الباحث القرآني

﴿قالَ إنَّما أشْكُو بَثِّي﴾ البَثُّ في الأصْلِ إثارَةُ الشَّيْءِ وتَفْرِيقُهُ كَبَثَّ الرِّيحُ التُّرابَ واسْتُعْمِلَ في الغَمِّ الَّذِي لا يُطِيقُ صاحِبُهُ عَلَيْهِ كَأنَّهُ ثَقُلَ عَلَيْهِ فَلا يُطِيقُ حَمْلَهُ وحْدَهُ فَيُفَرِّقُهُ عَلى مَن يُعِينُهُ فَهو مَصْدَرٌ بِمَعْنى المَفْعُولِ وفِيهِ اسْتِعارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ بِمَعْنى الفاعِلِ أيِ الغَمُّ الَّذِي بَثَّ الفِكْرَ وفَرَّقَهُ وأيًّا ما كانَ فالظّاهِرُ أنَّ القَوْمَ قالُوا ما قالُوا بِطَرِيقِ التَّسْلِيَةِ والإشْكاءِ فَقالَ في جَوابِهِمْ: إنِّي لا أشْكُو ما بِي إلَيْكم أوْ إلى غَيْرِكم حَتّى تَتَصَدَّوْا لِتَسْلِيَتِي وإنَّما أشْكُو غَمِّي ﴿وحُزْنِي إلى اللَّهِ﴾ تَعالى مُتَلَجِّئًا إلى جَنابِهِ مُتَضَرِّعًا في دَفْعِهِ لَدى بابِهِ فَإنَّهُ القادِرُ عَلى ذَلِكَ وفي الخَبَرِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مِن كُنُوزِ البِرِّ إخْفاءُ الصَّدَقَةِ وكِتْمانُ المَصائِبِ والأمْراضِ ومَن بَثَّ لَمْ يَصْبِرْ» وقَرَأ الحَسَنُ وعِيسى ( حَزَنِي ) بِفَتْحَتَيْنِ وقَرَأ قَتادَةُ بِضَمَّتَيْنِ. (p-44)﴿وأعْلَمُ مِنَ اللَّهِ﴾ أيْ مِن لُطْفِهِ ورَحْمَتِهِ ﴿ما لا تَعْلَمُونَ﴾ . (86) . فَأرْجُو أنْ يَرْحَمَنِي ويَلْطُفَ بِي ولا يُخَيِّبَ رَجائِيَ فالكَلامُ عَلى حَذْفِ مُضافٍ و( مِن ) بَيانِيَّةٌ قُدِّمَتْ عَلى المُبَيَّنِ وقَدْ جَوَّزَهُ النُّحاةُ وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ ابْتِدائِيَّةً أيْ أعْلَمُ وحْيًا أوْ إلْهامًا أوْ بِسَبَبٍ مِن أسْبابِ العِلْمِ مِن جِهَتِهِ تَعالى ما تَعْلَمُونَ مِن حَياةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ. قِيلَ: إنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلِمَ ذَلِكَ مِنَ الرُّؤْيا حَسْبَما تَقَدَّمَ وقِيلَ إنَّهُ رَأى مَلَكَ المَوْتِ في المَنامِ فَأخْبَرَهُ أنَّ يُوسُفَ حَيُّ ذَكَرَهُ غَيْرُ واحِدٍ ولَمْ يَذْكُرُوا لَهُ سَنَدًا والمَرْوِيُّ عَنِ ابْنِ أبِي حاتِمٍ عَنِ النَّضْرِ أنَّهُ قالَ: بَلَغَنِي أنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ مَكَثَ أرْبَعَةً وعِشْرِينَ عامًا لا يَدْرِي يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ حَيٌّ أمْ مَيِّتٌ حَتّى تَمَثَّلَ لَهُ مَلَكُ المَوْتِ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقالَ لَهُ: مَن أنْتَ قالَ: أنا مَلَكُ المَوْتِ فَقالَ: أنْشُدُكَ بِإلَهِ يَعْقُوبَ هَلْ قَبَضْتَ رُوحَ يُوسُفَ قالَ: لا فَعِنْدَ ذَلِكَ قالَ عَلَيْهِ السَّلامُ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب