الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ إنَّما أشْكُو بَثِّي وحُزْنِي إلى اللَّهِ﴾ . أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ الإيامِيِّ قالَ: ثَلاثَةٌ لا تَذْكُرْهُنَّ واجْتَنِبْ ذِكْرَهُنَّ: لا تَشْكُ مَرَضَكَ ولا تَشْكُ مُصِيبَتَكَ ولا تُزَكِّ نَفْسَكَ، قالَ: وأُنْبِئْتُ أنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ دَخَلَ عَلَيْهِ جارٌ لَهُ فَقالَ: يا يَعْقُوبُ ما لِي أراكَ قَدِ انْهَشَمْتَ وفَنِيتَ ولَمْ تَبْلُغْ مِنَ السِّنِّ ما بَلَغَ أبُوكَ قالَ: هَشَمَنِي وأفْنانِي ما ابْتَلانِي اللَّهُ بِهِ مِن هَمِّيُوسُفَ وذِكْرِهِ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ يا يَعْقُوبُ أتَشْكُونِي إلى خَلْقِي فَقالَ: يا رَبِّ خَطِيئَةٌ أخْطَأْتُها فاغْفِرْها لِي، قالَ: فَإنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَكَ، فَكانَ بَعْدَ ذَلِكَ إذا سُئِلَ قالَ: ( ﴿إنَّما أشْكُو بَثِّي وحُزْنِي إلى اللَّهِ﴾ ) .(p-٣١١) وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسارٍ يَرْفَعُهُ إلى النَّبِيِّ ﷺ قالَ «مَن بَثَّ لَمْ يَصْبِرْ ثُمَّ قَرَأ ( ﴿إنَّما أشْكُو بَثِّي وحُزْنِي إلى اللَّهِ﴾ [يوسف»: ٨٦] ) . وأخْرَجَ ابْنُ مَندَهْ في «المَعْرِفَةِ» عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسارٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَن بَثَّ فَلَمْ يَصْبِرْ ثُمَّ قَرَأ ( ﴿إنَّما أشْكُو بَثِّي وحُزْنِي إلى اللَّهِ﴾ [يوسف»: ٨٦] ) . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَن بَثَّ لَمْ يَصْبِرْ ثُمَّ قَرَأ ( ﴿إنَّما أشْكُو بَثِّي وحُزْنِي إلى اللَّهِ﴾ [يوسف»: ٨٦] ) . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ «مَن بَثَّ لَمْ يَصْبِرْ ثُمَّ قَرَأ ( ﴿إنَّما أشْكُو بَثِّي وحُزْنِي إلى اللَّهِ﴾ [يوسف»: ٨٦] ) . وأخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ» عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مِن كُنُوزِ البَرِّ إخْفاءُ الصَّدَقَةِ وكِتْمانُ المَصائِبِ والأمْراضِ ومَن بَثَّ لَمْ يَصْبِرْ» . (p-٣١٢) وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ مِن وجْهٍ آخَرَ عَنِ العَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ قالَ: بَلَغَنِي أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «ثَلاثٌ مِن كُنُوزِ البَرِّ: كِتْمانُ الصَّدَقَةِ وكِتْمانُ المُصِيبَةِ وكِتْمانُ المَرَضِ» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في «الشُّعَبِ» وضَعَّفَهُ عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَن أصْبَحَ حَزِينًا عَلى الدُّنْيا أصْبَحَ ساخِطًا عَلى رَبِّهِ، ومَن أصْبَحَ يَشْكُو مُصِيبَةً نَزَلَتْ بِهِ فَإنَّما يَشْكُو اللَّهَ ومَن تَضَعْضَعَ لِغَنِيٍّ لِيَنالَ مِن دُنْياهُ أحْبَطَ اللَّهُ ثُلْثَيْ عَمَلِهِ، ومَن أُعْطِيَ القُرْآنَ فَدَخَلَ النّارَ فَأُبْعِدُهُ اللَّهُ» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ وضَعَّفَهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ مَرْفُوعًا. وأخْرَجَ أحْمَدُ في «الزُّهْدِ» والبَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: ثَلاثٌ مِن مِلاكِ أمْرِكَ: ألّا تَشْكُو مُصِيبَتَكَ وألّا تُحَدِّثَ بِوَجَعِكَ وألّا تُزَكِّيَ نَفْسَكَ بِلِسانِكَ. وأخْرَجَ أحْمَدُ في «الزُّهْدِ» والبَيْهَقِيُّ عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قالَ: وجَدْتُ في التَّوْراةِ أرْبَعَةَ أسْطُرٍ مُتَوالِيَةٍ: مَن شَكا مُصِيبَتَهُ فَإنَّما يَشْكُو رَبَّهُ ومَن تَضَعْضَعَ لِغَنِيِّ ذَهَبَ ثُلُثا دِينِهِ ومَن حَزِنَ عَلى ما في يَدِ غَيْرِهِ فَقَدْ سَخِطَ قَضاءَ رَبِّهِ ومَن قَرَأ كِتابَ اللَّهِ فَظَنَّ ألّا يُغْفَرَ لَهُ فَهو مِنَ المُسْتَهْزِئِينَ بِآياتِ اللَّهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا والبَيْهَقِيُّ عَنِ الحَسَنِ قالَ: مَنِ ابْتُلِيَ بِبَلاءٍ (p-٣١٣) فَكَتَمَهُ ثَلاثًا لا يَشْكُو إلى أحَدٍ أتاهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ وأحْمَدُ في «الزُّهْدِ»، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أبِي ثابِتٍ: أنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ قَدْ سَقَطَ حاجِباهُ عَلى عَيْنَيْهِ مِنَ الكِبَرِ فَكانَ يَرْفَعُهُما بِخِرْقَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: ما بَلَغَ بِكَ هَذا قالَ طُولُ الزَّمانِ وكَثْرَةُ الأحْزانِ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ يا يَعْقُوبُ أتَشْكُونِي قالَ: يا رَبِّ خَطِيئَةٌ أخْطَأْتُها فاغْفِرْ لِي. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ نَضْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ قالَ: بَلَغَنِي أنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمّا طالَ حُزْنُهُ عَلى يُوسُفَ ذَهَبَتْ عَيْناهُ مِنَ الحُزْنِ، فَجَعَلَ العُوّادُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَبِيَّ اللَّهِ كَيْفَ تَجِدُكَ فَيَقُولُ: شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ ذَهَبَ بَصَرِي، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ يا يَعْقُوبُ شَكَوْتَنِي إلى عُوّادِكَ قالَ: أيْ رَبِّ هَذا ذَنْبٌ عَمِلْتُهُ لا أعُودُ إلَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ بَعْدُ يَقُولُ: ( ﴿إنَّما أشْكُو بَثِّي وحُزْنِي إلى اللَّهِ﴾ ) . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿إنَّما أشْكُو بَثِّي﴾ ) قالَ: هَمِّي. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ في (p-٣١٤) قَوْلِهِ: ( ﴿أشْكُو بَثِّي﴾ ) قالَ: حاجَتِي. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿وأعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ ) يَقُولُ: أعْلَمُ أنَّ رُؤْيا يُوسُفَ صادِقَةٌ وأنِّي سَأسْجُدُ لَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ» عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدّادٍ قالَ: سَمِعْتُ نَشِيجَ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ وإنِّي لَفي آخِرِ الصُّفُوفِ في صَلاةِ الصُّبْحِ وهو يَقْرَأُ ( ﴿إنَّما أشْكُو بَثِّي وحُزْنِي إلى اللَّهِ﴾ ) . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، والبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أبِي وقاصٍّ قالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ العِشاءَ فَقَرَأ سُورَةَ يُوسُفَ فَلَمّا أتى عَلى ذِكْرِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ نَشَجَ حَتّى سَمِعْتُ نَشِيجَهُ وأنا في مُؤَخَّرِ الصُّفُوفِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ تَنْزِلْ بِهِ شِدَّةُ بَلاءٍ قَطُّ إلّا أتاهُ حُسْنُ ظَنِّهِ بِاللَّهِ مِن وراءِ (p-٣١٥) بَلائِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزّاقِ قالَ: بَلَغَنا أنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ قالَ: يا رَبِّ أذْهَبْتَ ولَدِي وأذْهَبْتَ بَصَرِي، قالَ: بَلى وعِزَّتِي وجَلالِي إنِّي لَأرْحَمُكَ ولَأرُدَّنَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ ووَلَدَكَ، وإنَّما ابْتَلَيْتُكَ بِهَذِهِ البَلِيَّةِ لِأنَّكَ ذَبَحْتَ جَمَلًا فَشَوَيْتَهُ فَوَجَدَ جارُكَ رِيحَهُ فَلَمْ تُنِلْهُ. وأخْرَجَ إسْحاقُ بْنُ راهُوَيْهِ في «تَفْسِيرِهِ»، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في كِتابِ «الفَرَجِ بَعْدَ الشِّدَّةِ»، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ في «الأوْسَطِ» وأبُو الشَّيْخِ والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإيمانِ» عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كانَ لِيَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ أخٌ مُؤاخٍ فَقالَ لَهُ ذاتَ يَوْمٍ: يا يَعْقُوبُ ما الَّذِي أذْهَبَ بَصَرَكَ وما الَّذِي قَوَّسَ ظَهْرَكَ قالَ: أمّا الَّذِي أذْهَبَ بَصَرِي فالبُكاءُ عَلى يُوسُفَ. وأمّا الَّذِي قَوَّسَ ظَهْرِي فالحُزْنُ عَلى بِنْيامِينَ، فَأتاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقالَ: يا يَعْقُوبُ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ يُقْرِئُكَ السَّلامَ ويَقُولُ لَكَ: ما تَسْتَحِي تَشْكُونِي إلى غَيْرِي قالَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلامُ ( ﴿إنَّما أشْكُو بَثِّي وحُزْنِي إلى اللَّهِ﴾ ) فَقالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، اللَّهُ أعْلَمُ بِما تَشْكُو يا يَعْقُوبُ، ثُمَّ قالَ يَعْقُوبُ: أما تَرْحَمُ الشَّيْخَ الكَبِيرَ أذْهَبْتَ بَصَرِي وقَوَّسْتَ ظَهْرِي فارْدُدْ عَلَيَّ رَيْحانَتِي (p-٣١٦)أشُمَّهُ شَمَّةً قَبْلَ المَوْتِ ثُمَّ اصْنَعْ بِي ما أرَدْتَ، فَأتاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقالَ: يا يَعْقُوبُ إنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلامَ ويَقُولُ لَكَ: أبْشِرْ ولْيَفْرَحْ قَلْبُكَ فَوَعِزَّتِي لَوْ كانا مَيِّتَيْنِ لَنَشَرْتُهُما لَكَ، فاصْنَعْ طَعامًا لِلْمَساكِينِ فَإنْ أحَبَّ عِبادِي إلَيَّ: الأنْبِياءُ والمَساكِينُ، وتَدْرِي لِمَ أذْهَبْتُ بَصَرَكَ وقَوَّسْتُ ظَهْرَكَ وصَنَعَ إخْوَةُ يُوسُفَ بِهِ ما صَنَعُوا إنَّكم ذَبَحْتُمْ شاةً فَأتاكم مِسْكِينٌ وهو صائِمٌ فَلَمْ تُطْعِمُوهُ مِنها شَيْئًا، فَكانَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلامُ إذا أرادَ الغَداءَ أمَرَ مُنادِيًا يُنادِي ألا مَن أرادَ الغَداءَ مِنَ المَساكِينِ فَلْيَتَغَدَّ مَعَ يَعْقُوبَ وإذا كانَ صائِمًا أمَرَ مُنادِيًا ألا مَن كانَ صائِمًا مِنَ المَساكِينِ فَلْيُفْطِرْ مَعَ يَعْقُوبَ» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب