الباحث القرآني
﴿فَهَزَمُوهُمْ﴾؛ أيْ: كَسَرُوهم بِلا مُكْثٍ؛ ﴿بِإذْنِ اللَّهِ﴾؛ بِنَصْرِهِ؛ وتَأْيِيدِهِ؛ إجابَةً لِدُعائِهِمْ؛ وإيثارُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عَلى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا﴾؛ إلَخْ.. لِلْمُحافَظَةِ عَلى مَضْمُونِ قَوْلِهِمْ: "غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ"؛ ﴿وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ﴾؛ كانَ "إيشى"؛ أبُو داوُدَ؛ في عَسْكَرِ طالُوتَ؛ مَعَهُ سِتَّةٌ مِن بَنِيهِ؛ وكانَ داوُدُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - سابِعَهُمْ؛ وكانَ صَغِيرًا؛ يَرْعى الغَنَمَ؛ فَأوْحى اللَّهُ (تَعالى) إلى نَبِيِّهِمْ أنَّهُ الَّذِي يَقْتُلُ جالُوتَ؛ فَطَلَبَهُ مِن أبِيهِ؛ فَجاءَ؛ وقَدْ مَرَّ في طَرِيقِهِ بِثَلاثَةِ أحْجارٍ؛ قالَ لَهُ كُلٌّ مِنها: احْمِلْنا؛ فَإنَّكَ بِنا تَقْتُلُ جالُوتَ؛ فَحَمَلَها في مِخْلاتِهِ؛ قِيلَ: لَمّا أبْطَأ عَلى أبِيهِ خَبَرُ إخْوَتِهِ في المَصافِّ؛ أرْسَلَ داوُدُ إلَيْهِمْ لِيَأْتِيَهُ بِخَبَرِهِمْ؛ فَأتاهم وهم في القِراعِ؛ وقَدْ بَرَزَ جالُوتُ بِنَفْسِهِ إلى البِرازِ؛ ولا يَكادُ يُبارِزُهُ أحَدٌ؛ وكانَ ظِلُّهُ مِيلًا؛ فَقالَ داوُدُ لِإخْوَتِهِ: أما فِيكم مَن يَخْرُجُ إلى هَذا الأقْلَفِ؟ فَزَجَرُوهُ؛ فَنَحا ناحِيَةً أُخْرى؛ لَيْسَ فِيها إخْوَتُهُ؛ وقَدْ مَرَّ بِهِ طالُوتُ وهو يُحَرِّضُ النّاسَ عَلى القِتالِ؛ فَقالَ لَهُ داوُدُ: ما تَصْنَعُونَ بِمَن يَقْتُلُ هَذا الأقْلَفَ؟ قالَ طالُوتُ: أُنْكِحُهُ بِنْتِي؛ وأُعْطِيهِ شَطْرَ مَمْلَكَتِي؛ فَبَرَزَ لَهُ داوُدُ؛ فَرَماهُ بِما مَعَهُ مِنَ الأحْجارِ؛ بِالمِقْلاعِ؛ فَأصابَهُ في صَدْرِهِ؛ فَنَفَذَ الأحْجارُ مِنهُ؛ وقَتَلَتْ بَعْدَهُ ناسًا كَثِيرًا؛ وقِيلَ: إنَّما كَلَّمَتْهُ الأحْجارُ عِنْدَ بُرُوزِهِ لِجالُوتَ؛ في المَعْرَكَةِ؛ فَأنْجَزَ لَهُ طالُوتُ ما وعَدَهُ؛ وقِيلَ: إنَّهُ حَسَدَهُ؛ وأخْرَجَهُ مِن مَمْلَكَتِهِ؛ ثُمَّ نَدِمَ عَلى ما صَنَعَهُ؛ فَذَهَبَ يَطْلُبُهُ إلى أنْ قُتِلَ؛ ومُلِّكَ داوُدُ - عَلَيْهِ السَّلامُ -؛ وأُعْطِيَ النُّبُوَّةَ؛ وذَلِكَ قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿وَآتاهُ اللَّهُ المُلْكَ﴾؛ أيْ: مُلْكَ بَنِي إسْرائِيلَ؛ في مَشارِقِ الأرْضِ المُقَدَّسَةِ؛ ومَغارِبِها؛ ﴿والحِكْمَةَ﴾؛ أيْ: النُّبُوَّةَ؛ ولَمْ يَجْتَمِعْ في بَنِي إسْرائِيلَ المُلْكُ والنُّبُوَّةُ قَبْلَهُ؛ إلّا لَهُ؛ بَلْ كانَ المُلْكُ في سِبْطٍ؛ والنُّبُوَّةُ في سِبْطٍ (p-245)آخَرَ؛ وما اجْتَمَعُوا قَبْلَهُ عَلى مَلِكٍ قَطُّ؛ ﴿وَعَلَّمَهُ مِمّا يَشاءُ﴾؛ أيْ: مِمّا يَشاءُ اللَّهُ (تَعالى) تَعْلِيمَهُ إيّاهُ؛ لا مِمّا يَشاءُ داوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ؛ كَما قِيلَ؛ لِأنَّ مُعْظَمَ ما عَلَّمَهُ (تَعالى) إيّاهُ مِمّا لا يَكادُ يَخْطُرُ بِبالِ أحَدٍ؛ ولا يَقَعُ في أُمْنِيَّةِ بَشَرٍ؛ لِيَتَمَكَّنَ مِن طَلَبِهِ؛ ومَشِيئَتِهِ؛ كالسَّرْدِ بِإلانَةِ الحَدِيدِ؛ ومَنطِقِ الطَّيْرِ؛ والدَّوابِّ؛ ونَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ الخَفِيَّةِ؛ ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ﴾؛ الَّذِينَ يُباشِرُونَ الشَّرَّ والفَسادَ؛ ﴿بِبَعْضٍ﴾؛ آخَرَ مِنهُمْ؛ بِرَدِّهِمْ عَمّا هم عَلَيْهِ بِما قَدَّرَ اللَّهُ (تَعالى) مِنَ القَتْلِ؛ كَما في القِصَّةِ المَحْكِيَّةِ؛ أوْ غَيْرِهِ؛ وقُرِئَ: "دِفاعُ اللَّهِ"؛ عَلى أنَّ صِيغَةَ المُغالَبَةِ لِلْمُبالَغَةِ؛ ﴿لَفَسَدَتِ الأرْضُ﴾؛ وبَطَلَتْ مَنافِعُها؛ وتَعَطَّلَتْ مَصالِحُها؛ مِنَ الحَرْثِ؛ والنَّسْلِ؛ وسائِرِ ما يَعْمُرُ الأرْضَ؛ ويُصْلِحُها؛ وقِيلَ: لَوْلا أنَّ اللَّهَ يَنْصُرُ المُسْلِمِينَ عَلى الكافِرِينَ لَفَسَدَتِ الأرْضُ بِعَيْثِهِمْ؛ وقَتْلِهِمُ المُسْلِمِينَ؛ أوْ: لَوْ لَمْ يَدْفَعْهم بِالمُسْلِمِينَ لَعَمَّ الكُفْرُ؛ ونَزَلَتِ السَّخْطَةُ؛ فاسْتُؤْصِلَ أهْلُ الأرْضِ قاطِبَةً؛ ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ﴾؛ عَظِيمٍ لا يُقادَرُ قَدْرُهُ؛ ﴿عَلى العالَمِينَ﴾؛ كافَّةً؛ وهَذا إشارَةٌ إلى قِياسٍ اسْتِثْنائِيٍّ؛ مُؤَلَّفٍ مِن وضْعٍ نَقِيضِ المُقَدَّمِ؛ مُنْتِجٍ لِنَقِيضِ التّالِي؛ خَلا أنَّهُ قَدْ وُضِعَ ما يَسْتَتْبِعُهُ؛ ويَسْتَوْجِبُهُ؛ أعْنِي كَوْنَهُ (تَعالى) ذا فَضْلٍ عَلى العالَمِينَ؛ إيذانًا بِأنَّهُ (تَعالى) مُتَفَضِّلٌ في ذَلِكَ الدَّفْعِ؛ مِن غَيْرِ أنْ يَجِبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ وأنَّ فَضْلَهُ (تَعالى) غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِيهِ؛ بَلْ هو فَرْدٌ مِن أفْرادِ فَضْلِهِ العَظِيمِ؛ كَأنَّهُ قِيلَ: ولَكِنَّهُ (تَعالى) يَدْفَعُ فَسادَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ؛ فَلا تَفْسَدُ الأرْضُ؛ وتَنْتَظِمُ بِهِ مَصالِحُ العالَمِ؛ وتَنْصَلِحُ أحْوالُ الأُمَمِ.
{"ayah":"فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ وَءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَهُۥ مِمَّا یَشَاۤءُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضࣲ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق