الباحث القرآني
فِيهَا ثَمَانِ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمُوا أَنَارَ اللَّهُ أَفْئِدَتَكُمْ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَزَيَّنَهَا بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَرَتَّبَ فِيهَا النُّورَ وَالظُّلْمَةَ، وَرَكَّبَ عَلَيْهَا الْمَصَالِحَ الدُّنْيَوِيَّةَ وَالْعِبَادَاتِ الدِّينِيَّةَ، وَأَحْكَمَ الشُّهُورَ وَالْأَعْوَامَ، وَنَظَّمَ بِالْكُلِّ مِنْ ذَلِكَ مَا خَلَقَ مِنْ مَصْلَحَةٍ وَمَنْفَعَةٍ، وَعِبَادَةٍ وَطَاعَةٍ، وَعَلِمَ ذَلِكَ النَّاسُ أَوَّلًا وَآخِرًا، ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً؛ فَقَالَ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران: 190] إلَى: الْأَلْبَابِ.
وَقَالَ: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً} [يونس: 5] إلَى: بِالْحَقِّ.
فَأَخَذَ كُلُّ فَرِيقٍ ذَلِكَ فَاضْطَرَبُوا فِي تَفْصِيلِهِ، فَقَالَ الرُّومُ: السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، وَالشُّهُورُ مُخْتَلِفَةٌ؛ شَهْرٌ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَشَهْرٌ ثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَشَهْرٌ وَاحِدٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا.
وَقَالَ الْفُرْسُ: الشُّهُورُ كُلُّهَا ثَلَاثُونَ يَوْمًا، إلَّا شَهْرًا وَاحِدًا، فَإِنَّهُ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا.
وَقَالَتْ الْقِبْطُ بِقَوْلِهَا: إنَّ الشَّهْرَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا، إلَّا أَنَّهُ إذَا كَمُلَ الْعَامُ أَلْغَتْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ تُنْسِئَهَا بِزَعْمِهَا.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ عَامٍ مِنْ رُبْعِ يَوْمٍ مَزِيدًا عَلَى الْعَامِ، ثُمَّ يَجْتَمِعُ مِنْهُ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ يَوْمٌ فَيُكْبَسُ أَيْ يُلْغَى، وَيُزَادُ فِي الْعَدَدِ، وَيُسْتَأْنَفُ الْعَامُ بَعْدَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ قَصْدًا لِتَرْتِيبِ الْمَصَالِحِ وَالْمَنَافِعِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: تَحْقِيقُ الْقَوْلِ: إنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّنَةَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْبُرُوجَ فِي السَّمَاءِ اثْنَيْ عَشَرَ بُرْجًا، وَرَتَّبَ فِيهَا سَيْرَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَجَعَلَ مَسِيرَ الْقَمَرِ، وَقَطْعَهُ لَلْفَلَكِ فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَجَعَلَ سَيْرَ الشَّمْسِ فِيهَا، وَقَطْعَهُ فِي كُلِّ عَامٍ، وَيَتَقَابَلَانِ فِي الِاسْتِعْلَاءِ فَيَعْلُو الْقَمَرُ إلَى الِاسْتِوَاءِ، وَتَسْفُلُ الشَّمْسُ، وَتَعْلُو الشَّمْسُ، وَيَسْفُلُ الْقَمَرُ، وَهَكَذَا عَلَى الْأَزْمِنَةِ الْأَرْبَعَةِ، وَفِي الشُّهُورِ الِاثْنَيْ عَشَرَ، وَجَعَلَ عَدَدَ أَيَّامِ السَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ رُبْعَ يَوْمٍ وَأَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ يَوْمًا وَثَلَاثَمِائَةِ يَوْمٍ، وَجَعَلَ أَيَّامَ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ رُبْعَ يَوْمٍ وَخَمْسَةً وَسِتِّينَ يَوْمًا وَثَلَاثَمِائَةِ يَوْمٍ؛ فَرَكَّبَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذَا مَسْأَلَةً، وَهِيَ إذَا قَالَ: لَا أُكَلِّمُهُ الشُّهُورَ، فَلَا يُكَلِّمُهُ حَوْلًا مُجْرِمًا: كَامِلًا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ} [التوبة: 36].
وَقِيلَ: لَا يُكَلِّمُهُ أَبَدًا.
وَأَرَى إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَنْ يَقْضِيَ ذَلِكَ بِثَلَاثَةِ شُهُورٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ بِيَقِينِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ صِيغَةُ فُعُولٍ فِي جَمْعِ فَعْلٍ.
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ جَعَلَ سَنَةً مِنْ السَّنِينِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِقْدَارَ مَا يَجْتَمِعُ مِنْ الْكَسْرِ فِي الزِّيَادَةِ فَيَلْغُونَ مِنْهُ شَهْرًا فِي سَنَةٍ، وَقَصْدُهُمْ بِذَلِكَ كُلِّهِ أَلَّا تَغَيَّرَ الشُّهُورُ عَنْ أَوْقَاتِهَا الَّتِي تَجْرِي عَلَيْهَا فِي الْأَزْمِنَةِ الْأَرْبَعَةِ: الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَالْقَيْظِ وَالْخَرِيفِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: مِمَّا ضَلَّ فِيهِ جُهَّالُ الْأُمَمِ أَنَّهُمْ وَضَعُوا صَوْمَهُمْ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ وَضْعُ الشَّرِيعَةِ الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ أَنْ يَكُونَ بِالْأَهِلَّةِ حَتَّى يَخِفَّ تَارَةً وَيَثْقُلَ أُخْرَى، حَتَّى يَعُمَّ الِابْتِلَاءُ الْجِهَتَيْنِ جَمِيعًا؛ فَيَخْتَلِفَ الْحَالُ فِيهِ عَلَى الْوَاحِدِ.
وَالنَّفْسُ كَثِيرًا مَا تَسْكُنُ إلَى ذَلِكَ أَوْ يَخْتَلِفُ فِيهِ الْحَالُ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَالْأَمَةِ لِذَلِكَ الْمَعْنَى أَيْضًا.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى فِي كِتَابِ اللَّهِ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى {فِي كِتَابِ اللَّهِ} [التوبة: 36]: يُرِيدُ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ. فَقَالَ لَهُ: اُكْتُبْ فَكَتَبَ مَا يَكُونُ إلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ؛ فَعَلِمَ اللَّهُ مَا يَكُونُ فِي الْأَزَلِ، ثُمَّ كَتَبَهُ، ثُمَّ خَلَقَهُ كَمَا عَلِمَ وَكَتَبَ».؛ فَانْتَظَمَ الْعِلْمُ وَالْكِتَابُ وَالْخَلْقُ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْله تَعَالَى {يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [التوبة: 36]: مُتَعَلِّقٌ بِالْمَصْدَرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {كِتَابِ اللَّهِ} [التوبة: 36]، كَمَا أَنَّ حَرْفَ الْجَرِّ مِنْ قَوْلِهِ: فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَهُوَ: فِي، لَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ عِدَّةَ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ قَدْ حَالَ بَيْنَهُمَا، وَلَكِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٍ لِلْخَبَرِ، كَأَنَّهُ قَالَ مَعْدُودَةً أَوْ مُؤَدَّاةً أَوْ مَكْتُوبَةً فِي كِتَابِ اللَّهِ، كَقَوْلِك: زَيْدٌ فِي الدَّارِ، وَذَلِكَ مُبَيَّنٌ فِي مَلْجَئَةِ الْمُتَفَقِّهِينَ ".
[مَسْأَلَة مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْله تَعَالَى {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: 36]: وَهِيَ: رَجَبٌ الْفَرْدُ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ.
ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ؛ وَرَجَبٌ». وَفِي رِوَايَةٍ: «وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ».
وَقَوْلُهُ: {حُرُمٌ} [التوبة: 36] جَمْعُ حَرَامٍ، كَأَنَّهُ يُوجِدُ احْتِرَامَهَا بِمَا مَنَعَ فِيهَا مِنْ الْقِتَالِ، وَأَوْقَعَ فِي قُلُوبِ النَّاسِ لَهَا مِنْ التَّعْظِيمِ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " رَجَبُ مُضَرَ " فَبِمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ بَعْضَ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، وَأَحْسِبُهُ مِنْ رَبِيعَةَ، كَانُوا يُحَرِّمُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَيُسَمُّونَهُ رَجَبَ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَخْصِيصَهُ بِالْبَيَانِ بِاقْتِصَارِ مُضَرَ عَلَى تَحْرِيمِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ: «وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ».
وَذَلِكَ كُلُّهُ بَيَانٌ لِتَحْقِيقِ الْحَالِ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى رَفْعِ مَا كَانَ وَقَعَ فِيهَا مِنْ الِاخْتِلَالِ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36]: فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا تَظْلِمُوا أَنْفُسَكُمْ فِي الشُّهُورِ كُلِّهَا.
وَقِيلَ فِي الثَّانِي: الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ.
وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالظُّلْمِ عَلَى قَوْلَيْنِ أَيْضًا: أَحَدُهُمَا: لَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ بِتَحْلِيلِهِنَّ.
وَقِيلَ: بِارْتِكَابِ الذُّنُوبِ فِيهِنَّ؛ فَإِنَّ اللَّهَ إذَا عَظَّمَ شَيْئًا مِنْ جِهَةٍ صَارَتْ لَهُ حُرْمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِذَا عَظَّمَهُ مِنْ جِهَتَيْنِ أَوْ مِنْ جِهَاتٍ صَارَتْ حُرْمَتُهُ مُتَعَدِّدَةً بِعَدَدِ جِهَاتِ التَّحْرِيمِ، وَيَتَضَاعَفُ الْعِقَابُ بِالْعَمَلِ السُّوءِ فِيهَا، كَمَا ضَاعَفَ الثَّوَابَ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ فِيهَا؛ فَإِنَّ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ فِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَيْسَ كَمَنْ أَطَاعَهُ فِي شَهْرٍ حَلَالٍ فِي بَلَدٍ حَلَالٍ فِي بُقْعَةٍ حَلَالٍ.
وَكَذَلِكَ الْعِصْيَانُ وَالْعَذَابُ مِثْلُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالْحَالَيْنِ وَالصِّفَتَيْنِ؛ وَذَلِكَ كُلُّهُ بِحُكْمِ اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ.
وَقَدْ أَشَارَ تَعَالَى إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: 30] لِعِظَمِهِنَّ وَشَرَفِهِنَّ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.
[مَسْأَلَة كَيْفَ جَعَلَ بَعْضَ الْأَزْمِنَةِ أَعْظَمَ حُرْمَةً مِنْ بَعْضٍ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: فَإِنْ قِيلَ: وكَيْفَ جَعَلَ بَعْضَ الْأَزْمِنَةِ أَعْظَمَ حُرْمَةً مِنْ بَعْضٍ؟ قُلْنَا: عَنْهُ جَوَابَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْبَارِيَ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، لَيْسَ عَلَيْهِ حَجْرٌ، وَلَا لِعَمَلِهِ عِلَّةٌ؛ بَلْ كُلُّ ذَلِكَ بِحِكْمَةٍ، وَقَدْ يَظْهَرُ لِلْخَلْقِ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِيهِ، وَقَدْ يَخْفَى.
الثَّانِي: أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ النَّفْسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى اقْتِضَاءِ الشَّهَوَاتِ، فَلَمَّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ تَكَالِيفُ الْمُحَرَّمَاتِ جَعَلَ بَعْضَهَا أَغْلَظَ مِنْ بَعْضٍ، لِيُعْتَادَ بِكَفِّهَا عَنْ الْأَخَفِّ، الْكَفُّ عَنْ الْأَغْلَظِ، وَيَجْعَلُ بَعْضَ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ أَعْظَمَ حُرْمَةً مِنْ بَعْضٍ؛ لِيُعْتَادَ فِي الْخَفِيفِ الِامْتِثَالُ، فَيَسْهُلَ عَلَيْهِ فِي الْغَلِيظِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة أَوَّل الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ]
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَوَّلِ هَذِهِ الْأَشْهُرِ [الْحُرُمِ]؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَوَّلُهَا الْمُحَرَّمُ وَآخِرُهَا ذُو الْحِجَّةِ، لِأَنَّهُ عَلَى تَقْرِيرِ شُهُورِ الْعَامِ، الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ.
الثَّانِي: أَنَّ أَوَّلَهَا رَجَبٌ، وَآخِرُهَا الْمُحَرَّمُ مَعْدُودَةً مِنْ عَامَيْنِ؛ لِأَنَّ رَجَبًا لَهُ فَضْلُ الْإِفْرَادِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ أَوَّلَهَا ذُو الْقَعْدَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ التَّوَالِيَ دُونَ التَّقْطِيعِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَعْدَادِهَا: «ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ؛ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ». وَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ مِنْ رِوَايَةِ الصَّحِيحِ.فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 29] إلَى قَوْلِهِ: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [التوبة: 29].
وَقَالَ هَاهُنَا: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36]: يَعْنِي مُحِيطِينَ بِهِمْ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَحَالَةٍ، فَمَنَعَهُمْ ذَلِكَ مِنْ الِاسْتِرْسَالِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى {كَافَّةً} [التوبة: 36]: مَصْدَرُ حَالٍ، وَوَزْنُهُ فَاعِلَةً، وَهُوَ غَرِيبٌ فِي الْمَصَادِرِ، كَالْعَافِيَةِ وَالْعَاقِبَةِ، اُشْتُقَّ مِنْ كِفَّةِ الشَّيْءِ، وَهُوَ حَرْفُهُ الَّذِي لَا يَبْقَى بَعْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ عَامَّةً وَخَاصَّةً، وَلَا يُثَنَّى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُجْمَعُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ الطَّبَرِيُّ: مَعْنَاهُ مُؤْتَلِفِينَ غَيْرَ مُخْتَلِفِينَ، فَرُدَّ ذَلِكَ إلَى الِاعْتِقَادِ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْفِعْلِ وَالِاعْتِقَادِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 36]: يَعْنِي بِالنَّصْرِ وَعْدًا مَرْبُوطًا بِالتَّقْوَى، فَإِنَّمَا تَنْصُرُونَ بِأَعْمَالِكُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
{"ayah":"إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثۡنَا عَشَرَ شَهۡرࣰا فِی كِتَـٰبِ ٱللَّهِ یَوۡمَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ مِنۡهَاۤ أَرۡبَعَةٌ حُرُمࣱۚ ذَ ٰلِكَ ٱلدِّینُ ٱلۡقَیِّمُۚ فَلَا تَظۡلِمُوا۟ فِیهِنَّ أَنفُسَكُمۡۚ وَقَـٰتِلُوا۟ ٱلۡمُشۡرِكِینَ كَاۤفَّةࣰ كَمَا یُقَـٰتِلُونَكُمۡ كَاۤفَّةࣰۚ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق