قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْناكم ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ﴾ فِيهِ ثَمانِيَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: ولِقَدٍّ خَلَقْناكم في ظَهْرِ آَدَم ثُمَّ صَوَّرْناكم في الأرْحامِ، رَواهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الحارِثِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّانِي: ولَقَدْ خَلَقْناكم في أصْلابِ الرِّجالِ، وصَوَّرْناكم في أرْحامِ النِّساءِ، رَواهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ عِكْرِمَةُ. (p-١٧٣)والثّالِثُ: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ﴾ يَعْنِي آَدَمَ، ﴿ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ﴾ يَعْنِي ذُرِّيَّتَهُ مِن بَعْدِهِ رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والرّابِعُ: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ﴾، يَعْنِي آَدَمَ، ﴿ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ﴾ في ظَهْرِهِ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
والخامِسُ: خَلَقْناكم نُطَفًا في أصْلابِ الرِّجالِ، وتَرائِبِ النِّساءِ، ﴿ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ﴾ عِنْدَ اجْتِماعِ النُّطَفِ في الأرْحامِ، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ.
والسّادِسُ: ﴿خَلَقْناكُمْ﴾ في بُطُونِ أُمَّهاتِكم، ﴿ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ﴾ فِيما بَعْدَ الخَلْقِ بِشِقِّ السَّمْعِ والبَصَرِ، قالَهُ مَعْمَرٌ.
والسّابِعُ: ﴿خَلَقْناكُمْ﴾ يَعْنِي آَدَمَ خَلَقْناهُ مِن تُرابٍ، ﴿ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ﴾ أيْ: صَوَّرْناهُ، قالَهُ الزَّجّاجُ، وابْنُ قُتَيْبَةَ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: فَجَعَلَ الخَلْقَ لَهم إذْ كانُوا مِنهُ؛ فَمَن قالَهُ: عَنِيَ بِقَوْلِهِ ﴿خَلَقْناكُمْ﴾ آَدَمَ، فَمَعْناهُ: خَلَقْنا أصْلَكُمْ؛ ومَن قالَ: صُوَّرْنا ذُرِّيَّتَهُ في ظَهْرِهِ، أرادَ إخْراجَهم يَوْمَ المِيثاقِ كَهَيْئَةِ الذَّرِّ.
والثّامِنُ: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ﴾ يَعْنِي الأرْواحَ، ﴿ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ﴾ يَعْنِي الأجْسادَ، حَكاهُ القاضِي أبُو يَعْلى في "المُعْتَمَدِ" . وُفي ثُمَّ المَذْكُورَةِ مَرَّتَيْنِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما" أنَّها بِمَعْنى الواوِ، قالَهُ الأخْفَشُ. والثّانِي: أنَّها لَلتَّرْتِيبِ، قالَهُ الزَّجّاجُ.
{"ayah":"وَلَقَدۡ خَلَقۡنَـٰكُمۡ ثُمَّ صَوَّرۡنَـٰكُمۡ ثُمَّ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ ٱسۡجُدُوا۟ لِـَٔادَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ لَمۡ یَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِینَ"}