الباحث القرآني

ولَمّا دَعاهم إلى الحَقِّ ونَصَّبَ لَهم عَلَيْهِ مِنَ الأدِلَّةِ ما هم بِهِ مُعْتَرِفُونَ وذَكَّرَهم نِعَمَهُ مُومِئًا إلى التَّحْذِيرِ مِن نِقَمِهِ، وسَهَّلَ لَهم طَرِيقَ الوُصُولِ إلَيْهِ، ما كانَ جَوابُهم إلّا أنْ سَلَخُوهُ مِن طَوْرِ البَشَرِيَّةِ لِمَحْضِ التَّقْلِيدِ، فَلِذَلِكَ اسْتَأْنَفَ الإخْبارَ عَنْ جَوابِهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿قالُوا﴾ أيْ: ثَمُودُ ﴿يا صالِحُ﴾ نادَوْهُ بِاسْمِهِ قِلَّةَ أدَبٍ مِنهم وجَفاءً ﴿قَدْ كُنْتَ فِينا﴾ أيْ: فِيما بَيْنَنا إذا تَذاكَرْنا أمْرَكَ ﴿مَرْجُوًّا﴾ أيْ: في حَيِّزِ مَن يَصِحُّ أنْ يُرْجى أنْ يَكُونَ فِيهِ خَيْرٌ وسُؤْدُدٌ ورُشْدٌ وصَلاحٌ، واسْتَغْرَقُوا الزَّمانَ فَحَذَفُوا الجارَّ وقالُوا: ﴿قَبْلَ هَذا﴾ أيِ الَّذِي دَعَوْتَنا إلَيْهِ فَأمّا بَعْدَ هَذا فانْسَلَخْتَ مِن هَذا العِدادِ؛ ثُمَّ بَيَّنُوا ما أوْجَبَ سُقُوطَهُ عِنْدَهم بِقَوْلِهِمْ مُنْكِرِينَ إنْكارَ (p-٣٢٠)مُحْتَرِقٍ ﴿أتَنْهانا﴾ أيْ: مُطْلَقَ نَهْيٍ ﴿أنْ نَعْبُدَ﴾ أيْ: دائِمًا ﴿ما يَعْبُدُ آباؤُنا﴾ وعَبَّرُوا بِصِيغَةِ المُضارِعِ تَصْوِيرًا لِلْحالِ كَأنَّ آباءَهم مَوْجُودُونَ فَلا تَمْكُنُ مُخالَفَتُهم إجْلالًا لَهُمْ، فَأجَّلُوا مَن يَرَوْنَهُ سَبَبًا قَرِيبًا في وُجُودِهِمْ ولَمْ يَهابُوا مَن أوَجَدَهم وآباءَهم أوَّلًا مِنَ الأرْضِ وثانِيًا مِنَ النُّطَفِ، ثُمَّ خَوَّلَهم فِيما هم فِيهِ، ثُمَّ فَزِعُوا - في أصْلِ الدِّينِ بَعْدَ ذِكْرِ الحامِلِ لَهم عَلى الكُفْرِ المانِعِ لَهم مِن تَرْكِهِ - إلى البُهْتِ بِأنَّ ما يُوجِبُ القَطْعَ لِكُلِّ عاقِلٍ مِن آيَتِهِ الباهِرَةِ لَمْ يُؤَثِّرْ عِنْدَهم إلّا ما هو دُونَ الظَّنِّ في تَرْكِ إجابَتِهِ، فَقالُوا مُؤَكِّدِينَ لِأنَّ شَكَّهم حَقِيقٌ بِأنْ يُنْكَرَ لِأنَّهُ في أمْرٍ واضِحٍ جِدًّا لا يَحْتَمِلُ الشَّكَّ أصْلًا: ﴿وإنَّنا لَفي شَكٍّ﴾ [و] زادُوا التَّأْكِيدَ بِالنُّونِ واللّامِ وبِالإشارَةِ بِالظَّرْفِ إلى إحاطَةِ الشَّكِّ بِهِمْ ﴿مِمّا﴾ ولَمّا كانَ الدّاعِي واحِدًا وهو صالِحٌ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يُلْحِقْ بِالفِعْلِ غَيْرَ نُونٍ واحِدَةٍ هي ضَمِيرُهم بِخِلافِ ما في سُورَةِإبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَلِذَلِكَ قالُوا: ﴿تَدْعُونا إلَيْهِ﴾ مِن عِبادَةِ اللَّهِ وحْدَهُ ﴿مُرِيبٍ﴾ أيْ: مُوقِعٍ في الرِّيبَةِ وهي قَلَقُ النَّفْسِ وانْتِفاءُ الطُّمَأْنِينَةِ بِاليَقِينِ؛ والرَّجاءُ: تَعَلُّقُ النَّفْسَ لِمَجِيءِ الخَيْرِ عَلى \ جِهَةِ الظَّنِّ، ونَظِيرُهُ الأمَلُ والطَّمَعُ؛ والنَّهْيُ: المَنعُ مِنَ الفِعْلِ بِصِيغَةِ لا تَفْعَلْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب