الباحث القرآني
﴿ولَقَدْ خَلَقْناكم ثُمَّ صَوَّرْناكم ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إلّا إبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السّاجِدِينَ﴾ لَمّا تَقَدَّمَ ما يَدُلُّ عَلى تَقْسِيمِ المُكَلَّفِينَ إلى طائِعٍ وعاصٍ فالطّائِعُ مُمْتَثِلٌ ما أمَرَ اللَّهُ بِهِ مُجْتَنِبٌ ما نَهى عَنْهُ والعاصِي بِضِدِّهِ أخَذَ يُنَبِّهُ عَلى أنَّ هَذا التَّقْسِيمَ كانَ في البَدْءِ الأوَّلِ مِن أمْرِ اللَّهِ لِلْمَلائِكَةِ بِالسُّجُودِ فامْتَثَلَ مَنِ امْتَثَلَ وامْتَنَعَ مَنِ امْتَنَعَ، وأنَّهُ أمَرَ تَعالى آدَمَ ونَهى فَحَكى عَنْهُ ما يَأْتِي خَبَرُهُ فَنَبَّهَ أوَّلًا عَلى مَوْضِعِ الِاعْتِبارِ وإبْرازِ الشَّيْءِ مِنَ العَدَمِ الصِّرْفِ إلى الوُجُودِ والتَّصْوِيرِ في هَذِهِ الصُّورَةِ الغَرِيبَةِ الشَّكْلِ المُتَمَكِّنَةِ مِن بَدائِعِ الصّانِعِ، والظّاهِرُ أنَّ الخِطابَ عامٌّ لِجَمِيعِ بَنِي آدَمَ ويَكُونُ عَلى قَوْلِهِ، ثُمَّ قُلْنا ما أنْ تَكُونَ فِيهِ، ثُمَّ بِمَعْنى الواوِ فَلَمْ تُرَتِّبْ، ويَكُونُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الخَلْقِ والتَّصْوِيرِ، أوْ تَكُونُ ﴿ثُمَّ﴾ في ﴿ثُمَّ قُلْنا﴾ لِلتَّرْتِيبِ في الإخْبارِ لا في الزَّمانِ، وهَذا أسْهَلُ مَحْمَلٍ في الآيَةِ ومِنهم مَن جَعَلَ ﴿ثُمَّ﴾ لِلتَّرْتِيبِ في الزَّمانِ واخْتَلَفُوا في المُخاطَبِ، فَقِيلَ المُرادُ بِهِ آدَمُ وهو مِن إطْلاقِ الجَمْعِ عَلى الواحِدِ، وقِيلَ المُرادُ بِهِ بَنُوهُ فَعَلى القَوْلِ الأوَّلِ يَكُونُ الخِطابُ في الجُمْلَتَيْنِ لِآدَمَ؛ لِأنَّ العَرَبَ تُخاطِبُ العَظِيمَ الواحِدَ بِخِطابِ الجَمْعِ، وقِيلَ الخِطابُ في الأُولى لِآدَمَ وفي الثّانِيَةِ لِذُرِّيَّتِهِ فَتَحْصُلُ المُهْلَةُ بَيْنَهُما و﴿ثُمَّ﴾ الثّالِثَةُ لِتَرْتِيبِ الأخْبارِ، ورَوى هَذا العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. وقِيلَ: خَلَقْناكم لِآدَمَ، ثُمَّ صَوَّرْناكم لِبَنِيهِ يَعْنِي في صُلْبِهِ عِنْدَ أخْذِ المِيثاقِ، ثُمَّ قُلْنا فَيَكُونُ التَّرْتِيبُ واقِعًا عَلى بابِهِ وعَلى القَوْلِ الثّانِي وهو أنَّ الخِطابَ لِبَنِي آدَمَ، فَقِيلَ: الخِطابُ عَلى ظاهِرِهِ وإنِ اخْتَلَفَ مَحَلُّ الخَلْقِ والتَّصْوِيرِ فَرَوى الحارِثُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ خَلَقْناكم في ظَهْرِ آدَمَ، ثُمَّ صَوَّرْناكم في الأرْحامِ، وقالَ ابْنُ جُبَيْرٍ عَنْهُ: خَلَقْناكم في أصْلابِ الرَّجُلِ، ثُمَّ صَوَّرْناكم في أرْحامِ النِّساءِ، وقالَهُ عِكْرِمَةُ، وقَتادَةُ، والضَّحّاكُ والأعْمَشُ، وقالَ ابْنُ السّائِبِ خَلَقْناكم نُطَفًا في أصْلابِ الرِّجالِ وتَرائِبِ النِّساءِ، ثُمَّ صَوَّرْناكم عِنْدَ اجْتِماعِ النُّطَفِ في الأرْحامِ، وقالَ مَعْمَرُ بْنُ راشِدٍ حاكِيًا عَنْ بَعْضِ أهْلِ العِلْمِ: خَلَقْناكم في بُطُونِ أُمَّهاتِكم وصَوَّرْناكم فِيها بَعْدَ الخَلْقِ، شَقَّ السَّمْعَ والبَصَرَ، وثُمَّ عَلى هَذِهِ الأقْوالِ في قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ قُلْنا﴾ لِلتَّرْتِيبِ في الأخْبارِ، وقِيلَ الخِطابُ لِبَنِي آدَمَ إلّا أنَّهُ عَلى حَذْفِ مُضافٍ، التَّقْدِيرُ: ولَقَدْ خَلَقْنا أرْواحَكم، ثُمَّ صَوَّرْنا أجْسامَكم، حَكاهُ القاضِي أبُو يَعْلى في المُعْتَمَدِ ويَكُونُ ﴿ثُمَّ﴾ في ﴿ثُمَّ قُلْنا﴾ لِتَرْتِيبِ الأخْبارِ، وقِيلَ، التَّقْدِيرُ: ولَقَدْ خَلَقْنا أباكم، ثُمَّ صَوَّرْنا أباكم، ثُمَّ قُلْنا، فَثُمَّ عَلى هَذا لِلتَّرْتِيبِ الزَّمانِيِّ والمُهْلَةِ عَلى أصْلِ وضْعِها، وقِيلَ هو مِن تَلْوِينِ الخِطابِ يُخاطِبُ العَيْنَ ويُرادُ بِهِ الغَيْرُ فَيَكُونُ الخِطابُ لِبَنِي آدَمَ والمُرادُ آدَمُ كَقَوْلِهِ: ﴿وإذْ نَجَّيْناكم مِن آلِ فِرْعَوْنَ﴾ [البقرة: ٤٩] ﴿فَأخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ وأنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ [البقرة: ٥٥] ﴿وإذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا﴾ [البقرة: ٧٢] هو خِطابٌ لِمَن كانَ بِحَضْرَةِ الرَّسُولِ مِن بَنِي إسْرائِيلَ والمُرادُ أسْلافُهم. ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎إذا افْتَخَرَتْ يَوْمًا تَمِيمٌ بِقَوْسِها وزادَتْ عَلى ما وطَّدَتْ مِن مَناقِبِ
؎فَأنْتُمْ بِذِي قارٍ أمالَتْ سُيُوفُكم ∗∗∗ عُرُوشَ الَّذِينَ اسْتَرْهَنُوا قَوْسَ حاجِبِ
وهَذِهِ الوَقْعَةُ كانَتْ لِآبائِهِمْ، وتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ ﴿قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إلّا إبْلِيسَ﴾ في سُورَةِ البَقَرَةِ فَأغْنى عَنْ إعادَتِهِ، وقَوْلُهُ: ﴿لَمْ يَكُنْ مِنَ السّاجِدِينَ﴾ جُمْلَةٌ لا مَوْضِعَ لَها مِنَ الإعْرابِ مُؤَكِّدَةٌ لِمَعْنى ما أخْرَجَهُ الِاسْتِثْناءُ مِن نَفْيِ سُجُودِ إبْلِيسَ كَقَوْلِهِ: ﴿أبى واسْتَكْبَرَ﴾ [البقرة: ٣٤] بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿إلّا إبْلِيسَ﴾ في البَقَرَةِ.
{"ayah":"وَلَقَدۡ خَلَقۡنَـٰكُمۡ ثُمَّ صَوَّرۡنَـٰكُمۡ ثُمَّ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ ٱسۡجُدُوا۟ لِـَٔادَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ لَمۡ یَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق