القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قالت ثمود لصالح نبيِّهم: ﴿يا صالح قد كنت فينا مرجوًّا﴾ ، أي كنا نرجُو أن تكون فينا سيدًا قبل هذا القول الذي قلته لنا، من أنه مالنا من إله غير الله [[انظر تفسير " الرجاء " فيما سلف ٤: ٣١٩.]] = ﴿أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا﴾ ، يقول: أتنهانا أن نعبد الآلهة التي كانت آباؤنا تعبدها = (وإننا لفي شك مما تدعونَا إليه مريب) ، يعنون أنهم لا يعلمون صحَّة ما يدعوهم إليه من توحيد الله، وأن الألوهة لا تكون إلا لهُ خالصًا.
* * *
وقوله: ﴿مريب﴾ ، أي يوجب التهمة، من "أربته فأنا أريبه إرابة"، إذا فعلت به فعلا يوجب له الريبة، [[انظر تفسير " الريبة " فيما سلف من فهارس اللغة (ريب) .]] ومنه قول الهذلي: [[هو خالد بن زهير الهذلي]]
كُنْتُ إِذَا أَتَوْتُه مِنْ غَيْبِ ... يَشَمُّ عِطْفِي وَيبُزُّ ثَوْبِي
*كَأَنَّمَا أَرَبْتُهُ بِرَيْبِ* [[ديوان الهذليين ١: ١٦٥، واللسان (ريب) (بزز) ، (أتى) ، وغيرها كثير، وسيأتي في التفسير ٢٢: ٧٦ (بولاق) . وكان خالد بن زهير، ابن أخت أبي ذؤيب، وكان رسول أبي ذؤيب إلى صديقته، فأفسدها عليه، فكان يشك في أمره، فقال له خالد: يَا قَوْمِ مَالِي وَأَبَا ذُؤَيْبِ ... كُنْتُ إذَا أَتَوْتُه من غَيْبِ
" أتوته "، لغة في " أتيته "، وقوله: " من غيب "، من حيث لا يدري، لأن " الغيب "، هو الموضع الذي لا يدري ما ورائه. و" يبز ثوبي "، أي يجذبه إليه، يريد أن يمسكه حتى يستخرج خبء نفسه، من طول ارتيابه فيه.]]
{"ayah":"قَالُوا۟ یَـٰصَـٰلِحُ قَدۡ كُنتَ فِینَا مَرۡجُوࣰّا قَبۡلَ هَـٰذَاۤۖ أَتَنۡهَىٰنَاۤ أَن نَّعۡبُدَ مَا یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِی شَكࣲّ مِّمَّا تَدۡعُونَاۤ إِلَیۡهِ مُرِیبࣲ"}