الباحث القرآني
﴿فَلَمّا فَصَلَ طالُوتُ بِالجُنُودِ﴾، انفصل بهم عن بلده لقتال العمالقة، وكانوا ثمانين ألفًا، ﴿قالَ﴾، لهم طالوت، ﴿إنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ﴾: يعاملكم معاملة المختبر، ﴿بنَهَرٍ﴾: هو بين الأردن وفلسطين، ﴿فَمَن شَرِبَ مِنهُ﴾، أي: شرب بفمه من النهر، ﴿فَلَيْسَ مِنِّي﴾: ليس من أشياعي فلا يصحبني، ﴿ومَن لَمْ يَطْعَمْهُ فَإنَّهُ مِنِّي﴾، من طعم الشيء، إذا ذاقه مأكولًا أو مشروبًا، ﴿إلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ﴾، استثناء منقطع من قوله فمن شرب، ﴿فَشَرِبُوا مِنهُ إلّا قَلِيلًا مِنهُمْ﴾، أي: وقع أكثرهم في النهر وكرعوا إلا قليلًا، أو أفرطوا إلا قليلًا، فإنه أيام الحر فكان من اغترف روي، ومن شرب منه لم يرو، والقليل ثلاث مائة وبضعة عشر، أو أربعة آلاف من ثمانين ألفًا، ﴿فَلَمّا جاوَزَهُ﴾، أي: النهر، ﴿هُوَ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾، أي: القليل الذي لم يخالفوه، ﴿قالُوا﴾: بعضهم لبعض، أو ضمير قالوا للذين خالفوا وشربوا، ﴿لا طاقَةَ لَنا اليَوْمَ بِجالُوتَ وجُنُودِِهِ﴾: لكثرتهم وقلتنا، ﴿قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ﴾: يعلمون، ﴿أنَّهم مُلاقُو اللهِ﴾: تيقنوا لقاءه وثوابه، وهم العلماء من القليل، ومن قال ضمير قالوا للذين خالفوا، يقول: المراد من الذين يظنون، هم القليل بجملتهم، فهم والكثيرون تقاولوا بذلك والنهر بينهما، ﴿كَمْ مِن فِئَةٍ﴾: فرقة، وكم خبرية، أو استفهامية، ومن زائدة أو مبينة، ﴿قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللهِ﴾: بحكمه وأمره، ﴿واللهُ مَعَ الصّابِرِينَ﴾: بالنصر والإثابة، ﴿ولَمّا بَرَزُوا﴾: ظهروا ودنوا، ﴿لِجالُوتَ وجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أفْرِغْ﴾: أصبب وأنزل، ﴿عَلَيْنا صَبْرًا وثَبّتْ أقْدامَنا﴾: بتقوية قلوبنا، ﴿وانصُرْنا عَلى القَوْمِ الكافِرِينَ فَهَزَمُوهُم﴾: كسروهم، ﴿بِإذْنِ اللهِ﴾: بقضائه ونصره، ﴿وقَتَلَ داوُودُ جالُوتَ﴾، كان في عسكر طالوت، وقد وعده إن قتل جالوت أن يزوجه ابنته ويشركه في أمره ونعمته، فوفى بوعده، ثم آل الأمر إلى داود، ﴿وآتاهُ اللهُ الُملْكَ﴾: ملك بني إسرائيل، ﴿والحِكْمَةَ﴾: النبوة، ﴿وعَلَّمَه مِمّا يَشاءُ﴾، من صنعة الدروع ومنطق الطير، ﴿ولَوْلا دَفْعُ اللهِ النّاسَ بَعْضَهم بِبَعْضٍ﴾، كما دفع العمالقة بجنود طالوت، ﴿لَفَسَدَتِ الأرْضُ﴾: بغلبة الكفار، أو بشؤمهم، ﴿ولَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلى العالَمِينَ﴾: فيدفع عنهم ببعضهم بعضًا، ﴿تِلْكَ﴾، إشارة إلى حديث الألوف، والتابوت، وطالوت وجالوت، ﴿آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالحَقِّ﴾: بالوجه المطابق، ﴿وإنَّكَ﴾: يا محمد، ﴿لَمِنَ المُرْسَلِينَ﴾: ومنها يعلم رسالتك، حيث تخبر بها عن تلك المغيبات من غير أن تقرأ وتسمع، أو إنك منهم، فلابد أن تصبر كما صبروا، ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ﴾: المذكورة قصصهم، أو اللام للاستغراق، ﴿فَضَّلْنا بَعْضَهم عَلى بَعْضٍ﴾، بأن خصصناه بمنقبة، وإن استووا في القيام بالرسالة، ﴿مِنهم مَن كَلَّمَ اللهُ﴾ هو موسى كلمه في الطور، قيل: هو ومحمد عليهما الصلاة والسلام كلمه ليلة المعراج، ﴿ورَفَعَ بَعْضَهم دَرَجاتٍ﴾، أي: محمدًا عليه الصلاة والسلام، فخواصه أكثر، وأبهمه لأنه متعين الرجحان، وقيل: إبراهيم، وقيل: إدريس، وقيل أولو العزم، ﴿وآتَيْنا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ البَيِّناتِ﴾: الحجج القواطع، خصه بالذكر لإفراط اليهود والنصارى في تحقيره وتعظيمه، ﴿وأيَّدْناهُ بِرُوحِ القُدُسِ﴾: جبريل عليه السلام، كان يسير معه حيث سار، ﴿ولَوْ شاءَ اللهُ﴾، هداية الناس واتفاقهم، ﴿ما اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ﴾: من بعد الرسل، فلا يختلفون في الدين، ولا يكفر بعضهم بعضًا، ﴿مِن بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ البَيِّناتُ﴾: الواضحات، ﴿ولَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنهم مَن آمَنَ﴾: ثبت على الإيمان بتوفيقه، ﴿ومِنهم مَن كَفَرَ﴾: كالنصارى، صاروا فرقًا وتحاربوا، ﴿ولَوْ شاءَ اللهُ ما اقْتَتَلُوا﴾، كرره تأكيدًا ليعلم كل أحد أنه من عند الله لا من عند أنفسهم، ﴿ولَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ﴾ فيوفق بعضا فضلًا، ويخذل بعضهم عدلًا.
{"ayahs_start":249,"ayahs":["فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِٱلۡجُنُودِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ مُبۡتَلِیكُم بِنَهَرࣲ فَمَن شَرِبَ مِنۡهُ فَلَیۡسَ مِنِّی وَمَن لَّمۡ یَطۡعَمۡهُ فَإِنَّهُۥ مِنِّیۤ إِلَّا مَنِ ٱغۡتَرَفَ غُرۡفَةَۢ بِیَدِهِۦۚ فَشَرِبُوا۟ مِنۡهُ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّنۡهُمۡۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُۥ هُوَ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ قَالُوا۟ لَا طَاقَةَ لَنَا ٱلۡیَوۡمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦۚ قَالَ ٱلَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُوا۟ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةࣲ قَلِیلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةࣰ كَثِیرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ","وَلَمَّا بَرَزُوا۟ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُوا۟ رَبَّنَاۤ أَفۡرِغۡ عَلَیۡنَا صَبۡرࣰا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ","فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ وَءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَهُۥ مِمَّا یَشَاۤءُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضࣲ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ","تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَیۡكَ بِٱلۡحَقِّۚ وَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلۡمُرۡسَلِینَ","۞ تِلۡكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲۘ مِّنۡهُم مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُۖ وَرَفَعَ بَعۡضَهُمۡ دَرَجَـٰتࣲۚ وَءَاتَیۡنَا عِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ ٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَأَیَّدۡنَـٰهُ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِۗ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلَ ٱلَّذِینَ مِنۢ بَعۡدِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلۡبَیِّنَـٰتُ وَلَـٰكِنِ ٱخۡتَلَفُوا۟ فَمِنۡهُم مَّنۡ ءَامَنَ وَمِنۡهُم مَّن كَفَرَۚ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلُوا۟ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یَفۡعَلُ مَا یُرِیدُ"],"ayah":"فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ وَءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَهُۥ مِمَّا یَشَاۤءُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضࣲ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق