الباحث القرآني

قوله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ، فأعلم الله تعالى أن عدة الشهور للمسلمين التي يعدون: اثنا عشر شهرا على منازل القمر، فجعل حجهم وأعيادهم وصيامهم على هذا العدد. فالحج والصوم يكون مرة في الشتاء، ومرة في الصيف. وكانت أعياد أهل الكتاب في متعبداتهم، وسنتهم على حساب دوران الشمس على كل سنة ثلاثمائة وخمسة وستين يوماً، فجعل شهور المسلمين بالأهلة، كما قال الله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة: 189] ويقال: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ، يعني: عدد الشهور التي وجبت عليكم الزكاة فيها اثنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ، يعني: في اللوح المحفوظ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، كتبها عليكم. مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، يعني: رجب وذا القعدة وذا الحجة والمحرم. ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ، يعني: ذلك الحساب المستقيم، لا يزاد ولا ينقص. وقال مقاتل بن حبان: ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ يعني: ذلك القضاء البيِّن، وهكذا قال الضحاك. ثم قال: فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ، قال بعضهم: في الأربعة أشهر، وقال قتادة: الظلم في الشهر الحرام أعظم وزراً مما سوى ذلك، وإنْ كان الظلم على كل حال غير جائز، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء. ويقال: فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ، يعني: في هذه الاثني عشر شهراً، ويقال: هو على وجه التقديم: إِنَّ عِدَّةَ الشهور عِندَ الله اثنا عَشَرَ شَهْراً، فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ، منها أربعة حرم، يعني: وخاصة في الأربعة أشهر. ثم قال: وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً، يعني: جميعاً في الشهر الحرام وغيره. وكان القتال في الشهر الحرام محرماً، فنسخ بهذه الآية وصار مباحاً في جميع الشهور. وقال بعضهم: هو غير مباح، ومعنى هذه الآية: وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً إن قاتلوكم في الشهر الحرام، وإن لم يقاتلوكم فلا يجوز. والقول الأول أصح، لأن النبيّ ﷺ قد حاصر الطائف في الشهر الحرام، ثم فتحها بعد ما مضى الشهر الحرام، فلو كان القتال حراماً لم يحاصرهم في الشهر الحرام. ثم قال: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ، يعني: معينهم وناصرهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب