الباحث القرآني
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله وَأعلم من الله مَا لَا تعلمُونَ﴾ قد بَينا الْخَبَر [الْوَارِد] فِي هَذَا بِرِوَايَة أنس. والبث: الْهم، ﴿وحزني إِلَى الله﴾ ، وروى أَنه قَالَ: يَا رب، أما ترحمني، قد أخذت مني كَذَا وَكَذَا - وَجعل يعدد - رد إِلَيّ ريحانتي (فأشمها شمة ثمَّ افْعَل) بِي مَا أردْت وَلَا أُبَالِي، فَأوحى الله - تَعَالَى - إِلَيْهِ: أَن اسكن وَفرغ روعك فسأردهما إِلَيْك. وَفِي الْآثَار المسندة عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ: بَكَى يَعْقُوب ثَمَانِينَ سنة وَمَا جف لَهُ دمع، وَلم يكن على وَجه الأَرْض أحد أكْرم على الله مِنْهُ. قَوْله: ﴿وَأعلم من الله مَا لَا تعلمُونَ﴾ يَعْنِي: أعلم من حَيَاة يُوسُف مَا لَا تعلمُونَ، وَقيل: أعلم من تَحْقِيق رُؤْيا يُوسُف مَا لَا تعلمُونَ، فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ بَكَى يَعْقُوب كل هَذَا الْبكاء وحزن هَذَا الْحزن، وَهل أُصِيب إِلَّا بفقد ولد وَاحِد، أفما كَانَ عَلَيْهِ أَن يسلم الْأَمر إِلَى الله تَعَالَى ويصبر؟ الْجَواب عَنهُ: أَنه امتحن فِي هَذَا بِمَا لم يمْتَحن بِهِ غَيره، وَلم يسْأَل عَن يُوسُف مَعَ طول الزَّمَان، وَكَانَ [ابتلاؤه] فِيهِ أَنه لم يعلم حَيَاته فيرجو رُؤْيَته، وَلم يعلم مَوته فَيسْأَل عَنهُ، وَكَانَ يُوسُف من بَين سَائِر الْإِخْوَة خص بالجمال الْكَامِل (وَالْعقل) وَحسن الْخلق وَسَائِر مَا يمِيل الْقلب إِلَيْهِ. وَرُوِيَ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه مَاتَ أَخُوهُ فَبكى عَلَيْهِ بكاء شَدِيدا فَسئلَ عَن ذَلِك؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ من لم يَجْعَل الْحزن عارا على أَهله، وَقَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله﴾ . وروى حبيب بن أبي ثَابت قَالَ: لما كبر يَعْقُوب وَطَالَ عَلَيْهِ الْحزن سقط حاجباه على عَيْنَيْهِ من الْكبر فَكَانَ يرفعهما بِخرقَة، فَدخل عَلَيْهِ بعض جِيرَانه وَقَالَ: مَا الَّذِي بلغ بك مَا بلغ وَلم تبلغ سنّ أَبِيك بعد؟ قَالَ: طول الزَّمَان وَكَثْرَة [الأحزان] ، فَبعث الله إِلَيْهِ جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - وَقَالَ: يَا يَعْقُوب، شكوتني إِلَى خلقي؟ ! فَقَالَ: خَطِيئَة فاغفرها لي يَا رب. فغفرها الله لَهُ، وَكَانَ بعد ذَلِك إِذا سُئِلَ عَن حَاله قَالَ: " إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله " وَعَن وهب بن مُنَبّه: أَن الله تَعَالَى أوحى إِلَى يَعْقُوب - عَلَيْهِ السَّلَام - فَقَالَ: أَتَدْرِي لم عاقبتك وَفرقت بَيْنك وَبَين ولدك؟ قَالَ: يَا رب لَا، فَقَالَ: لِأَنَّك ذبحت شَاة وشويتها وقترت على جَارك وأكلت وَلم تطعمه؛ وَقد روى أنس، عَن النَّبِي قَرِيبا من هَذَا أوردهُ الْحَاكِم أَبُو عبد الله. وَفِي خبر أنس: " أَن الله تَعَالَى قَالَ ليعقوب: اتخذ طَعَاما وادع إِلَيْهِ الْمَسَاكِين، فَفعل وَكَانَ بعد ذَلِك إِذا تغد أَمر من يُنَادي: من أَرَادَ الْغَدَاء فليأت يَعْقُوب، وَإِذا أفطر أَمر من يُنَادي: من أَرَادَ أَن يفْطر فليأت يَعْقُوب، فَكَانَ يتغدى مَعَه الْقَوْم الْكثير، ويتعشى مَعَه الْقَوْم الْكثير من الْمَسَاكِين ".
وَفِي الْقِصَّة: أَن سَبَب ابتلاء يَعْقُوب أَنه ذبح عجلا بَين يَدي أمهَا وَهِي تخور. وَعَن عبد الله بن يزِيد وَابْن أبي فَرْوَة: أَن يَعْقُوب - عَلَيْهِ السَّلَام - كتب كتابا إِلَى يُوسُف حِين حبس بنيامين: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من يَعْقُوب إِسْرَائِيل الله بن إِسْحَاق ذبيح الله ابْن إِبْرَاهِيم خَلِيل الله إِلَى ملك مصر أما بعد: فَإنَّا أهل بَيت (وكل) بِنَا الْبلَاء، أما جدي إِبْرَاهِيم فشدت يَدَاهُ وَرجلَاهُ وَأُلْقِي فِي النَّار فجعلهما الله عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا؛ وَأما أبي إِسْحَاق فشدت يَدَاهُ وَرجلَاهُ وَوضع السكين على حلقه فَفَدَاهُ الله بكبش، وَأما أَنا فابتليت بِفِرَاق أحب أَوْلَادِي إِلَيّ وَكنت أَتَسَلَّى بأَخيه من أمه وَقد حَبسته وَزَعَمت أَنه سرق، وَالله مَا أَنا بسارق وَلم أَلد سَارِقا فَإِن رَددته إِلَيّ وَإِلَّا دَعَوْت عَلَيْك دَعْوَة تدْرك السَّابِع من ولدك. فَلَمَّا بلغ (إِلَيْهِ الْكتاب) بَكَى بكاء شَدِيدا وَأظْهر نَفسه على مَا يرد.
{"ayah":"قَالَ إِنَّمَاۤ أَشۡكُوا۟ بَثِّی وَحُزۡنِیۤ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق