الباحث القرآني
﴿إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا في كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ مِنها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أنْفُسَكم وقاتِلُوا المُشْرِكِينَ كافَّةً كَما يُقاتِلُونَكم كافَّةً واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقِينَ﴾ كانَتِ العَرَبُ لا عَيْشَ لِأكْثَرِها إلّا مِنَ الغاراتِ وأعْمالِ سِلاحِها، فَكانَتْ إذا تَوالَتْ عَلَيْهِمُ الأرْبَعَةُ الحُرُمُ صَعُبَ عَلَيْها وأمْلَقُوا، وكانَ بَنُو فُقَيْمٍ مِن كِنانَةَ أهْلَ دِينٍ وتَمَسُّكٍ بِشَرْعِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فانْتُدِبَ مِنهُمُ القَلَمَّسُ وهو حُذَيْفَةُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ فُقَيْمٍ فَنَسَأ (p-٣٨)الشُّهُورَ لِلْعَرَبِ، ثُمَّ خَلَفَهُ عَلى ذَلِكَ ابْنُهُ عَبّادٌ، ثُمَّ ابْنُهُ قَلَعٌ، ثُمَّ ابْنُهُ أُمَيَّةُ، ثُمَّ ابْنُهُ عَوْفٌ، ثُمَّ ابْنُهُ جُنادَةُ بْنُ عَوْفٍ، وعَلَيْهِ قامَ الإسْلامُ. وكانَتِ العَرَبُ إذا فَرَغَتْ مَن حَجَّها جاءَ إلَيْهِ مَن شاءَ مِنهم مُجْتَمِعِينَ فَقالُوا: أنْسِئْنا شَهْرًا؛ أيْ: أخِّرْ عَنّا حُرْمَةَ المُحَرَّمِ فاجْعَلْها في صَفَرٍ، فَيُحِلُّ لَهُمُ المُحَرَّمَ، فَيُغِيرُونَ فِيهِ ويَعِيشُونَ. ثُمَّ يَلْزَمُونَ حُرْمَةَ صَفَرٍ لِيُوافِقُوا عِدَّةَ الأشْهُرِ الأرْبَعَةِ، ويُسَمُّونَ ذَلِكَ الصَّفَرَ المُحَرَّمَ، ويُسَمُّونَ رَبِيعًا الأوَّلَ صَفَرًا، ورَبِيعًا الآخَرَ رَبِيعًا الأوَّلَ، وهَكَذا في سائِرِ الشُّهُورِ يَسْتَقْبِلُونَ نَسِيئَهم في المُحَرَّمِ المَوْضُوعِ لَهم، فَيَسْقُطُ عَلى هَذا حُكْمُ المُحَرَّمِ الَّذِي حُلِّلَ لَهم، وتَجِيءُ السَّنَةُ مِن ثَلاثَةَ عَشَرَ شَهْرًا أوَّلُها المُحَرَّمُ المُحَلَّلُ، ثُمَّ المُحَرَّمُ الَّذِي هو في الحَقِيقَةِ صَفَرٌ، ثُمَّ اسْتِقْبالُ السَّنَةِ كَما ذَكَرْنا.
قالَ مُجاهِدٌ: ثُمَّ كانُوا يَحُجُّونَ في كُلِّ عامٍ شَهْرَيْنِ ولاءً، وبَعْدَ ذَلِكَ يُبَدِّلُونَ فَيَحُجُّونَ عامَيْنِ ولاءً، ثُمَّ كَذَلِكَ حَتّى كانَتْ حَجَّةَ أبِي بَكْرٍ في ذِي القَعْدَةِ حَقِيقَةً، وهم يُسَمُّونَهُ ذا الحِجَّةِ، ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَنَةَ عَشْرٍ في ذِي الحِجَّةِ حَقِيقَةً، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: «إنَّ الزَّمانَ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ والأرْضَ، السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا، أرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ذُو القَعْدَةِ وذُو الحِجَّةِ والمُحَرَّمُ ورَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمادى وشَعْبانَ» .
ومُناسَبَةُ هَذِهِ الآيَةِ أنَّهُ لَمّا ذَكَرَ أنْواعًا مِن قَبائِحِ أهْلِ الشِّرْكِ وأهْلِ الكِتابِ، ذَكَرَ أيْضًا نَوْعًا مِنهُ؛ وهو تَغْيِيرُ العَرَبِ أحْكامَ اللَّهِ تَعالى؛ لِأنَّهُ حَكَمَ في وقْتٍ بِحُكْمٍ خاصٍّ، فَإذا غَيَّرُوا ذَلِكَ الوَقْتَ فَقَدْ غَيَّرُوا حُكْمَ اللَّهِ. والشُّهُورُ: جَمْعُ كَثْرَةٍ لَمّا كانَتْ أزْيَدَ مِن عَشَرَةٍ، بِخِلافِ قَوْلِهِ: ”الحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ“ فَجاءَ بِلَفْظِ جَمْعِ القِلَّةِ، والمَعْنى: شُهُورُ السَّنَةِ القَمَرِيَّةِ؛ لِأنَّهم كانُوا يُؤَرِّخُونَ بِالسَّنَةِ القَمَرِيَّةِ لا الشَّمْسِيَّةِ، تَوارَثُوهُ عَنْ إسْماعِيلَ وإبْراهِيمَ. ومَعْنى (عِنْدَ اللَّهِ) أيْ في حُكْمِهِ وتَقْدِيرِهِ كَما تَقُولُ: هَذا عِنْدَ أبِي حَنِيفَةَ. وقِيلَ: التَّقْدِيرُ عِدَّةُ الشُّهُورِ الَّتِي تُسَمّى سَنَةً اثْنا عَشَرَ؛ لِأنَّهم جَعَلُوا أشْهُرَ العامِ ثَلاثَةَ عَشَرَ.
وقَرَأ ابْنُ القَعْقاعِ وهُبَيْرَةُ عَنْ حَفْصٍ: بِإسْكانِ العَيْنِ مَعَ إثْباتِ الألِفِ، وهو جَمْعٌ بَيْنَ ساكِنَيْنِ عَلى غَيْرِ حَدِّهِ، كَما رُوِيَ: التَقَتْ حَلْقَتا البِطانِ بِإثْباتِ ألِفِ حَلْقَتا. وقَرَأ طَلْحَةُ بِإسْكانِ الشِّينِ، وانْتَصَبَ (شَهْرًا) عَلى التَّمْيِيزِ المُؤَكِّدِ كَقَوْلِكَ: عِنْدِي مِنَ الرِّجالِ عِشْرُونَ رَجُلًا. ومَعْنى (في كِتابِ اللَّهِ) قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: هو اللَّوْحُ المَحْفُوظُ. وقِيلَ: في إيجابِ اللَّهِ. وقِيلَ: في حُكْمِهِ. وقِيلَ: في القُرْآنِ؛ لِأنَّ السَّنَةَ المُعْتَبَرَةَ في هَذِهِ الشَّرِيعَةِ هي السَّنَةُ القَمَرِيَّةُ، وهَذا الحُكْمُ في القُرْآنِ. قالَ تَعالى: ﴿والقَمَرَ نُورًا وقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ والحِسابَ﴾ [يونس: ٥]، وقالَ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هي مَواقِيتُ لِلنّاسِ والحَجِّ﴾ [البقرة: ١٨٩] قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: أيْ فِيما كَتَبَهُ وأثْبَتَهُ في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ وغَيْرِهِ، فَهي صِفَةُ فِعْلٍ مِثْلُ خَلْقِهِ ورِزْقِهِ، ولَيْسَ بِمَعْنى قَضائِهِ وتَقْدِيرِهِ؛ لِأنَّ تِلْكَ هي قَبْلَ خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ انْتَهى. (وعِنْدَ اللَّهِ) مُتَعَلِّقٌ بِـ (عِدَّةَ) . وقالَ الحَوْفِيُّ: (في كِتابِ اللَّهِ) مُتَعَلِّقٌ بِـ (عِدَّةَ)، ﴿يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ﴾ مُتَعَلِّقٌ أيْضًا بِـ (عِدَّةَ) . وقالَ أبُو عَلِيٍّ: لا يَجُوزُ أنْ يَتَعَلَّقَ قَوْلُهُ (في كِتابِ اللَّهِ) بِـ (عِدَّةَ)؛ لِأنَّهُ يَقْتَضِي الفَصْلَ بَيْنَ الصِّلَةِ والمَوْصُولِ بِالخَبَرِ الَّذِي هو ﴿اثْنا عَشَرَ شَهْرًا﴾، ولِأنَّهُ لا يَجُوزُ، انْتَهى. وهو كَلامٌ صَحِيحٌ. وقالَ أبُو البَقاءِ: (عِدَّةَ) مَصْدَرٌ مِثْلُ العَدَدِ، و﴿فِي كِتابِ اللَّهِ﴾ صِفَةٌ لاثْنا عَشَرَ، و(يَوْمَ) مَعْمُولٌ لِـ (كِتابِ) عَلى أنْ يَكُونَ مَصْدَرًا لا جُثَّةً، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ جُثَّةً، ويَكُونُ العامِلُ في (يَوْمَ) مَعْنى الِاسْتِقْرارِ، انْتَهى. وقِيلَ: انْتَصَبَ (يَوْمَ) بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ؛ أيْ: كُتِبَ ذَلِكَ يَوْمَ خَلْقِ السَّماواتِ، ولَمّا كانَتْ أشْياءُ تُوصَفُ بِكَوْنِها عِنْدَ اللَّهِ ولا يُقالُ فِيها أنَّها مَكْتُوبَةٌ في كِتابِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ﴾ [لقمان: ٣٤] جَمَعَ هُنا بَيْنَهُما، إذْ لا تَعارُضَ. والضَّمِيرُ في (مِنها) عائِدٌ عَلى (اثْنا عَشَرَ)؛ لِأنَّهُ أقْرَبُ، لا عَلى الشُّهُورِ، وهي في مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِاثْنا عَشَرَ، أوْ في مَوْضِعِ الحالِ مِن ضَمِيرِ في (مُسْتَقِرٌّ) .
و(أرْبَعَةٌ حُرُمٌ) سُمِّيَتْ حُرُمًا؛ لِتَحْرِيمِ القِتالِ فِيها، أوْ لِتَعْظِيمِ انْتِهاكِ المَحارِمِ فِيها. وتَسْكِينُ الرّاءِ لُغَةٌ. وذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ بَعْضِهِمْ أنَّها الأشْهُرُ الَّتِي أُجِّلَ المُشْرِكُونَ فِيها (p-٣٩)أنْ يَسِيحُوا، والصَّحِيحُ أنَّها رَجَبٌ، وذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ، والمُحَرَّمِ. وأوَّلُها عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ العُلَماءِ رَجَبٌ، فَيَكُونُ مِن سَنَتَيْنِ. وقالَ قَوْمٌ: أوَّلُها المُحَرَّمُ، فَيَكُونُ مِن سَنَةٍ واحِدَةٍ.
﴿ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ﴾؛ أيْ: القَضاءُ المُسْتَقِيمُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. وقِيلَ: العَدَدُ الصَّحِيحُ. وقِيلَ: الشَّرْعُ القَوِيمُ، إذْ هو دِينُ إبْراهِيمَ.
﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أنْفُسَكُمْ﴾، الضَّمِيرُ في (فِيهِنَّ) عائِدٌ عَلى الِاثْنا عَشَرَ شَهْرًا، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والمَعْنى: لا تَجْعَلُوا حَلالًا حَرامًا، ولا حَرامًا حَلالًا كَفِعْلِ النَّسِيءِ. ويُؤَيِّدُهُ كَوْنُ الظُّلْمِ مَنهِيًّا عَنْهُ في كُلِّ وقْتٍ لا يَخْتَصُّ بِالأرْبَعِ الحُرُمِ. وقالَ قَتادَةُ والفَرّاءُ: هو عائِدٌ عَلى الأرْبَعَةِ الحُرُمِ، نَهى عَنِ المَظالِمِ فِيها تَشْرِيفًا لَها وتَعْظِيمًا بِالتَّخْصِيصِ بِالذِّكْرِ، وإنْ كانَتِ المَظالِمُ مَنهِيًّا عَنْها في كُلِّ زَمانٍ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ﴾؛ أيْ: في الأشْهُرِ الحُرُمِ، أيْ: تَجْعَلُوا حَرامَها حَلالًا. وعَنْ عَطاءٍ الخُراسانِيِّ: أحَلَّتِ القِتالَ في الأشْهُرِ الحُرُمِ بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ. وقِيلَ: مَعْناهُ لا تَأْثَمُوا فِيهِنَّ بَيانًا لِعِظَمِ حُرْمَتِهِنَّ، كَما عُظِّمَ أشْهُرُ الحَجِّ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلا رَفَثَ ولا فُسُوقَ ولا جِدالَ في الحَجِّ﴾ [البقرة: ١٩٧] وإنْ كانَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا في سائِرِ الشُّهُورِ. انْتَهى. ويُؤَيِّدُ عَوْدَهُ عَلى الأرْبَعَةِ الحُرُمِ كَوْنُها أقْرَبَ مَذْكُورٍ، وكَوْنُ الضَّمِيرِ جاءَ بِلَفْظِ (فِيهِنَّ)، ولَمْ يَجِئْ بِلَفْظِ فِيها كَما جاءَ ﴿مِنها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾؛ لِأنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ في عِلْمِ العَرَبِيَّةِ أنَّ الهاءَ تَكُونُ لِما زادَ عَلى العَشَرَةِ تُعامَلُ في الضَّمِيرِ مُعامَلَةَ الواحِدَةِ المُؤَنَّثَةِ فَتَقُولُ: الجُذُوعُ انْكَسَرَتْ، وأنَّ النُّونَ والهاءَ والنُّونَ لِلْعَشَرَةِ فَما دُونَها إلى الثَّلاثَةِ، تَقُولُ: الأجْذاعُ انْكَسَرْنَ، هَذا هو الصَّحِيحُ. وقَدْ يُعْكَسُ قَلِيلًا فَتَقُولُ: الجُذُوعُ انْكَسَرْنَ، والأجْذاعُ انْكَسَرَتْ، والظُّلْمُ بِالمَعاصِي أوْ بِالنَّسِيءِ في تَحْلِيلِ شَهْرٍ مُحَرَّمٍ وتَحْرِيمِ شَهْرٍ حَلّالٍ، أوْ بِالبُداءَةِ بِالقِتالِ، أوْ بِتَرْكِ المَحارِمِ لِعَدَدِكم، أقْوالٌ. وانْتَصَبَ (كافَّةً) عَلى الحالِ مِنَ الفاعِلِ أوْ مِنَ المَفْعُولِ، ومَعْناهُ جَمِيعًا. ولا يُثَنّى، ولا يُجْمَعُ، ولا تَدْخُلُهُ ألْ، ولا يُتَصَرَّفُ فِيها بِغَيْرِ الحالِ. وتَقَدَّمَ بَسْطُ الكَلامِ فِيها في قَوْلِهِ: ﴿ادْخُلُوا في السِّلْمِ كافَّةً﴾ [البقرة: ٢٠٨] فَأغْنى عَنْ إعادَتِهِ. والمَعِيَّةُ بِالنَّصْرِ والتَّأْيِيدِ، وفي ضِمْنِهِ الأمْرُ بِالتَّقْوى والحَثُّ عَلَيْها.
﴿إنَّما النَّسِيءُ زِيادَةٌ في الكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عامًا ويُحَرِّمُونَهُ عامًا لِيُواطِئُوا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهم سُوءُ أعْمالِهِمْ واللَّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الكافِرِينَ﴾: يُقالُ: نَسَأهُ وأنْسَأهُ إذا أخَّرَهُ، حَكاهُ الكِسائِيُّ. قالَ الجَوْهَرِيُّ وأبُو حاتِمٍ: النَّسِيءُ فَعِيلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ، مِن نَسَأْتُ الشَّيْءَ فَهو مَنسُوءٌ إذا أخَّرْتُهُ، ثُمَّ حُوِّلَ إلى نَسِيءٍ كَما حُوِّلَ مَقْتُولٌ إلى قَتِيلٍ. ورَجُلٌ ناسِئٌ، وقَوْمٌ نَسَأةٌ، مِثْلُ فاسِقٍ وفَسَقَةٍ. انْتَهى. وقِيلَ: النَّسِيءُ مَصْدَرٌ مِن أنْسَأ، كالنَّذِيرِ مِن أنْذَرَ، والنَّكِيرُ مِن أنْكَرَ، وهو ظاهِرُ قَوْلِ الزَّمَخْشَرِيِّ؛ لِأنَّهُ قالَ: النَّسِيءُ تَأْخِيرُ حُرْمَةِ الشَّهْرِ إلى شَهْرٍ آخَرَ. وقالَ الطَّبَرِيُّ: النَّسِيءُ بِالهَمْزِ مَعْناهُ الزِّيادَةُ انْتَهى. فَإذا قُلْتَ: أنْسَأ اللَّهُ أجَلَهُ بِمَعْنى أخَّرَ، لَزِمَ مِن ذَلِكَ الزِّيادَةُ في الأجَلِ، فَلَيْسَ النَّسِيءُ مُرادِفًا لِلزِّيادَةِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ مُنْفَرِدًا عَنْها في بَعْضِ المَواضِعِ. وإذا كانَ النَّسِيءُ مَصْدَرًا كانَ الإخْبارُ عَنْهُ بِمَصْدَرٍ واضِحًا، وإذا كانَ بِمَعْنى مَفْعُولٍ فَلا بُدَّ مِن إضْمارِ إمّا في النَّسِيءِ؛ أيْ: إنْ نَسَأ النَّسِيءُ، أوْ في زِيادَةٍ؛ أيْ: ذُو زِيادَةٍ. وبِتَقْدِيرِ هَذا الإضْمارِ يَرِدُ عَلى ما يَرِدُ عَلى قَوْلِهِ. ولا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ فَعِيلًا بِمَعْنى مَفْعُولٍ؛ لِأنَّهُ يَكُونُ المَعْنى: إنَّما المُؤَخَّرُ زِيادَةٌ، والمُؤَخَّرُ الشَّهْرُ، ولا يَكُونُ الشَّهْرُ زِيادَةً في الكُفْرِ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ: النَّسِيءُ مَهْمُوزًا عَلى وزْنِ فَعِيلٍ. وقَرَأ الزُّهْرِيُّ وحُمَيْدٌ وأبُو جَعْفَرَ ووَرْشٌ عَنْ نافِعٍ والحَلْوانِيُّ: النَّسِيُّ بِتَشْدِيدِ الياءِ مِن غَيْرِ هَمْزٍ، ورُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ سَهَّلَ الهَمْزَةَ بِإبْدالِها ياءً، وأدْغَمَ الياءَ فِيها، كَما فَعَلُوا في نَبِيءٍ وخَطِيئَةٍ فَقالُوا: نَبِيٌّ وخَطِّيَّةٌ بِالإبْدالِ والإدْغامِ. وفي كِتابِ اللَّوامِحِ: قَرَأ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ والزُّهْرِيُّ والأشْهَبُ: النَّسِيُّ بِالياءِ مِن غَيْرِ هَمْزٍ مِثْلُ النَّدِيُّ. وقَرَأ السُّلَمِيُّ وطَلْحَةُ والأشْهَبُ النَّسْءُ (p-٤٠)بِإسْكانِ السِّينِ. وقَرَأ مُجاهِدٌ: النَّسُوءُ عَلى وزْنِ فَعُولٍ بِفَتْحِ الفاءِ، وهو التَّأْخِيرُ. ورُوِيَتْ هَذِهِ عَنْ طَلْحَةَ والسُّلَمِيِّ. وقَوْلُ أبِي وائِلٍ: إنَّ النَّسِيءَ رَجُلٌ مِن بَنِي كِنانَةَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ. وقَوْلُ الشّاعِرِ:
؎ألَسْنا النّاسِئِينَ عَلى مَعَدٍّ شُهُورَ الحِلِّ نَجْعَلُها حَرامًا
وقالَ آخَرُ:
؎نَسَئُوا الشُّهُورَ بِها وكانُوا أهْلَها ∗∗∗ مِن قَبْلِكم والعِزُّ لَمْ يَتَحَوَّلِ
وأخْبَرَ أنَّ النَّسِيءَ زِيادَةٌ في الكُفْرِ؛ أيْ: جاءَتْ مَعَ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ؛ لِأنَّ الكافِرَ إذا أحْدَثَ مَعْصِيَةً ازْدادَ كُفْرًا. قالَ تَعالى: ﴿فَزادَتْهم رِجْسًا إلى رِجْسِهِمْ﴾ [التوبة: ١٢٥] كَما أنَّ المُؤْمِنَ إذا أحْدَثَ طاعَةً ازْدادَ إيمانًا. قالَ تَعالى: ﴿فَزادَتْهم إيمانًا وهم يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٤]، وأعادَ الضَّمِيرَ في (بِهِ) عَلى (النَّسِيءُ)، لا عَلى لَفْظِ (زِيادَةٌ) . وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ والأخَوانِ وحَفْصٌ: (يُضَلُّ)
وهُوَ مُناسِبٌ لِقَوْلِهِ: (زُيِّنَ)، وباقِي السَّبْعَةِ مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ. وابْنُ مَسْعُودٍ في رِوايَةٍ والحَسَنُ ومُجاهِدٌ وقَتادَةُ وعَمْرُو بْنُ مَيْمُونَ ويَعْقُوبُ: (يُضِلُّ)؛ أيِ اللَّهُ؛ أيْ: يُضِلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا أتْباعَهم. ورُوِيَتْ هَذِهِ القِراءَةُ عَنِ الحَسَنِ، والأعْمَشِ، وأبِي عَمْرٍو، وأبِي رَجاءٍ. وقَرَأ أبُو رَجاءٍ: يَضَلُّ بِفَتْحَتَيْنِ مِن ضَلِلْتُ بِكَسْرِ اللّامِ أضَلَّ بِفَتْحِ الضّادِ مَنقُولًا فَتْحُها مِن فَتْحَةِ اللّامِ؛ إذِ الأصْلُ أضْلَلَ. وقَرَأ النَّخَعِيُّ ومَحْبُوبٌ عَنِ الحَسَنِ: نُضِلُّ بِالنُّونِ المَضْمُومَةِ وكَسْرِ الضّادِ؛ أيْ: نُضِلُّ نَحْنُ. ومَعْنى تَحْرِيمِهِمْ عامًا وتَحْلِيلِهِمْ عامًا: لا يُرادُ أنَّ ذَلِكَ كانَ مُداوَلَةً في الشَّهْرِ بِعَيْنِهِ عامٌ حَلالٌ وعامٌ حَرامٌ. وقَدْ تَأوَّلَ بَعْضُ النّاسِ القِصَّةَ عَلى أنَّهم كانُوا إذا شَقَّ عَلَيْهِمْ تَوالِي الأشْهُرِ الحُرُمِ أحَلَّ لَهُمُ المُحَرَّمَ وحَرَّمَ صَفَرًا بَدَلًا مِنَ المُحَرَّمِ، ثُمَّ مَشَتِ الشُّهُورُ مُسْتَقِيمَةً عَلى أسْمائِها المَعْهُودَةِ، فَإذا كانَ مِن قابِلٍ حُرِّمَ المُحَرَّمُ عَلى حَقِيقَتِهِ وأُحِلَّ صَفَرٌ ومَشَتِ الشُّهُورُ مُسْتَقِيمَةً، وإنَّ هَذِهِ كانَتْ حالَ القَوْمِ.
وتَقَدَّمَ لَنا أنَّ الَّذِي انْتَدَبَ أوَّلًا لِلنَّسِيءِ القَلَمَّسُ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ وقَتادَةُ والضَّحّاكُ: الَّذِينَ شَرَعُوا النَّسِيءَ هم بَنُو مالِكٍ مِن كِنانَةَ، وكانُوا ثَلاثَةً. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: إنَّ أوَّلَ مَن فَعَلَ ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ، وهو أوَّلُ مَن سَيَّبَ السَّوائِبَ، وغَيَّرَ دِينَ إبْراهِيمَ. وقالَ الكَلْبِيُّ: أوَّلُ مَن فَعَلَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِن بَنِي كِنانَةَ يُقالُ لَهُ: نُعَيْمُ بْنُ ثَعْلَبَةَ. والمُواطَأةُ: المُوافَقَةُ، أيْ لِيُوافِقُوا العُدَّةَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، وهي الأرْبَعَةُ، ولا يُخالِفُونَها، وقَدْ خالَفُوا التَّخْصِيصَ الَّذِي هو أصْلُ الواجِبَيْنِ. والواجِبانِ هُما العَدَدُ الَّذِي هو أرْبَعَةٌ في أشْخاصِ أشْهُرٍ مَعْلُومَةٍ وهي: رَجَبٌ، وذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ والمُحَرَّمُ كَما تَقَدَّمَ. ويُقالُ: تَواطَئُوا عَلى كَذا إذا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، كَأنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنهم يَطَأُ حَيْثُ يَطَأُ صاحِبُهُ. ومِنهُ الإيطاءُ في الشِّعْرِ، وهو أنْ يَأْتِيَ في الشِّعْرِ بِقافِيَتَيْنِ عَلى لَفْظٍ واحِدٍ ومَعْنًى واحِدٍ، وهو عَيْبٌ إنْ تَقارَبَ. واللّامُ في (لِيُواطِئُوا) مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: (ويُحَرِّمُونَهُ)، وذَلِكَ عَلى طَرِيقِ الإعْمالِ. ومَن قالَ: إنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِيُحِلُّونَهُ ويُحَرِّمُونَهُ مَعًا، فَإنَّهُ يُرِيدُ مِن حَيْثُ المَعْنى، لا مِن حَيْثُ الإعْرابُ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: لِيَحْفَظُوا في كُلِّ عامٍ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ في العَدَدِ، فَأزالُوا الفَضِيلَةَ الَّتِي خَصَّ اللَّهُ بِها الأشْهُرَ الحُرُمَ وحْدَها، بِمَثابَةِ أنْ يُفْطِرَ رَمَضانَ، ويَصُومَ شَهْرًا مِنَ السَّنَةِ بِغَيْرِ مَرَضٍ أوْ سَفَرٍ انْتَهى. وقَرَأ الأعْمَشُ وأبُو جَعْفَرٍ: لِيُواطِيُوا بِالياءِ المَضْمُومَةِ لَمّا أبْدَلَ مِنَ الهَمْزَةِ ياءً عامَلَ البَدَلَ مُعامَلَةَ المُبْدَلِ مِنهُ، والأصَحُّ ضَمُّ الطّاءِ وحَذْفُ الياءِ؛ لِأنَّهُ أخْلَصَ الهَمْزَةَ ياءً خالِصَةً عِنْدَ التَّخْفِيفِ، فَسُكِّنَتْ لِاسْتِثْقالِ الضَّمَّةِ عَلَيْها، وذَهَبَتْ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، وبُدِّلَتْ كَسْرَةُ الطّاءِ ضَمَّةً؛ لِأجْلِ الواوِ الَّتِي هي ضَمِيرُ الجَماعَةِ كَما قِيلَ في رَضِيُوا: رَضُوا. وجاءَ عَنِ الزُّهْرِيِّ: لِيُواطِيُّوا بِتَشْدِيدِ الياءِ، هَكَذا التَّرْجَمَةُ عَنْهُ. قالَ صاحِبُ اللَّوامِحِ: فَإنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ شِدَّةَ بَيانِ الياءِ وتَخْلِيصِها مِنَ الهَمْزِ دُونَ التَّضْعِيفِ، فَلا أعْرِفُ وجْهَهُ انْتَهى. فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ؛ أيْ بِمُواطَأةِ العِدَّةِ وحْدَها مِن غَيْرِ تَخْصِيصِ ما حَرَّمَ اللَّهُ تَعالى مِنَ القِتالِ، أوْ مِن تَرْكِ الِاخْتِصاصِ (p-٤١)لِلْأشْهُرِ بِعَيْنِها. وقَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿زُيِّنَ لَهم سُوءُ أعْمالِهِمْ﴾ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. والأوْلى أنْ يَكُونَ المَنسُوبُ إلَيْهِ التَّزْيِينُ الشَّيْطانَ؛ لِأنَّ ما أُخْبِرَ بِهِ عَنْهم سِيقَ في المُبالَغَةِ في مَعْرِضِ الذَّمِّ. وقَرَأ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: زَيَّنَ لَهم سُوءُ بِفَتْحِ الزّايِ والياءِ والهَمْزَةِ، والأوْلى أنْ يَكُونَ زَيَّنَ لَهم ذَلِكَ الفِعْلَ سُوءُ أعْمالِهِمْ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: خَذَلَهُمُ اللَّهُ تَعالى فَحَسِبُوا أعْمالَهُمُ القَبِيحَةَ حَسَنَةً. (واللَّهُ لا يَهْدِي)؛ أيْ: لا يَلْطُفُ بِهِمْ، بَلْ يَخْذُلُهُمُ انْتَهى. وفِيهِ دَسِيسَةُ الِاعْتِزالِ. وقالَ أبُو عَلِيٍّ: لا يَهْدِيهِمْ إلى طَرِيقِ الجَنَّةِ والثَّوابِ. وقالَ الأصَمُّ: لا يَحْكُمُ لَهم بِالهِدايَةِ. وقِيلَ: لا يَفْعَلُ بِهِمْ خَيْرًا، والعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ خَيْرٍ هُدًى، وكُلَّ شَرٍّ ضَلالَةً انْتَهى. وهَذا إخْبارٌ عَمَّنْ سَبَقَ في عِلْمِهِ أنَّهم لا يَهْتَدُونَ.
{"ayahs_start":36,"ayahs":["إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثۡنَا عَشَرَ شَهۡرࣰا فِی كِتَـٰبِ ٱللَّهِ یَوۡمَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ مِنۡهَاۤ أَرۡبَعَةٌ حُرُمࣱۚ ذَ ٰلِكَ ٱلدِّینُ ٱلۡقَیِّمُۚ فَلَا تَظۡلِمُوا۟ فِیهِنَّ أَنفُسَكُمۡۚ وَقَـٰتِلُوا۟ ٱلۡمُشۡرِكِینَ كَاۤفَّةࣰ كَمَا یُقَـٰتِلُونَكُمۡ كَاۤفَّةࣰۚ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِینَ","إِنَّمَا ٱلنَّسِیۤءُ زِیَادَةࣱ فِی ٱلۡكُفۡرِۖ یُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ یُحِلُّونَهُۥ عَامࣰا وَیُحَرِّمُونَهُۥ عَامࣰا لِّیُوَاطِـُٔوا۟ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَیُحِلُّوا۟ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُۚ زُیِّنَ لَهُمۡ سُوۤءُ أَعۡمَـٰلِهِمۡۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ"],"ayah":"إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثۡنَا عَشَرَ شَهۡرࣰا فِی كِتَـٰبِ ٱللَّهِ یَوۡمَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ مِنۡهَاۤ أَرۡبَعَةٌ حُرُمࣱۚ ذَ ٰلِكَ ٱلدِّینُ ٱلۡقَیِّمُۚ فَلَا تَظۡلِمُوا۟ فِیهِنَّ أَنفُسَكُمۡۚ وَقَـٰتِلُوا۟ ٱلۡمُشۡرِكِینَ كَاۤفَّةࣰ كَمَا یُقَـٰتِلُونَكُمۡ كَاۤفَّةࣰۚ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق