الباحث القرآني
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسى رَبُّكم أنْ يُكَفِّرَ عَنْكم سَيِّئاتِكم ويُدْخِلَكم جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾ .
أُعِيدَ خِطابُ المُؤْمِنِينَ وأُعِيدَ نِداؤُهم وهو نِداءٌ ثالِثٌ في هَذِهِ السُّورَةِ. والَّذِي قَبْلَهُ نِداءٌ لِلْواعِظِينَ. وهَذا نِداءٌ لِلْمَوْعُوظِينَ وهَذا الأُسْلُوبُ مِن أسالِيبِ الإعْراضِ المُهْتَمِّ بِها.
أُمِرَ المُؤْمِنُونَ بِالتَّوْبَةِ مِنَ الذُّنُوبِ إذا تَلَبَّسُوا بِها لِأنَّ ذَلِكَ مِن إصْلاحِ أنْفُسِهِمْ بَعْدَ أنْ أُمِرُوا بِأنْ يُجَنِّبُوا أنْفُسَهم وأهْلِيَهم ما يَزُجُّ بِهِمْ في عَذابِ النّارِ، لِأنَّ اتِّقاءَ النّارِ يَتَحَقَّقُ بِاجْتِنابِ ما يَرْمِي بِهِمْ فِيها، وقَدْ يُذْهَلُونَ عَمّا فَرَطَ مِن سَيِّئاتِهِمْ فَهُدُوا إلى سَبِيلِ التَّوْبَةِ الَّتِي يَمْحُونَ بِها ما فَرَطَ مِن سَيِّئاتِهِمْ.
وهَذا ناظِرٌ إلى ما ذُكِرَ مِن مَوْعِظَةِ امْرَأتَيِ النَّبِيءِ ﷺ بِقَوْلِهِ (﴿إنْ تَتُوبا إلى اللَّهِ﴾ [التحريم: ٤]) .
والتَّوْبَةُ: العَزْمُ عَلى عَدَمِ العَوْدِ إلى العِصْيانِ مَعَ النَّدَمِ عَلى ما فَرَطَ مِنهُ فِيما مَضى. وتَقَدَّمَتْ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى (﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ٣٧]) في (p-٣٦٨)سُورَةِ البَقَرَةِ. وفي مَواضِعَ أُخْرى وخاصَّةً عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى (﴿إنَّما التَّوْبَةُ عَلى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ﴾ [النساء: ١٧]) في سُورَةِ النِّساءِ. وتَعْدِيَتُها بِحَرْفِ (إلى) لِأنَّها في مَعْنى الرُّجُوعِ لِأنَّ تابَ أخُو ثابَ.
والنَّصُوحُ: ذُو النُّصْحِ.
والنُّصْحُ: الإخْلاصُ في العَمَلِ. والقَوْلُ، أيِ الصِّدْقُ في إرادَةِ النَّفْعِ بِذَلِكَ. ووَصْفُ التَّوْبَةِ بِالنَّصُوحِ مَجازٌ جُعِلَتِ التَّوْبَةُ الَّتِي لا تَرَدُّدُ فِيها ولا تُخالِطُها نِيَّةُ العَوْدَةِ إلى العَمَلِ المَتُوبِ مِنهُ بِمَنزِلَةِ النّاصِحِ لِغَيْرِهِ فَفي نَصُوحٍ اسْتِعارَةٌ ولَيْسَ مِنَ المَجازِ العَقْلِيِّ إذْ لَيْسَ المُرادُ نَصُوحًا صاحِبُها.
وإنَّما لَمْ تَلْحَقْ وصْفَ (نَصُوحٍ) هاءُ التَّأْنِيثِ المُناسِبَةِ لِتَأْنِيثِ المَوْصُوفِ بِهِ لِأنَّ فَعُولًا بِمَعْنى فاعِلٍ يُلازِمُ الإفْرادَ والتَّذْكِيرَ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ (نَصُوحًا) بِفَتْحِ النُّونِ عَلى مَعْنى الوَصْفِ كَما عَلِمْتَ. وقَرَأهُ أبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ بِضَمِّ النُّونِ عَلى أنَّهُ مَصْدَرُ نَصَحَ مِثْلَ: القُعُودِ مِن قَعَدَ. وزَعَمَ الأخْفَشُ أنَّ الضَّمَّ غَيْرُ مَعْرُوفٍ والقِراءَةَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ.
ومِن شُرُوطِ التَّوْبَةِ تَدارُكُ ما يُمْكِنُ تَدارُكُهُ مِمّا وقَعَ التَّفْرِيطُ فِيهِ مِثْلَ المَظالِمِ لِلْقادِرِ عَلى رَدِّها. رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَجْمَعُ التَّوْبَةَ سِتَّةُ أشْياءَ: النَّدامَةُ عَلى الماضِي مِنَ الذُّنُوبِ، وإعادَةُ الفَرائِضِ. ورَدُّ المَظالِمِ، واسْتِحْلالُ الخُصُومِ، وأنْ تُذِيبَ نَفْسَكَ في طاعَةِ اللَّهِ كَما رَبَّيْتَها في المَعْصِيَةِ، وأنْ تُذِيقَها مَرارَةَ الطّاعاتِ كَما أذَقْتَها حَلاوَةَ المَعاصِي.
وتَقُومُ مَقامَ رَدِّ المَظالِمِ اسْتِحْلالُ المَظْلُومِ حَتّى يَعْفُوَ عَنْهُ.
ومِن تَمامِ التَّوْبَةِ تَمْكِينُ التّائِبِ مِن نَفْسِهِ أنْ يُنَفَّذَ عَلَيْها الحُدُودُ كالقَوْدِ والضَّرْبِ. قالَ إمامُ الحَرَمَيْنِ: هَذا التَّمْكِينُ واجِبٌ خارِجٌ عَنْ حَقِيقَةِ التَّوْبَةِ لِأنَّ التّائِبَ إذا نَدِمَ ونَوى أنْ لا يَعُودَ صَحَّتْ تَوْبَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ وكانَ مَنعُهُ مِن تَمْكِينِ نَفْسِهِ مَعْصِيَةً مُتَجَدِّدَةً تَسْتَدْعِي تَوْبَةً.
وهُوَ كَلامٌ وجِيهٌ إذِ التَّمْكِينُ مِن تَنْفِيذِ ذَلِكَ يَشُقُّ عَلى النُّفُوسِ مَشَقَّةً عَظِيمَةً فَلَها عُذْرٌ في الإحْجامِ عَنِ التَّمْكِينِ مِنهُ.
(p-٣٦٩)وتَصِحُّ التَّوْبَةُ مِن ذَنْبٍ دُونَ ذَنْبٍ خِلافًا لِأبِي هاشِمٍ الجُبّائِيِّ المُعْتَزِلِيِّ، وذَلِكَ فِيما عَدا التَّوْبَةِ مِنَ الكُفْرِ.
وأمّا التَّوْبَةُ مِنَ الكُفْرِ بِالإيمانِ فَصَحِيحَةٌ في غُفْرانِ إثْمِ الكُفْرِ ولَوْ بَقِيَ مُتَلَبِّسًا بِبَعْضِ الكَبائِرِ بِإجْماعِ عُلَماءِ الإسْلامِ.
والذُّنُوبُ الَّتِي تَجِبُ مِنها التَّوْبَةُ هي الكَبائِرُ ابْتِداءً، وكَذَلِكَ الصَّغائِرُ وتَمْيِيزُ الكَبائِرِ مِنَ الصَّغائِرِ مَسْألَةٌ أُخْرى مَحَلُّها أُصُولُ الدِّينِ وأُصُولُ الفِقْهِ والفِقْهُ.
إلّا أنَّ اللَّهَ تَفَضَّلَ عَلى المُسْلِمِينَ فَغَفَرَ الصَّغائِرَ لِمَنِ اجْتَنَبَ الكَبائِرَ، أُخِذَ ذَلِكَ مِن قَوْلِهِ تَعالى (﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإثْمِ والفَواحِشَ إلّا اللَّمَمَ﴾ [النجم: ٣٢]) وقَدْ مَضى القَوْلُ فِيهِ في تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّجْمِ.
ولَوْ عادَ التّائِبُ إلى بَعْضِ الذُّنُوبِ أوْ جَمِيعِها ما عَدا الكُفْرَ اخْتَلَفَ فِيهِ عُلَماءُ الأُمَّةِ فالَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ أهْلُ السُّنَّةِ أنَّ التَّوْبَةَ تَنْتَقِضُ بِالعَوْدَةِ إلى بَعْضِ الذُّنُوبِ في خُصُوصِ الذَّنْبِ المَعُودِ إلَيْهِ ولا تَنْتَقِضُ فِيما سِواهُ. وأنَّ العَوْدَ مَعْصِيَةٌ تَجِبُ التَّوْبَةُ مِنها. وقالَ المُعْتَزِلَةُ، تَنْتَقِضُ بِالعَوْدَةِ إلى بَعْضِ الذُّنُوبِ فَتَعُودُ إلَيْهِ ذُنُوبُهُ ووافَقَهُمُ الباقِلّانِيُّ.
ولَيْسَ في أدِلَّةِ الكِتابِ والسُّنَّةِ ما يَشْهَدُ لِأحَدِ الفَرِيقَيْنِ.
والرَّجاءُ المُسْتَفادُ مِن فِعْلِ (عَسى) مُسْتَعْمَلٌ في الوَعْدِ الصّادِرِ عَنِ المُتَفَضِّلِ عَلى طَرِيقَةِ الِاسْتِعارَةِ وذَلِكَ التّائِبُ لا حَقَّ لَهُ في أنْ يُعْفى عَنْهُ ما اقْتَرَفَهُ لِأنَّ العِصْيانَ قَدْ حَصَلَ وإنَّما التَّوْبَةُ عَزْمٌ عَلى عَدَمِ العَوْدَةِ إلى الذَّنْبِ ولَكِنْ ما لِصاحِبِها مِنَ النَّدَمِ والخَوْفِ الَّذِي بَعَثَ عَلى العَزْمِ دَلَّ عَلى زَكاءِ النَّفْسِ فَجَعَلَ اللَّهُ جَزاءَهُ أنْ يَمْحُوَ عَنْهُ ما سَلَفَ مِنَ الذُّنُوبِ تُفَضُّلًا مِنَ اللَّهِ فَذَلِكَ مَعْنى الرَّجاءِ المُسْتَفادِ مِن (عَسى) .
وقَدْ أجْمَعَ عُلَماءُ الإسْلامِ عَلى أنَّ التَّوْبَةَ مِنَ الكُفْرِ بِالإيمانِ مَقْبُولَةٌ قَطْعًا لِكَثْرَةِ أدِلَّةِ الكِتابِ والسُّنَّةِ، واخْتَلَفُوا في تَعَيُّنِ قَبُولِ تَوْبَةِ العاصِي مِنَ المُؤْمِنِينَ، فَقالَ جُمْهُورُ أهْلِ السُّنَّةِ: قَبُولُها مَرْجُوٌّ غَيْرُ مَقْطُوعٍ ومِمَّنْ قالَ بِهِ الباقِلّانِيُّ وإمامُ الحَرَمَيْنِ. وعَنِ الأشْعَرِيِّ أنَّهُ مَقْطُوعٌ بِهِ سَمْعًا والمُعْتَزِلَةِ مَقْطُوعٌ بِهِ عَقْلًا.
وتَكْفِيرُ السَّيِّئاتِ: غُفْرانُها، وهو مُبالَغَةٌ في كَفَرَ المُخَفَّفِ المُتَعَدِّي الَّذِي هو مُشْتَقٌّ مِنَ الكَفْرِ بِفَتْحِ الكافِ، أيِ السَّتْرِ.
* * *
(p-٣٧٠)﴿يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيءَ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهم يَسْعى بَيْنَ أيْدِيهِمْ وبِأيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أتْمِمْ لَنا نُورَنا واغْفِرْ لَنا إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ .
(يَوْمَ) ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِ (يُدْخِلَكم جَنّاتٍ) وهو تَعْلِيقٌ تَخَلَّصَ إلى الثَّناءِ عَلى الرَّسُولِ ﷺ والمُؤْمِنِينَ مَعَهُ. وهو يَوْمُ القِيامَةِ وهَذا الثَّناءُ عَلَيْهِمْ بِانْتِفاءِ خِزْيِ اللَّهِ عَنْهم تَعْرِيضٌ بِأنَّ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا مَعَهُ يُخْزِيهِمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيامَةِ وذِكْرُ النَّبِيءِ ﷺ مَعَ الَّذِينَ آمَنُوا لِتَشْرِيفِ المُؤْمِنِينَ ولا عَلاقَةَ لَهُ بِالتَّعْرِيضِ.
والخِزْيُ: هو عَذابُ النّارِ، وحَكى اللَّهُ تَعالى عَنْ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَوْلَهُ (﴿ولا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ﴾ [الشعراء: ٨٧]) عَلى أنَّ انْتِفاءَ الخِزْيِ يَوْمَئِذٍ يَسْتَلْزِمُ الكَرامَةَ إذْ لا واسِطَةَ بَيْنَهُما كَما أشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ تَعالى (﴿فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النّارِ وأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فازَ﴾ [آل عمران: ١٨٥]) .
وفِي صِلَةِ (﴿الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ [غافر: ٢٥]) إيذانٌ بِأنَّ سَبَبَ انْتِفاءِ الخِزْيِ عَنْهم هو إيمانُهم.
ومَعِيَّةُ المُؤْمِنِينَ مَعَ النَّبِيءِ ﷺ صُحْبَتُهُمُ النَّبِيءَ ﷺ .
و(مَعَ) يَجُوزُ تَعَلُّقُها بِمَحْذُوفٍ حالٍ مِنَ (﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾) أيْ حالَ كَوْنِهِمْ مَعَ الشَّيْءِ في انْتِفاءِ خِزْيِ اللَّهِ عَنْهم فَيَكُونُ عُمُومُ (﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾) مَخْصُوصًا بِغَيْرِ الَّذِينَ يَتَحَقَّقُ فِيهِمْ خِزْيُ الكُفْرِ وهُمُ الَّذِينَ ارْتَدُّوا وماتُوا عَلى الكُفْرِ.
وفِي هَذِهِ الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى المَغْفِرَةِ لِجَمِيعِ أصْحابِ النَّبِيءِ ﷺ .
ويَجُوزُ تَعَلُّقُ (مَعَ) بِفِعْلِ (آمَنُوا) أيِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وصَحِبُوهُ، فَيَكُونُ مُرادًا بِهِ أصْحابُ النَّبِيءِ ﷺ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ ولَمْ يَرْتَدُّوا بَعْدَهُ، فَتَكُونُ الآيَةُ مُؤْذِنَةً بِفَضِيلَةٍ لِلصَّحابَةِ.
وضَمِيرُ (نُورُهم) عائِدٌ إلى النَّبِيءِ ﷺ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ.
وإضافَةُ (نُورُ) إلى ضَمِيرِ (هم) مَعَ أنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ إخْبارٌ عَنْهم بِنُورٍ لَهم لَيْسَتْ إضافَةَ تَعْرِيفٍ إذْ لَيْسَ المَقْصُودُ تَعْرِيفَ النُّورِ وتَعْيِينَهُ ولَكِنَّ الإضافَةَ مُسْتَعْمَلَةٌ هُنا في لازِمِ (p-٣٧١)مَعْناها وهو اخْتِصاصُ النُّورِ بِهِمْ في ذَلِكَ اليَوْمِ بِحَيْثُ يُمَيِّزُهُ النّاسُ مِن بَيْنِ الأنْوارِ يَوْمَئِذٍ.
وُسَعْيُ النُّورِ: امْتِدادُهُ وانْتِشارُهُ. شُبِّهَ ذَلِكَ بِاشْتِدادِ مَشْيِ الماشِي وذَلِكَ أنَّهُ يَحِفُّ بِهِمْ حَيْثُما انْتَقَلُوا تَنْوِيهًا بِشَأْنِهِمْ كَما تُنْشَرُ الأعْلامُ بَيْنَ يَدَيِ الأمِيرِ والقائِدِ وكَما تُساقُ الجِيادُ بَيْنَ يَدَيِ الخَلِيفَةِ.
وإنَّما خُصَّ بِالذِّكْرِ مِنَ الجِهاتِ الأمامُ واليَمِينُ لِأنَّ النُّورَ إذا كانَ بَيْنَ أيْدِيهِمْ تَمَتَّعُوا بِمُشاهَدَتِهِ وشَعَرُوا بِأنَّهُ كَرامَةٌ لَهم ولِأنَّ الأيْدِيَ هي الَّتِي تُمْسَكُ بِها الأُمُورُ النَّفِيسَةُ وبِها بايَعُوا النَّبِيءَ ﷺ عَلى الإيمانِ والنَّصْرِ. وهَذا النُّورُ نُورٌ حَقِيقِيٌّ يَجْعَلُهُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ القِيامَةِ. والباءُ لِلْمُلابَسَةِ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ بِمَعْنى عَنْ.
وقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذا في سُورَةِ الحَدِيدِ وما ذَكَرْناهُ هُنا أوْسَعُ.
وجُمْلَةُ (﴿يَقُولُونَ رَبَّنا أتْمِمْ لَنا نُورَنا﴾) إلى آخِرِها حالٌ مِن ضَمِيرِ (نُورُهم)، وظاهِرُهُ أنْ يَكُونَ حالًا مُقارَنَةً، أيْ يَقُولُونَ ذَلِكَ في ذَلِكَ اليَوْمِ، ودُعاؤُهم طَلَبٌ لِلزِّيادَةِ مِن ذَلِكَ النُّورِ، فَيَكُونُ ضَمِيرُ (يَقُولُونَ) عائِدًا إلى جَمِيعِ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَ النَّبِيءِ ﷺ يَوْمَئِذٍ، أوْ يَقُولُ ذَلِكَ مَن كانَ نُورُهُ أقَلَّ مِن نُورِ غَيْرِهِ مِمَّنْ هو أفْضَلُ مِنهُ يَوْمَئِذٍ فَيَكُونُ ضَمِيرُ (يَقُولُونَ) عَلى إرادَةِ التَّوْزِيعِ عَلى طَوائِفِ الَّذِينَ آمَنُوا في ذَلِكَ اليَوْمِ.
وإتْمامُ النُّورِ إدامَتُهُ أوِ الزِّيادَةُ مِنهُ عَلى الوَجْهَيْنِ المَذْكُورَيْنِ آنِفًا وكَذَلِكَ الدُّعاءُ بِطَلَبِ المَغْفِرَةِ لَهم هو لِطَلَبِ دَوامِ المَغْفِرَةِ، وذَلِكَ كُلُّهُ أدَبٌ مَعَ اللَّهِ وتَواضُعٌ لَهُ مِثْلَ ما قِيلَ في اسْتِغْفارِ النَّبِيءِ ﷺ في اليَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً.
ويَظْهَرُ بِذَلِكَ وجْهُ التَّذْيِيلِ بِقَوْلِهِمْ (﴿إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾) المُشْعِرُ بِتَعْلِيلِ الدُّعاءِ كِنايَةً عَنْ رَجاءِ إجابَتِهِ لَهم.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ تُوبُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةࣰ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن یُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَیِّـَٔاتِكُمۡ وَیُدۡخِلَكُمۡ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ یَوۡمَ لَا یُخۡزِی ٱللَّهُ ٱلنَّبِیَّ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥۖ نُورُهُمۡ یَسۡعَىٰ بَیۡنَ أَیۡدِیهِمۡ وَبِأَیۡمَـٰنِهِمۡ یَقُولُونَ رَبَّنَاۤ أَتۡمِمۡ لَنَا نُورَنَا وَٱغۡفِرۡ لَنَاۤۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق