنَ الضَّمِيرِ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ المَوْصُولُ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ مَعَهُ، والجُمْلَتانِ خَبَرانِ آخَرانِ أوْ مُسْتَأْنَفَتانِ أوْ حالانِ مِنَ المَوْصُولِ، أوِ الأُولى حالٌ مِنهُ والثّانِيَةُ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ، أوِ الأُولى مُسْتَأْنَفَةٌ والثّانِيَةُ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ، أوِ الأُولى حالٌ والثّانِيَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ، أوِ الأُولى خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ والثّانِيَةُ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ أوْ مُسْتَأْنَفَةٌ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ المَوْصُولُ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿نُورُهم يَسْعى﴾ إلَخْ، والجُمْلَةُ الأُخْرى مُسْتَأْنَفَةٌ أوْ حالٌ أوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ فَهَذِهِ عِدَّةُ احْتِمالاتٍ لا يَخْفى ما هو الأظْهَرُ مِنها.
والقَوْلُ عَلى ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ والحَسَنِ: يَكُونُ إذا طُفِئَ نُورُ المُنافِقِينَ أيْ يَقُولُونَ إذا طُفِئَ نُورُ المُنافِقِينَ ﴿رَبَّنا أتْمِمْ لَنا نُورَنا واغْفِرْ لَنا إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ وفي رِوايَةٍ أُخْرى عَنِ الحَسَنِ يَدْعُونَ تَقَرُّبًا إلى اللَّهِ تَعالى مَعَ تَمامِ نُورِهِمْ، وقِيلَ: يَقُولُ ذَلِكَ مَن يَمُرُّ عَلى الصِّراطِ زَحْفًا وحَبْوًا.
هَذا الجُزْءُ مُكَمَّلٌ مِن نُسْخَةٍ أُخْرى وقِيلَ: مَن يُعْطى مِنَ النُّورِ بِقَدْرِ ما يُبْصِرُ بِهِ مَوْضِعَ قَدَمِهِ، ويُعْلَمُ مِنهُ عَدَمُ تَعَيُّنِ حَمْلِ الإيمانِ عَلى فَرْدِهِ الكامِلِ كَما سَمِعْتُ عَنِ الخَفاجِيِّ، وقَرَأ سَهْلُ بْنُ شُعَيْبٍ السَّهْمِيُّ وأبُو حَيْوَةَ «وبِإيمانِهِمْ» بِكَسْرِ الهَمْزَةِ عَلى أنَّهُ مَصْدَرٌ مَعْطُوفٌ عَلى الظَّرْفِ أيْ كائِنًا بَيْنَ أيْدِيهِمْ وكائِنًا بِسَبَبِ إيمانِهِمْ
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ تُوبُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةࣰ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن یُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَیِّـَٔاتِكُمۡ وَیُدۡخِلَكُمۡ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ یَوۡمَ لَا یُخۡزِی ٱللَّهُ ٱلنَّبِیَّ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥۖ نُورُهُمۡ یَسۡعَىٰ بَیۡنَ أَیۡدِیهِمۡ وَبِأَیۡمَـٰنِهِمۡ یَقُولُونَ رَبَّنَاۤ أَتۡمِمۡ لَنَا نُورَنَا وَٱغۡفِرۡ لَنَاۤۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق