الباحث القرآني

﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ وصفت التوبة بالنصح بالمجاز وهو فى الحقيقة صفة التائب، فإنه ينصح نفسه بالتوبة، أو معناه خالصة، يقال: ناصح، أي خالص من الشمع، أو توبة تنصح، وتخيط ما خرق الذنب، وهي ترك الذنب، والعزم على عدم العود والندم، ثم إن كان الحق لآدمي رده. وعن الحسن هو أن تبغض الذنب كما أحببته، وتستغفر منه إذا ذكرته، وعن بعض المحققين أن عدم المؤاخذة بالذنب الذي تاب منه إذا لم يعد إليه فإذا عاد إليه فقد يؤاخذ به وفي الحديث الصحيح: ”من أحسن في الإسلام، لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء فيه أخذ بالأول والآخر“ ﴿عَسى رَبُّكم أنْ يُكَفِّرَ عَنْكم سَيِّئاتِكم ويُدْخِلَكم جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾ فيه إشعار بأن العبد ينبغي أن يكون بين الخوف والرجاء، وأنه تفضل لا يجب عليه شيء ﴿يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ﴾ ظرف ليدخلكم ﴿والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ عطف على النبي، أو مبتدأ خبره قوله: ﴿نُورُهم يَسْعى بَيْنَ أيْدِيهِمْ وبِأيْمانِهِمْ﴾ على الصراط، يقولون حين يرون أن نور المنافقين قد طفئ ﴿يَقُولُونَ رَبَّنا أتْمِمْ لَنا نُورَنا واغْفِرْ لَنا إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يا أيُّها النَّبِيُّ جاهِدِ الكُفّارَ﴾ بالسيف ﴿والمُنافِقِينَ﴾ بالحجة وإقامة الحدود ﴿واغْلُظْ عَلَيْهِمْ ومَأْواهم جَهَنَّمُ وبِئْسَ المَصِيرُ﴾ جهنم ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأتَ نُوحٍ وامْرَأتَ لُوطٍ﴾ أي جعل امرأة نوح وامرأة لوط مثلًا لهم، أو مثل لهم مثلًا مثل امرأة نوح في أن قرابة أحد وإن كان نبيًّا لا ينفع مع الكفر، قيل: هذا تخويف لعائشة وحفصة ﴿كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِن عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما﴾ بإظهار الإيمان مع إسرار الكفر لا بالفاحشة ﴿فَلَمْ يُغْنِيا﴾ النبيّان ﴿عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئًا﴾ من الإغناء ﴿وقِيلَ﴾ لهما يوم القيامة ﴿ادْخُلا النّارَ مَعَ الدّاخِلِينَ﴾ مع سائر الكفرة ﴿وضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأتَ فِرْعَوْنَ﴾ في أن وصلة الكافر أي كافر كان لا تضر مع الإيمان ﴿إذْ قالَتْ﴾ بدل من امرأة فرعون ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا في الجَنَّةِ ونَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ﴾ من نفسه ﴿وعَمَلِهِ ونَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ نقل أنه لما تبين لفرعون إسلامها أوتد لها فشد يديها ورجليها. فقالت: رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا، فأبصرت بيتها في الجنة فضحكت فقال: ألا تعجبون من جنونها، فقبض الله روحها رضي الله عنها ﴿ومَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ﴾ عطف على امرأة فرعون ﴿الَّتِي أحْصَنَتْ فَرْجَها﴾ صانته ﴿فَنَفَخْنا فِيهِ مِن رُوحِنا﴾ أي بواسطة جبريل كما مر في سورة الأنبياء ﴿وصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها﴾ بما أوحى الله إلى الأنبياء ﴿وكُتُبِهِ﴾ جنس الكتب المنزلة ﴿وكانَتْ مِنَ القانِتِينَ﴾ من الرهط المطيعين لله؛ لأن عشيرتها أهل صلاح، أو من عداد المواظبين على الطاعة، والتذكير للتغليب، وفيه إشعار بأن طاعتها لم تقصر عن طاعة الرجال الكاملين. والحمد لله والمنة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب